|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  2  / 2  / 2024                                 سعد السعيدي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

ما قصة البرج الذي قصف في الاردن ؟

سعد السعيدي
(موقع الناس)

انتشر في الاعلام قبل ايام خبر عن تعرض موقع في الاردن لعملية قصف بمسيرة ادت الى مقتل واصابة عدد من الجنود الامريكيين المرابطين فيه.

هذا الموقع الذي اسمه البرج 22 يقع في منطقة مثلث الحدود الاردنية مع العراق وسوريا حيث انه بعد تدقيقنا للموقع على خرائط الشبكة يبعد بمسافة كيلومتر واحد عن الحدود السورية. وقد اورد الاعلام معلوماتا حوله تفيد بكونه موقع جمع معلومات استخبارية ودعم لوجستي لمنطقة التنف الحدودية السورية التي تحتلها القوات الامريكية منذ سنوات. ومن الاخبار قد علمنا ايضا بان الموقع الذي يبدو من كونه يعود اصلا لحرس الحدود الاردني قد جرى تسليمه الى الامريكيين بموجب اتفاقية بينهم وبين الاردن. هذه الاتفاقية التي لا تتعلق فقط بهذا الموقع بل هي اوسع واشمل تهدف الى تأمين قاعدة دعم خلفية للقوات الامريكية المحتلة في سوريا وحماية الكيان الصهيوني من جهة الشرق. ويبلغ تعداد هذه القوات حسب احد المواقع الاعلامية الثلاثة آلاف جندي وحسب آخر الالفين. ومنح مواطيء قدم لقوى الاحتلال الاستعمارية في بلدها هو عادة لم تحد عنها الحكومات الاردنية منذ تأسيس دولتها منتصف القرن الماضي.

وقد اصيب كل من له علاقة بهذا البرج بالمفاجأة التامة بعد عملية القصف. فسارعت الحكومة الاردنية التي يبدو ان الرعب قد تملكها الى نفي وجوده على اراضيها في البداية. بينما تمتم الامريكيون بامور من مثل ان مشغلي منظومة الدفاع الجوي في الموقع قد اصابتهم الحيرة والبلبلة بحيث لم يستطيعوا اسقاط المسيرة المهاجمة وذلك جراء وجودها خلف اخرى امريكية كانت عائدة الى الموقع !! بينما من خلال تدقيق صور الموقع المنشورة في الاعلام والتي قارناها على الشبكة كما في اعلاه لا يمكن رؤية اي شيء يشير الى وجود مثل منظومة الدفاع الجوي هذه ولا عن اي شيء يشبه مهبط للطائرات المسيرة. لذلك يكون الامر هو ان الامريكيين كانوا يظنون بان موقعهم هذا سيكون بمنأى عن اية توترات لذلك فلن يكون بحاجة الى دفاعات متقدمة. وها هم يبدون الآن وقد بوغتوا بالهجوم فانتبهوا الى خطأ ظنهم هذا.

ثلاثة استنتاجات تظهر من هذه الاحداث. الاول هو ان المحتلين الامريكيين قد انتبهوا الى انه لا يوجد اي موقع لهم في منطقة الشرق الاوسط سيكون بمأمن من هجمات مشابهة. الثاني هو انهم سيضطرون بسبب هذا الى اتخاذ احتياطات مكلفة لحماية ارواح جنودهم. وهو ما رأيناه من خلال الاعلام حيث جاءت الاخبار عن عزمهم ارسال منظومة دفاع جوي الى هذا الموقع الصغير مما سيفرض عليهم رفع تكلفة تواجدهم في تلك المنطقة النائية. الثالث هو انه سيتوجب عليهم تأمين كل مواقعهم الاخرى المكشوفة بمنظومات مشابهة او باي اجراء آخر لحمايتها. وهو ما سيفاقم من استنزاف خزينتهم ويخلق لهم مشاكلا لوجستية. هذه الاستنتاجات هي ربما ما يفسر اللهجة الحانقة للتصريحات الامريكية مع توعدهم بالرد على الهجوم.

من الناحية الثانية لا يمكن للمرء إلا ان يصاب بالدهشة حيال التصرفات الاردنية. فحكام الاردن يقومون بتسهيل التآمر على الدول العربية المجاورة مثل سوريا مع دعمهم لاحتلال التنف السورية ويريدون منها بنفس الوقت علاقات طبيعية معها. واحتلال التنف لم يكن ليتحقق ويدوم لولا الدعم والتواطؤ الاردني. كذلك فهم يستخدمون امر التضامن مع غزة كغطاء لاستضافتهم قوة دولية متضامنة مع الصهاينة. والنفي الاردني في البداية لوجود القاعدة الامريكية على اراضيهم هو لانهم قد تخوفوا من تحولهم الى جبهة اضافية في الصراع الجاري ضد الصهاينة وداعميهم. وهو ما قد يؤدي الى مضاعفات داخليا وخارجيا مع احتمال تعرضهم للضغوط والمساءلة مع كونهم دولة مطبعة، ولكونهم ايضا دولة عضو الى جانب السعودية والامارات والسودان في التحالف العربي ضد اليمن.

وكنا قبل سنوات مع مقالة بعنوان (الاردن (الشقيق جداً) قاعدة الارهاب) قد نشرنا فضائحا للنظام الاردني المطبع مع اسرائيل تتعلق بدعمه للدواعش وتوفير التدريب لهم عند اماكن مثل بلدة تدعى الصفاوي تقع في صحراء الاردن الشرقية مما اكدته مصادرا استخباراتية تركية. وهذا غير رسم الخطط لهم وتزويدهم بالسلاح كما مع غرفة الموك التي تتواجد في مبنى المخابرات الاردنية في عمان مما اكدته مصادر ما يسمى بالمعارضة السورية والتي كان يتواجد فيها عدا عن ضباطا كبار من المخابرات الاردنية، مسؤولون عسكريون آخرون من 14 دولة تشمل الولايات المتحدة ودول غربية ودول الخليج. وغير هذا ايضا من تزويد الدواعش بالمقاتلين الاردنيين. وهو ما اكدته جهات اعلامية ذكرت بان الاردن هو ثاني اكبر مورد للارهابيين الى سوريا بعد تونس، وحيث قد القي القبض خلال معارك تحرير حلب على ضباط مخابرات من جنسيات مختلفة فيها من ضمنهم اردنيون. وغير هذا فمن الاعلام قد عرفنا حول (غير المغفور له) والد ملك الاردن الحالي بكونه احد عملاء المخابرات الامريكية منذ ان كان شابا بداية الخمسينات حيث كان يدفع له مرتبا شهريا.

إن ما يصيب المرء بالامتعاض هو تصرفات هذه الفصائل التي تتسم بانتهازية فاضحة لا حدود لها. فمن كل الكشوف التي اوردناها حول تواطؤ النظام الاردني مع كل اعداء العرب، لم ترى هذه الفصائل من داع للتحرك ضد هذا النظام المتآمر. الآن فقط ومع معركة طوفان الاقصى والحرب التي تلتها قد بدا وكأن هؤلاء الانتهازيون قد انتبهوا الى فوائد التدخل ضد هذا النظام، فشرعوا بقصف موقع البرج الآنف. وهم في كل هذه الاحداث لا ينظرون إلا الى مصالحهم هم ومصالح دولتهم الداعمة وكأنهم وسط حملة انتخابية. بينما مصالح العرب ككل قد وضعت في اسفل القائمة.

ننتظر اذن تطورات الموقف فيما يتعلق بالصراع بين فصائل المقاولة الايرانية وغرمائهم الامريكيين.

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter