|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  22  / 12 / 2021                                 سعد السعيدي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

حول ضرورة تشريع قانون الاقليم

سعد السعيدي
(موقع الناس)

في منتدى حوار المنامة في تشرين الثاني الماضي اكد وزير الدفاع الأمريكي لويد اوستن لمسرور البرزاني رئيس حكومة الاقليم بان اقليم كردستان العراق حليف وشريك مهم للولايات المتحدة في المنطقة، مجددا بذلك دعم بلاده لحكومة الاقليم.

لا يهدف كلام وزير الدفاع الأمريكي الا لشيء واحد وهو ضمان ابقاء الاقليم منفصلا عن باقي الدولة الاتحادية ولاسباب واضحة. وطبعا فمثل هذا الانفصال يعني اطلاق يد الاقليم في التصرف كما يشاء بالثروات الطبيعية التي ثبت الامريكيون انتباههم عليها منذ زمن بعيد. ولما كان الاقليم جزء لا يتجزأ من العراق سواء شاء الامريكيون ام ابوا، فلا يمكن بقاء هذه الاوضاع كما هي.

كنا قد كتبنا في السابق عدة مقالات حول الاقليم احداها بعد فشل محاولة الانفصال. وكانت في معظمها تدور حول الخطل في العلاقة مع الدولة الاتحادية حسب الدستور. ولم نطرح في تلك المقالات امر قانون الاقليم الذي سنقوم به هنا. إن اهمية هذا القانون تتمثل في تحديده لشكل العلاقة مع الدولة الاتحادية.

وفي هذا نأتي الى الدستور. فلدى قراءته عند فصل الاقاليم يلاحظ انه مع اعترافه بسلطات الاقليم في المادة (117) لم يذكر التفاصيل مثل منصب الرئاسة وصلاحياته. فهذا المنصب قد وجد فقط العام 2005 الذي هو نفس عام كتابة الدستور. وثمة تفاصيل اخرى مهمة لم يحددها مثل مكونات تلك السلطات. وهو امر متعمد. بينما قام بتحديد مكونات السلطات الاتحادية وطريقة عملها وعلاقتها ببعضها. ايضا لوحظ تحاشي الدستور ذكر اي ارتباط للاقليم بالعراق والدولة الاتحادية ككل وعلاقته بهما. اي انه قد جاء غائما في ذلك الفصل فيما يتعلق بالاقليم. ومع عدم تحديد الدستور لهذه العلاقة يكون قد اسس لتغول حكومة الاقليم، في معظم الاحيان بوجه الدولة الاتحادية. المشكلة هنا كما قطعا سيفطن القراء هو انه لا يمكن في دولة واحدة ان يكون فيها رئيسين وحكومتين متسيدتين. وهذه الحالة لم تكن لتحدث لو ان الاقليم وسلطاته قد جرى تحديدهما وتسميتهما بقانون يحدد علاقتهما بالدولة الاتحادية وسلطاتها. لا ترك الامر غائما كما هو الامر حاليا. بهذا لن يستطيع الاقليم التصرف بحرية مثلما نرى في كل مرة إلا بما يحدده له ذلك القانون. فلن يعمل دون رقابة ولن يعود للتآمر على باقي البلد او يتسبب بازمات لتواجد مرجعية سياسية وشعبية محددة بقانون مصوت عليه في مجلس النواب الاتحادي. باختصار سيضع القانون وبشرط تشريعه بصورة سليمة بعيدا عن الشكل الغائم في الدستور حدا لتحول الاقليم الى دكتاتورية متغولة وسيضمن فيه تطبيق الديمقراطية الحقيقية.

كذلك فمن اهم ما يجب تحديده في هذا القانون هو عدد محافظات الاقليم وحدوده بدقة كيلا يعاد تكرار مهازل تمدده خارج حدوده مثلما جرى بعد غزو 2003 وخلال حرب داعش. إذ حاول الاقليم خلال الاخيرة ضم المناطق التي امست بين يديه بعد انسحاب الجيش العراقي منها، والاحتفاظ بها باي ثمن وذلك بانشاء ساتر وخندق حولها.

لقد كتب الدستور بشكل يضمن مصالح الاقليم فقط على حساب العراق ودولته الاتحادية. وتوجيه دفته حسب رغباته ورغبات من يتحالف معه مثلما رأينا مع تصريح المسؤول الامريكي الآنف. وليتحول امره بهذا الاستفراد الى دولة محمية داخل الدولة الاتحادية مع افتعال صراعات محتدمة معها وتآمر. لذلك فمع تحديد هذا القانون لعلاقة الاقليم بالبلد فانه سينهي انفلاته وربطه بقوى دولية بدعاوى ضمان امنه وسينهي مسلسل الفساد مع فرض مرجعيات وطنية اخرى محددة بنفس الدستور على سلطته. وسيجري بنفس السياق تجنب بقاء العلاقة مع الدولة رهن قرارات حكومية وموازنات فقط يجري تطبيقها جزئيا او عدم الالتزام بها مما يؤدي الى تجدد الصراع.

إن ترك امر الاقليم في الدستور غائما وإهمال ذكر ضرورة تشريع قانون له كان يهدف الى فسح المجال له للتصرف لوحده بثرواته بحجة الاستقلال والفدرلة. وهي الخطة الغربية لنهب الثروات الوطنية بحرية وحتى في التأثير على عمل السلطات الاتحادية في محاولات ابتزازها. وهو ما رأيناه مع الاعيب المتنازع عليها والثروات. لذلك فتشريع القانون سيقضي على كل التأويلات الغريبة وعلى كل الضياع والتآمر اللذان يلفان الاقليم وسياساته. والاهم سينهي قصص الانقسام مثل الادارتين والنظامين والجيشين والتهريب والسرقات وديون الاقليم وسيضع حدا لنهب الثروات والتصرفات النفطية الاحادية وتكوين الامبراطوريات المالية. وسيلغي ضمان الدستور للاقليم على حساب الدولة.
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter