|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  28  / 7  / 2023                                 سعد السعيدي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

موقف السيستاني غير الواضح من فكرة ولاية الفقيه

سعد السعيدي
(موقع الناس)

قطعا لم ينتبه الكثيرون لهذا الامر لكن يبدو لنا ان السيستاني لم يحزم امره بعد من فكرة ولاية الفقيه. اي ان موقفه ما زال غير واضح إن كان سيأخذ بها ام يبتعد عنها، مثلما اعلن عن معارضته لها عدة مرات في السابق كما قيل.

فالسيستاني كما يلاحظ يتساهل كثيرا مع تصرفات زميله الآخر في طهران الذي يؤمن بهذه الفكرة في كل ما يتعلق ببلدنا. فهو يتساهل معه عندما يدعم ذاك ميليشيات مسلحة تتبع فكرة تلك الولاية تقوم بعمليات اجرامية في بلدنا مثل الاغتيالات او التحريض على الناشطين والمنظمات المدنية. ويتساهل معه لدى إنشائه لاذاعات إسلامية في بلدنا يضع على رأسها معمم من مقربيه. ويتساهل معه مرة ثالثة من خلال نشر ذلك الزميل لمدارس اسلامية في بلدنا في ما يشبه الاستباحة مسماة باسم زميلهم الآخر مؤسس النظام السياسي القائم في بلده. هذه المدارس التي تدرس فكرة ولاية الفقيه تهدف الى تكوين اجيالا من المتطرفين في محاولة للتأثير في ثقافة بلدنا ولانشاء كما هو واضح حاضنة شعبية لهذه الفكرة الدخيلة.

ومن ملاحظة تساهل السيستاني مع امر الحشد غير العراقي الذي ساهم بتأسيسه يحق لنا التساؤل إن كان ما يريده السيستاني هو فعلا دعم وتعزيز سلطة الدولة الوطنية ؟

المثير في هذا هو ان مطلق الفتوى قد قام هو ايضا بتشكيل ميليشيات عسكرية خاصة لنفسه في نفس وقت انتقاده تأسيس تشكيلات مشابهة خارج سلطة الدولة بمعية فتواه. وهو إن لم يكن قد خرق الدستور في المرة الاولى على اعتبار إن للضرورة احكام، فهو في المرة الثانية قد خرقه بشكل واضح. وذلك في المادة (110) منه التي تحظر انشاء التشكيلات المسلحة خارج سيطرة الدولة. وبخرقه للدستور يكون قد اسهم في تراجع سلطة الدولة اكثر. فالدستور قد اوكل بالدولة حصرا امر تشكيل او استحداث اية قوات عسكرية. وكان على مطلق الفتوى الانتباه الى ما كان سيحدث لاحقا خصوصا مع التنافس الشديد بينه وبين الايرانيين للسيطرة على طائفة كبيرة كالطائفة الشيعية وقيادتها في بلد مهم ومؤثر كالعراق.

هذه القوات التي اسسها السيستاني والمعروفة باسم قوات العتبات او حشد المرجعية كانت لحماية نفسه هو واستثماراته التجارية لا الدولة، ولإحداث التوازن مع اخريات. وهذا مقابل قوات المتطوعين التي جرى تنظيمها لتدعم ميليشيات غير عراقية واخرى منافسة لسلطته مستغلة فتواه المعروفة.

ويلاحظ الجميع بعد نحو عشر سنوات من تشكيل حشد المتطوعين انه من الخطورة اسناد انشاء قوات عسكرية على فتاوى او ارادات دينية. فهي تتسبب بتقويض النظام الديمقراطي وتفرغه من محتواه وتحول دولته الى اخرى فاشلة ينخرها الفساد. إذ سيستغلها ايا كان كغطاء لتكريس تلك القوات كأمر واقع مثلما نرى حصوله في بلدنا. وسيكون من الصعب حلها لاحقا خدمة لمصالح الدولة مثلما نراه الآن. وكيف يمكن تصور قبول الجهات المستفيدة بحل قاعدتها الساندة هذه وهي التي تسيطر بمعيتها على الدولة مع صمت مؤسس هذه القاعدة وهو ما يفسر بكونه تواطؤا ؟ إن مع ابقاء السيستاني على فتوى الجهاد قائمة صارت الميليشيات تتناسل وتحاول التأثير على هوية الدولة من خلال اجنداتها.

كان يجب حل هذا الحشد لا الابتعاد عنه وتركه يكبر ويتوسع. فقد صار يهدد اسس الدولة العراقية ويستنزفها، وسيكون السيستاني مع منحه دولتهم الداعمة الهدايا بشكل هذه القوات العسكرية، مؤيدا وداعما لفكرة دولة الفقيه ولدولتها العميقة على عكس ما يدعيه. إن هذا الابتعاد معناه ترك اولئك الداعمين يستولون على الدولة مع ما يعنيه من قمع وإذلال لاهل البلد باتباع نفس اساليب البعث الساقط.

وربما لا يريد السيستاني حل الحشد لانه بكل بساطة لا يريد رؤية شيء اسمه دولة مدنية او علمانية كونه يحبذ الاخرى الدينية والفوضى. فهذان الاخيران هما وحدهما من يؤمنا الاجواء لتحقيق مصالحه الدينية والتجارية. وهو لهذا السبب كان قد ارسل احد ممثليه الى لجنة كتابة الدستور للتأثير على اعضائها والتلاعب بمحاضر اجتماعاتها. وهو قد صمت عن هذا التجاوز طويلا حتى فضح الامر احد اعضاء تلك اللجنة.

إن دعم فكرة ولاية الفقيه يكون دائما على حساب سلطة الدولة الوطنية المدنية. وكل تراجع لهذه السلطة يكون لصالح فكرة ولاية الفقيه هذه التي يدعمها السيستاني عمليا على الارض من خلال تساهله كما ذكرنا آنفا.

لو ان السيستاني ينبذ فكرة ولاية الفقيه هذه حقيقة كما يقول او ينقل عنه فما عليه إلا ان يثبت لنا الامر عمليا على الارض.

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter