| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأربعاء 7 / 8 / 2024 سعد السعيدي كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
الرياضة في العراق.. والطريقة الوحيدة لوضع حد لمسلسل الفشل المستمر
سعد السعيدي
(موقع الناس)تفاجأنا كالكثيرين ممن اطلعوا على النتائج المخيبة للرياضيين العراقيين في دورة الالعاب الاولمبية المقامة في باريس. ولم يسعفنا الكوكل باجابة لدى محاولتنا معرفة تفاصيل صنوف الالعاب التي ذهب بها الوفد الرياضي الى العاصمة الفرنسية. لهذا السبب سنكتفي بالتعليق على ما وصلنا من اخبار الخيبات الرياضية والتي لوحدها تعكس مستوى الانهيار والفضيحة المتمثلة بطريقة الاعداد لحدث رياضي مثل هذا والفشل المثير للاعصاب فيه. وربما يكون استعراض الوفد العراقي في قارب حفل الافتتاح على نهر السين هو نقطة النجاح الوحيدة التي حققها هذا الوفد.
وكنا قد حلفنا باليمين بالابتعاد عن امور الرياضة وتركها وشأنها. إلا ان تبريرات البعض من المشاركين لم تترك لنا من مجال للاستمرار بالتهرب واشاحة الوجه ومحاولة تجاهل الامر. إذ انهم يتفننون في ابتكار طرق التسبب لنا بفوران الدم. وقد تكررت هذه الاستفزازات من قبلهم في كل مرة يعود رياضيينا خاسرين من مسابقات عالمية مقامة خارج البلد. نقول انه يجب العمل بجد ومثابرة للحصول على احسن النتائج، ويجب الابتعاد تماما عن دغدغة مشاعر الناس بارسال الوفود الرياضية للمشاركة في مسابقة عالمية ثم غمرهم بالتبريرات بعد الفشل فيها. فهذه الاساليب لا تجوز وتشير الى خلل ما واستخفاف بالناس. فالمشاركة بحدث رياضي عالمي يعني الذهاب للحصول على الميداليات. لا لملء الفراغات والسعي فقط لإسعاد الآخرين من الاجانب. والحصول على الميداليات هو الحصول على الاعتراف من القيمين على المباراة بنجاح الفائز في تحقيق انجاز جديد تفوق فيه على منافسيه في صنف الرياضة تلك يسجل له ولبلده. لذلك فكان يجب توقع حصول منافسات كبيرة للحصول على تلك الميداليات. وعدم الحصول على هذا الاعتراف لمرات متتالية دون المثابرة لتعويض التأخر والنقص لاحقا يشير الى وجود مشاكل كبيرة. وحسب ما وجدنا من خلال التهيئة للمقالة هو ان للعراق ميدالية اولمبية يتيمة عمرها 64 عاما. نقول لاتحاد الرياضة ووزارتها عندنا تعلموا الصراحة مع الآخرين وواجهوا الناس والمهتمين بالرياضة بشجاعة لدى حصول تلكؤ او تقاعس واعترفوا بالذنب إن كان ثمة ذنب وابعدوا الفاشلين. فهذه الاعوجاجات التي رأيناها في تبريرات البعض لا يمكن ان تستمر وتتكرر هكذا الى ما لا نهاية.
لنأخذ امر الرياضي الوحيد المشارك في سباق الركض. فهذا لدى تبريره لاسباب خروجه من دورة الالعاب هذه حينما افلح في قطف المركز الاخير في اقصر سباق الذي هو لمسافة المئة متر، قد ادعى بان مقارعة أبطال الأولمبياد والعالم صعب جدا نتيجة فارق الإمكانات ! هذا الكلام هو مما لا يجوز وهو ما نعتبره تبرير غير مقبول ومحاولة للضحك على عقولنا.. نفس كلام التبرير رأيناه مع الفريق الكروي الذي خرج من هذه الدورة بخفي حنين مع خسارتين في مجموعته مقابل فوز واحد. إذ ادعى مدربه بان فريقه قد رأى المدارس الاوروبية والامريكية والافريقية. لعله كان يريد ان يقول انه لم يكن يتوقع هذا !! ونسأله لما كان الامر بهذا الشكل، لماذا ذهبوا للمشاركة في دورة الالعاب الاولمبية هذه إذن والفريق الكروي ليس في مستوى يؤهله للحصول على نتائج مقبولة ؟
للرياضي اعلاه نقول له ولمدربه اذهبوا واطلعوا على سيرة عدائي بلدان شرق افريقيا ككينيا واثيوبيا الذين فازوا بالميداليات الذهبية في مسابقات المسافات المتوسطة والطويلة لمرات متتالية وطرق تدريبهم. فهؤلاء قد اتوا من بلدان فقيرة، لا نفطية مثل بلدنا. وليسألوا انفسهم كيف امكن لهؤلاء من الفوز مع امكانياتهم الفقيرة ؟ ايضا نشير لهما الى عداءة من جنوب افريقيا في ثمانينات القرن الماضي كانت تركض وهي حافية القدمين. وكانت وقتها قد اشتهرت عالميا الى درجة ان بريطانيا كانت قد منحتها جنسيتها لتضيف بفوزها بالميداليات الى رصيد البلد. انه من الواضح بان المشكلة عندنا تقع في مكان آخر.
ولابد ان نذكر نقطة مهمة هنا. فخلال التهيئة لهذه المقالة عثرنا على معلومات في احد المنتديات الرياضية على الشبكة جرى فيها ذكر شيئا من تاريخ الارقام القياسية العراقية في مسابقات الركض. ففيها ذكر رقما جرى تحقيقه في مسابقة دولية بداية سبعينات القرن الماضي. هذا الرقم كان اقل من الرقم الذي ذكر التوصل اليه الرياضي اعلاه بطل المركز الاخير!!
وبشأن كرة القدم نعيد سؤال اتحادها ومدرب الفريق لما كان الاخير غير مكتمل الإعداد ويعاني من المشاكل لماذا جرى ارساله الى مسابقات دورة باريس هذه ؟ فقد قرأنا في الاعلام عن وجود تسيب لدى اللاعبين وعدم انضباطهم او اطاعتهم للتوجيهات وهو امر محزن. وهو ما يعيدنا الى سنوات مضت مع مدرب اجنبي اوتي به على عجل من إحدى الدول الاوروبية ولم يتمكن من القضاء على حالات التسيب هذه. بل على العكس فقد طفحت وظهرت في الاعلام. نقول نحن بل ونطالب بوجوب القضاء اولا على هذه السخافات المزمنة واية مشاكل اخرى في المنتخبات الكروية قبل التورط بارسالها الى اية مسابقات خارج العراق. ونتساءل في ما يتعلق بالاحتكاك بباقي الفرق العربية من خارج آسيا الم تكن هناك مسابقة كروية تقام دوريا اسمها بطولة كأس العرب ؟ اين صارت هذه البطولة ولماذا جرى ايقافها ؟ لماذا يبدو وكأننا قد كتب علينا البقاء الى الابد حبيسي قفص الكرة الآسيوية ؟
لكننا نقول ايضا بانه ربما كان من الافضل في اوضاعنا الحالية غير المستقرة شطب امر المنتخب الكروي الاولمبي الذي نراه زائدا وتحويل تخصيصاته الى رياضات اخرى. إذ يمكن صرف التخصيصات هذه على احسن ما نستطيع ممارسته من رياضات وهو العاب الساحة والميدان والقوى والرمي مثلا. فالعراق كان نشطا كثيرا في صنوف الالعاب هذه في الماضي ولديه فيها خبرات متراكمة وكثيرة. وكان يطلق على احداها لقب عروس الالعاب العراقية. ولسبب لا نعلمه فشل كل من انواع هذه الالعاب في رفد الوفد الرياضي العراقي الى باريس بفريق كامل وجيد التدريب من الرياضيين. ولو انه قد جرى التركيز بدلا من كرة القدم على مثل هذه الفرق وارسالها لحصد الجوائز وليس فقط لتسجيل الارقام لكانوا قطعا قد حصلوا على الميداليات وثبتوا اسم العراق على قائمة البلدان الصاعدة في هذا المجال. وكان يمكن بعدها البناء على هذا الانجاز والاستمرار فيه بدلا من الخروج خاليي الوفاض مما صار يتكرر في كل مناسبة دولية مثل هذه. لذلك فمن الافضل برأينا العمل بهذه الطريقة. وسنكون وقطعا لن نكون الوحيدين بانتظار رؤية النتائج.