| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الجمعة 26 / 7 / 2024 سعد السعيدي كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
ما اسباب التساهل مع حلف الناتو في احتلاله لبلدنا ودعمه لاعدائه ؟
سعد السعيدي
(موقع الناس)تتدافع الدول الغربية للحصول على موطيء قدم في الشرق الاوسط وذلك لدوافع شتى. اهم هذه هو حراسة آبار النفط والطرق البحرية الواصلة بين الشرق والغرب وضمان امن الكيان الصهيوني، وايضا لضمان عدم حصول قوى اخرى منافسة على موطيء قدم لنفسها في نفس المنطقة. إن من اهم الانتصارات التي حصلت عليها هذه الدول في هذا المضمار هو اكتسابها لتركيا كعضو في حلف شمال الاطلسي (او الناتو اختصارا). ترى ما تكون اهداف كل من هاتين الجهتين مع هذا الحلف ؟
نبدأ بتركيا. إن لتركيا عدة اسباب للدخول في حلف الناتو تتعلق بامنها هي نسرد بعضها هنا بسرعة. اهم هذه هي ضمان عدم حصول اعتداء او احتكاك من البلدان المجاورة لها مثل روسيا وهذا منذ فترة الحكم القيصري الذي شاركته تركيا بتاريخ طويل من الصراعات والحروب. كذلك فهناك التاريخ الطويل ايضا مع بلدان البلقان المجاورة التي كانت جزءاً من امبراطوريتها. وهذه البلدان كانت قد تحولت في وقت ما لتصبح اعضاء في حلف وارشو. وثالث الاسباب هو العداء الازلي مع اليونان المجاورة والذي تعود اسبابه التاريخية الى القرون الاولى لقيام الدولة العثمانية. وآخرا وليس اخيرا فهناك البلدان العربية التي كانت تريد تركيا ان تضمن سطوتها عليها وعدم سقوطها في الفلك السوفييتي وعدم توحدها ايضا كيلا تتسبب لها بالصداع وتغلق عليها ابواب سيطرتها على المنطقة. إذ ان الدولة العثمانية قد قامت اساسا كنتيجة لتلاشي النفوذ العربي في الاقليم.
اما حلف الناتو فانه في سعيه لمجابهة حلف وارشو والتوسع شرقا قد وجد في تركيا شريكا اقليميا ذو قيمة عالية لدى قبولها كعضو عنده. وهذا حتى لو لم تكن دولة اوروبية ولا مسيحية، لا بل قد كان لها تاريخ من العلاقات الشائكة مع دول اوروبا قديما وحديثا، وهو ما يشكل مفارقة كبيرة جديرة بالملاحظة. وتركيا ذات الموقع الاستراتيجي المهم بين الشرق الاوسط واوربا وعدا مجاورتها للبلدان الآنفة فانها ايضا قريبة من الكيان الصهيوني وتسيطر على مضائق البوسفور. وهذا غير تشكيلها الطرف الشرقي للبحر المتوسط الذي تريد دول شماله السيطرة عليه. لذلك فلم يكن الناتو ليفرط بهذا العضو الثمين.
ولما كان حلف الناتو يعتبر بان كل اعتداء على اي من اعضائه هو اعتداء على كل الحلف، تكون عضوية تركيا في هذا الحلف قد افادتها هي ايما فائدة لتتمكن من تجنب محاذير ومخاطر تاريخها السابق مع دول جوارها مع حرية تدخلها في الشؤون الداخلية لتلك الدول.
هذه هي بسرعة اسباب تواجد حلف الناتو بجوار اقليمنا العربي. لذلك فالسؤال الذي سيطرح نفسه هو عن اسباب التساهل مع هذا الحلف في احتلاله لبلدنا حيث انه قد اوتي به كما هو معروف كبديل للمحتلين الامريكيين، ويعمل كمظلة حماية لتركيا حيث يغطي عليها في اعتداءاتها علينا. إذ اننا لم نره ولا لمرة واحدة يرفع صوته ضدها لردعها عما تقوم به. بينما تركيا وباستقوائها بمظلة الناتو تتغول وتتنمر على بلدنا وتعتدي عليه بالقصف الجوي والتوغلات البرية بشكل مستمر وتحتل اجزاءا منه على هواها وتدخل وتخرج منه كما تشاء وتخرق الاتفاقيات المبرمة معه وتقطع عنه مياه الانهر مع غياب امكانية ردعها. هذا الوضع يستدعي التوضيح بانه مع توفير حلف الناتو الحماية لتركيا في اعتداءاتها علينا، فستنسحب نتائج هذه الحماية عليه هو ايضا وعلى دولته المؤسسة ليكون هو ايضا بمثابة المعتدي. كما سينسحب عليه ايضا هو ودولته تلك تورط تركيا بدعم داعش والارهاب. بهذا يكون حلف شمال الاطلسي منظمة معادية للعراق بالمطلق. فلا يأتينا بعد هذا بنكتة دعم بلدنا في حربه على الارهاب. ايضا بجانب فسح المجال لهذا الحلف ليستمر باحتلاله لبلدنا نسأل عن اسباب المشاركة في نفس الوقت في اجتماعات ما يسمى ببرلمانه ؟ إن المشاركة في اجتماعات برلمان هذا الحلف المعادي لنا لا يمكن تفسيرها إلا باعلاننا للجميع بان مصالحنا ليست من شيء ولا تستحق الدفاع عنها وانها ليست بذي قيمة لنا، وانه يمكن لاية منظمة او مجموعة دول الاستهتار بها واستباحة بلدنا واننا سعداء باحتلال هذا الحلف لبلدنا تحت اي مسمى او عنوان يفرضه علينا هو او اي من اعضائه. فهل هذا هو ما يريد السوداني ونظامه ان نفهمه منهما ؟
إن كان هذا هو موقف السوداني وهو مما لا نشك فيه استنادا على تصرفاته حيال هذا الحلف الحامي لتركيا ولاسرائيل ايضا، فان موقفنا نحن ابناء البلد هو غير هذا تماما. فنحن لا يسعدنا ولا يرضينا رؤية بلدنا مستباحا من قبل دول اجنبية يستقبلها رئيس نظام بلدنا بالورود وينبطح امامها بلا ادنى خجل هو وشلة داعميه من المنافقين واللصوص، ولا فتح ابوابه لهذه الدول التي تدعم ايضا دول اخرى ارهابية في جوارنا. ونزيد السوداني علما بالقول بانه لا يقوم بمثل هذه الاعمال مع قوات احتلال اجنبي إلا من يستطيب ويستذوق العمالة والخيانة فضلا عن حماية سراق المال العام.
ننتظر من السوداني ونظام حكومة عمالته تغيير تعامله مع هذا الحلف المعادي لبلدنا وتخييره بين احد امرين: إما ان يجبر محميته تركيا على الانسحاب من بلدنا وعدم التدخل في شؤونه الداخلية ودفع بلا تأخير كامل التعويضات التي حكم بها عليه دوليا العام الماضي والابتعاد عن استخدام المياه كوسيلة ضغط، او ان يخرج هذا الحلف من بلدنا ولا يعود اليه لنتكفل نحن بانفسنا بالقوات التركية المحتلة. فهذه ستعجز عن الدفاع عن نفسها علاوة عن انها ستكون مجبرة على دفع تعويضات مضاعفة إن رفضت الانسحاب من بلدنا. فلن تقف باقي دول العالم ولا القانون الدولي معها هنا.