|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  12 / 4 / 2020                                 صبيح الزهيري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

توزير الكاظمي وماذا بعد ؟

صبيح الزهيري
(موقع الناس)

دأب الاسلام السياسي على ممارسة لعبة تبادل الادوار كاسلوب مفضل لدية في ممارسة السياسة و الحكم بسبب عدم امتلاكه نظرة حداثوية لممارسة الحكم و بناء دولة . وقد يرجع ذلك بالاساس الى تقديسه للماضوية تقديم الولاء العقائدي الغيبي على الواقع المادي المتغير. وهذه هي السمة العامة لكل الاديان و الطوائف المنبثقة عنها . حيث سادت مفاهيم اللاوطنية و الفرقة و العداوة و الاحتراب و فقدان السلم الاجتماعي بين الشعوب بسبب هذا النهج منذ اقدم الازمنة.

وقد لعب الوازع النفعي الانتهازي القصير الاجل و المبتذل دورا مساعدا فعالا في هذا التوجه عند المنتمين لهذه التيارات وخاصة التيار الاسلاموي الشيعي الحاكم .

اي بالسعي للحصول على السلطة و المال باسرع ما يمكن و باية وسيلة , معتبرين ذلك نوع من الشطارة و الذكاء ، موهمين الناس البسطاء من انصارهم بان هذا سيرفع من قيمة الطائفة وشأنها .

ولعل تجربة سبعة عشر عاما كافية لان تكون دليلا مقنعا على فشل هذا الاسلوب في ادارة دفة الدولة وتوفير ابسط مقومات الحياة الكريمة لابناء الطائفة التي (يزعمون انهم يمثلونها).

لذلك انفجر الغضب الجماهيري في اكتوبر 2019 كدليل حي على هذا الفشل.

ومن ناحية اخرى فان اسلوب الاسلام السياسي الطائفي هذا وجه ضربة مميتة لتطور للنظام السياسي الديمقراطي البرلماني في العراق .

فالقابعون على السلطة لا يفهمون من الديمقراطية الا مسألة واحدة فقط ، و هي الوصول الى سدة الحكم بواسطة عدد المقاعد التي يحصلون عليها باي شكل سواء كان شرعيا او غير شرعي .

ولذلك حولوا النظام البرلماني الى عقبة كأداء بوجة تطور العملية السياسية عن استكمال مقومات البناء الديمقراطي للدولة و تعزيز دورها داخليا و دوليا .

كما وضعوا مسألة وجود العراق كدولة ذات سيادة و هيبة و سلم احتماعي في غاية من الضبابية و الشك.

وتحت هذه الظروف برزت معادلة . صعبة احلاها مر وهي:
اما ان يبقى هذا الشكل من (النظام البرلماني) سائدا, و هذا يعني التفريط بمستقبل العراق كدولة موحدة وشعب موحد واهداف اجتماعية واقتصادية موحدة .
او الانتقال الى النظام الرئاسي وربما قد تظهر امكانية عودة الدكتاتورية ثانية اليه .

طبعا باعتقادي ان النظام الدكتاتوري لا يأتي بالضرورة من وجود نظام رئاسي فقط بل ربما من عوامل اخرى ، وفي العالم امثلة كثيرة على ذلك .

كما ان الدكتاتورية لها اشكال عدة منها ما يعانبه الشعب العراقي الان (من دكتاتورية الفساد و الفوضى و فقدان السلم الاجتماعي وتفشي الفقر المدقع بين اوساط واسعة من الكادحين وشيوع الجهل و الامية و الخرافة في المجتمع ناهيك عن القتل و الاعتقال والخطف والتصفيات الجسدية للمعارضين و للكفاءات العلمية و الادبية و الفنبة و النشطاء من دعاة حقوق الانسان) .

ولذلك كانت انتفاضة اكتوبر 2019 اطول واعمق انتفاضة جماهيرية عرفها العراق منذ تأسيس الدولة العراقية في عام 1921 حيث قدم المنتقضون السلميون اكثر من 700 شهيد و اكثر من 25 الف جريح و الاف من المعوقين و مئات من المخطوفين و المغيبين من كلا الجنسين من الشباب المتعلم العاطل عن العمل و اليائس من المستقبل ,

ترى اتوجد دكتاتورية اكثر بشاعة من هذه الدكتاتورية ؟
وهل يوجد رد اكثر عمقا وابلغ صوتا من انتفاضة تشرين والتي انبثقت من اوساط المدن والقرى الشيعية حصرا ؟

وهنا جاء دور السؤال المركزي .
أذن ما هو الحل ؟
هل هو بمجرد تغيير شخوص رؤساء الوزارات فقط ؟
مع بقاء هيكل النظام الحالي بكل ادواته الفاسدة و ميليشياته الفاشية تجوب الشوارع و مع بقاء كادره الاداري الفاسد و اللاوطني في دوائر الدولة ؟
وهل هو ببقاء عرف (المكونات الطائفية و الاثنية و الدينية) على حاله و الذي مزق اللحمة العراقية اربا اربا ؟
وهل يتم ذلك بعدم وجود جيش وطني وقوات مسلحة وطنية بعيدة عن الولاءات الطائفية والاثنية والولاءات الخارجية و يكون السلاح حصرا بيده ؟
وهل بدون قاعدة صناعية و زراعية متينة تحل ولو جزئيا محل النفط ؟
وهل بدون بنى تحتية للطرق و الجسور و المواصلات و السكن و الصرف الصحي وشبكات الماء الصالح للشرب ؟ .
و هل بدون قانون للرعاية الاجتماعية و الصحية يحمي الفقراء من العوز و الفاقة ؟
و هل بدون مشروع سكني يوفر المساكن لاكثر من اربعة ملايين اسرة تعيش اغلبها في العشوائيات ؟
و هل بدون نظام صارم للكمارك و الحدود لمنع التهريب و ارفاد خزينة الدولة بالمال ؟

واخيرا و ليس اخرا : هل بدون قانون يحرم تداول الفكر الطائفي و الاثني و يجرم من يمارس هذه الثقافة ؟

اذا كانت الاجابة بالايجاب و لو على نصف هذه الاسئلة فليتقدم من يشاء لرئاسة الوزراء .
اما بدون ذلك (فعساك يا ابو زيد ما غزيت) كما يقول المثل.

ان هذا الطرح الذي يبدو متشائما له اسسه المادية و الموضوعية . فحتى لو افترضنا جدلا ان رئيس وزراء وطنيا و مؤهلا جاء الى رئاسة الوزراء فانه لن ينجح و لن يخفف من غثيان الازمة .
فالدولة العراقية اصبحت حطاما جافا قابلا للاشتعال في اية لحظة ..

وبناءُ على ذلك على الوطنيين و الديمقراطيين وكل الشرفاء و المدنيين ان يعدوا انفسهم لمرحلة نضال ساخن وطويل الامد بعيدا عن الاحلام الوردية و الامنيات النبيلة . فهذا النظام الفاسد هو الذي سيوفر المسببات الضرورية للنضال القادم بسبب ايغاله في نهج الفساد و الخراب الاجتماعي
 

12/ 04/2020

 


 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter