|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  30  / 3  / 2023                                 سعد السعيدي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

طرق سريعة وفعالة لكشف وازالة الالغام في العراق

سعد السعيدي
(موقع الناس)

تسببت الحروب التي مرت على العراق في انتشار الالغام في معظم ارجائه. فالحرب مع ايران قد تسببت بنشرها في المناطق الحدودية مع هذه الدولة والتي للآن لم يجر تطهيرها. وتسبب الغزو الامريكي العام 2003 في نشر القذائف غير المنفلقة في البلد. اما الحرب مع داعش فقد تسببت بنشر الالغام في المحافظات التي دارت فيها المعارك. ولا تزال هناك مناطق خطرة قرب الحدود مع الكويت والسعودية حيث زرعت ألغام وقذائف متفجرة.

نتائج كل هذه الاحداث هو تلوث آلاف الكيلومترات المربعة من الاراضي بأطنان من الالغام وآلاف المقذوفات غير المنفلقة تمثلت بحقول نظامية او عشوائية مبعثرة. من هذه المساحات تحتل البصرة منها الصدارة بنسبة 46 بالمئة تليها محافظة ميسان بنسبة 14 بالمئة لتكون هاتان المحافظتان زائدا المثنى (لم نجد ارقاما لها) في مقدمة محافظات العراق من حيث مساحات المناطق الخطرة. وهذه هي ارقام قديمة من موقع مديرية شؤون الالغام في وزارة البيئة. إذ تتزايد اعداد المساحات الملوثة مع كل اكتشاف لمواقع جديدة. إذ اكتشف من هذه في البصرة في احد الاراضي المخصصة للمشاريع الاستثمارية. ولا يخفى على احد بان وجود مثل هذه المساحات الهائلة يمثل عرقلة لمشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وهذا عدا عن تشكيلها تهديدا مستمرا للسكان المدنيين ولعمليات اعادة الاعمار والبناء.

لقد بديء العمل منذ 20 عاما على ازالة هذه الالغام والقذائف. وقد وجدنا بعض المعلومات حول هذا العمل في الاعلام من بينها موقع دائرة شؤون الالغام الآنف. وهو موقع يبدو عليه الاهمال كونه لم يحدث منذ لا ندري كم من الزمن. وعدا موقع وزارة البيئة لم نجد في الاعلام اية اشارة الى ارقام حديثة لنسب الاراضي التي جرى تطهيرها من تلك الالغام والمقذوفات ولا لارقام محدثة للاراضي الملوثة بها. وهو ما يشير الى حرص الحكومة على عدم اطلاع الشعب على مستوى إهمالها.

وقد اوكلت الحكومات العراقية امر ازالة هذه الالغام والمقذوفات الى المنظمات الانسانية الاجنبية بينما هو واجبها هي اولا. والنتيجة هو بطء عمليات الازالة والتطهير من هذه الالغام. وهذا على الرغم من ان العراق مصنف ضمن أكثر دول العالم تلوثا بالالغام، واعداد ضحاياها تزداد يوميا حسب كلام المكلف بإدارة وزارة البيئة المذكور اعلاه.

مهما يكن من امر فإن ما يهمنا هنا هو الطرق المتبعة لازالة هذه الالغام ومدى اهتمام الحكومات العراقية بها. فقد وجدنا في الاعلام الاجنبي طريقة غير مألوفة يجري اتباعها في عمليات تطهير المواقع من الالغام والمقذوفات. فمن خلال خبر من محطة (ان بي سي نيوز) الامريكية تعرفنا على امر استخدام الفئران البنية الافريقية في الكشف عن الالغام والمقذوفات غير المنفلقة. وهو ما يجري في كمبوديا منذ سنوات. إذ يقول احد المسؤولين هناك بان لهذه الفئران حاسة شم قوية تستطيع بواسطتها كشف المتفجرات. وسبب استخدام هذه الحيوانات بديلا عن الكلاب والقطط هو لانها صغيرة الحجم ووزنها اخف. وهو ما يؤهلها للمرور فوق الالغام دون ان تتسبب بانفجارها. ويوضح نفس المسؤول قائلا بان فترة 3 الى 4 ايام هو ما يستغرقه استخدام جهاز كشف المعادن لتطهير ما يعادل مساحة ملعب للتنس من هذه الالغام والمقذوفات، بينما مع هذه الفئران تكون هذه 30 دقيقة فقط. إذ عادة ما يتواجد في هذه المواقع الملوثة الى جانب المقذوفات والالغام الكثير من القطع المعدنية. لهذا السبب تدرب هذه الفئران على كشف الاولى فقط. وهو ما لا يمكن مع جهاز كشف المعادن مما يسرع من عملية تطهير الموقع.

ومن مكان آخر في الاعلام الاجنبي قد عثرنا على طريقة اخرى مستخدمة تمكن من التسريع في عمليات تطهير المواقع الملوثة بالالغام والمقذوفات غير المنفلقة. إذ قد وجدنا مركبة يستخدمها الجيش الروسي في تطهير المواقع التي يشتبه في وجود الغام ومقذوفات فيها. تقوم هذه المركبة بتدوير سلاسل امامها لتضرب الارض تحتها بقوة كافية لتفجير اية الغام تكون متواجدة فيها. هذه المركبة غير المأهولة التي هي بحجم آلة حفر واسمها اوران يجري تشغيلها باللاسلكي من على مسافة آمنة بواسطة جهاز توجيه محمول. وقد استخدمت بنجاح في الشيشان وسوريا والآن في منطقة لوهانسك في اوكرانيا. وتوجد لها افلام على موقع اليوتوب.

كلتا هاتان الطريقتان تمتازان بسرعة الانجاز وبكلفة قليلة كما يمكن استنتاجه. ويمكن برأينا استخدامهما بحيث يكمل احدهما الآخر. فتطلق الفئران مثلا لكشف اماكن الالغام والمقذوفات، ليؤتى بمركبة الاوران بعدها لتفجيرها في مكانها. مع هذه الطرق غير المكلفة يمكن تطهير المواقع الملوثة خلال يوم واحد او بضعة ايام حسب مساحتها. مقابل هذه الطرق نرى الحكومات العراقية وقد اختارت ترك الامر للمنظمات الاجنبية كما ذكرنا آنفا. وهذه تستخدم طرقا تقليدية في العمل مثل آلات كشف المعادن وازالة وتفكيك الالغام يدويا. وهي طرق بدائية ولا تمتاز بالسرعة في العمل مقابل المساحات الملوثة الكبيرة والتي ثمة تعتيم حكومي حول اعدادها. وهذا بينما ينتظر النازحون من السكان للعودة الى منازلهم واراضيهم التي تسببت الحروب بجعلها غير صالحة للسكن ولا للاستخدام. وهذا البطء في العمل هو امر غير معقول وغير مقبول.

لا يمكن النظر الى التقاعس الحكومي لتنظيف البلد من آفة الالغام إلا بكون هذه الحكومات غير مهتمة بخدمة شعبها. انه من المثير للسخرية هنا هو عثورنا نحن للحلول السريعة والفعالة من خلال التقصي والبحث الشخصي بينما تعجز عنه الحكومة ووزارة بيئتها وتحاولان التملص منه.

ننتظر تطبيق هذه الطرق الجديدة لضمان تطهير اراضي البلد من الالغام والمقذوفات غير المنفلقة بشكل اسرع وضمان عودة المهجرين والنازحين الى اماكنهم.

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter