|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  24  / 8 / 2018                                 سعد السعيدي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

 اعادة التوازن الى اعداد اعضاء مجلس النواب

سعد السعيدي
(موقع الناس)

من المؤكد بان الفشل المتكرر المؤدي الى تأخير تشكيل الحكومة والتدخلات الخارجية التي ترافقه يعكس استخفافا بارادة الشعب. احدى المسائل المؤثرة في تشكيل الحكومة تتعلق باحجام القوى الفائزة المناط بها تشكيل الكتلة النيابية الاكبر التي ستشكل الحكومة. فالمعروف هو ان من شروط تشكيل هذه الكتلة هو وجود امكانية للانسجام السياسي بين اطرافها مما يمكن البناء عليه. ومما نراه هو ان نوعية اعضاء الكتلة من ممثلي المصالح الفئوية والمناطقية عدا عن ممثلي التدخلات الدولية هو ما يحدد في اوضاعنا الحالية امكانيات وحدود هذا الانسجام.

إحدى طرق تقليل تأثير كل هذه العوامل الداخلية والخارجية في مجلس النواب بعد الانتخابات هو تقليل الاعداد الزائدة من النواب ممن اوصلتهم الصدفة الى المجلس النيابي. فليس ترهل الكتل النيابية بالزائدين من المغامرين والفاسدين اللاهثين خلف الامتيازات هو ما يعكس التمثيل الامثل للناخب. كذلك فإن هذا الترهل يعطي للكتلة شعورا مزيفا بالقوة خصوصا مع غياب البرنامج الانتخابي. وقد رأى الجميع في السنوات الاخيرة كتل مثل هذه تنفذ سياسات بالضد تماما مما يريده الناخب والمواطن ادت الى كوارث على البلاد على جميع المستويات. وبغض النظر عن العوامل المسببة الاخرى فإننا لو قللنا هذه الاعداد الى الحد الصحيح والمعقول ، لامكننا من الحصول على مجلس نواب انظف واكثر كفاءة.

إحدى المسائل المؤثرة في اعداد اعضاء مجلس النواب هو مقدار تمثيلية النواب للمجاميع الاقتصادية والاجتماعية في البلد. ففي اوضاع البلد الحالية حيث لا يوجد نشاط اقتصادي واضح عدا بيع النفط الذي يستخدم ريعه في ادارة الدولة وتأمين معيشة السكان مع بعض النشاطات التجارية الثانوية الاخرى ، لا يمكن تبرير وجود اعداد كبيرة من النواب بغياب تنوع اقتصادي داعم. فالمسألة لا تتعلق فقط باعداد مجردة. النتيجة هو حصولنا على احزاب لا تختلف فيما بينها بشيء. لذلك فقطع الطريق امام تزايد اعداد هؤلاء سيؤدي الى التقليل من تأثيرات التدخلات الخارجية والداخلية التي تؤثر على تشكيل الحكومة وادائها لاحقا. وقطع دابر الترهل واعادة التوازن للمجلس يمكن ان تتم بطريق تشريع قانون يحدد اعداد اعضائه. وهذا هو احد اهم الطرق لضمان حصولنا على مجلس نواب متوازن وكفوء وحيث يمكن السيطرة على ميزانيته.

وفي حالتنا العراقية يتوجب الابتعاد تماما عن عتبة ال 300 نائب. ويمكن الرجوع الى العدد الاول للنواب الذي جرى تحديده في البداية وهو 275 نائبا ، وليجري تثبيته بقانون. فلسنا ملزمين لدواعي المصلحة الوطنية الالتزام بالمادة الدستورية (49 اولا) التخريبية التي اسست لعدد محدد من المواطنين كاساس للتمثيل النيابي. وعلى سبيل المقارنة ففي الديمقراطيات الغربية يكون عدد اعضاء مجلس النواب الكلي محددا بالقانون او بالدستور. فعدد نواب الغرفة السفلى الهولندية المحددين بالدستور هو 150 نائبا لنصف العراق من السكان. وعدد نواب الغرفة السفلى للجمعية الوطنية الفرنسية هو 577 نائب يجري العمل على تقليله الى ثلثيه بهدف استعادة ثقة الناخب بالانتخابات والعملية التشريعية حسب الاخبار. عدد سكان فرنسا اقل من ضعف سكان العراق. مجلس النواب الامريكي عدده ثابت وهو 435 نائب. مما يستنتج فالاعداد القليلة لتلك المجالس النيابية تؤدي الى قيامها بعملها بكفاءة اعلى مع امكانية اكبر لتقليل الاشكالات.

واقرب لنا نرى بان اعضاء مجلس النواب التركي هم 600 نائب والايراني 290 وهي اعداد ثابتة ، مع 80 مليونا من السكان لكلٍ منهما. نتيجة الحساب مع هذه الارقام نجد بان اعداد نوابنا هم اكثر من اعداد اعضاء المجالس النيابية لكل الامثلة. بالنتيجة يكون من الواضح لدينا بانه يصار الى اللجوء الى العوبة زيادة اعداد اعضاء مجلس النواب فقط في الدول التي يراد افشالها. هذه الالعوبة المصممة بالضبط لخلق مجلس مترهل غير فاعل وغير كفوء وحكومة بالتالي غير منسجمة وغير كفوءة.

وعلى ذكر التدخلات الخارجية يكون من الضروري ايضا اعادة النظر في العدد الكبير من المقاعد المخصصة للاكراد في مجلس النواب. فقد جرى التكتم على العوبة هذا الامتياز الحاتمي من قبل السياسيين منذ 15 عاما. وهي سرقة علنية لحقوق الناخب العراقي في تمثيل عادل. فاكثر من 50 مقعدا مخصصة لنواب اقليم الشمال هو امر غير منطقي. إذ يعادل هذا العدد نسبة 17% من المقاعد النيابية لا ندري كيف جرى حسابها. بينما كان يجب ان تحدد المقاعد حسب النسبة السكانية التي يعرفها الجميع ، اي حوالي 12%. ولو كان قد جرى الالتزام بهذه النسبة لكنّا قد اعدنا التمثيل الكردي النيابي الى حجمه الصحيح وهو 39 مقعدا في المجلس الحالي وضمنا حقوق جميع الناخبين في تمثيل عادل.

لو طبقنا هذه التعديلات الضرورية فسنحصل على مجلس نيابي يقوم بعمله بشكل احسن من خلال تمثيل للمجاميع السياسية بشكل اكثر عدلا وسيعيد التوازن اليه ويضمن سرعة تشكيل الحكومات وإقرار القوانين ، ويتمتع اعضاؤه بمقبولية ومشروعية اكبر من خلال حذف من وصلوا باصوات دون المطلوب او ربما بالتزوير مثلما رأينا في الانتخابات السابقة.
 


 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter