|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  21  / 11  / 2022                                 سعد السعيدي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

ما حاجة افقر محافظة في العراق الى النفط ؟

سعد السعيدي
(موقع الناس)

نشر في الاعلام هذا الشهر خبرا يقول بانجاز حفر عددا من الآبار النفطية في بادية السماوة. واضاف بان هذا سيفتح آفاقاً تنموية واعدة على مستقبل المحافظة التي طالما عانت من نسب مرتفعة للفقر طيلة الحقب الماضية اعتمادا على الموارد المتأتية من استغلال هذه الآبار، حسب ادعاء مسؤول التخطيط في المحافظة. ثم اكمل الخبر مشيرا الى ان المحافظة وحسب إحصاءات وزارة التخطيط، تحتل المرتبة الأولى بين أكثر المحافظات فقرا في البلاد بنسبة وصلت إلى 52 % بسبب تراكمات عقود عدة وتعطل قطاعات الصناعة والإنتاج وضعف أسس البنى التحتية. وقد ركزت كل الاخبار التي وجدناها في الاعلام على امور خلق فرص العمل وتحسين الوضع الاقتصادي في هذه المحافظة الأكثر فقراً.

لقد بديء بحفر اول بئر استكشافي في المحافظة في حزيران العام 2016 حيث انيط العمل الى ائتلاف من شركات روسية وصينية. وكان العقد الاولي قد وقع العام 2012. ولا تجري عمليات الحفر في بادية السماوة فقط، وإنما ايضا في مناطق اخرى في البلد منها الانبار وشرق بغداد. يلاحظ هنا بان التواريخ المذكورة تعود الى سنوات مجلس النواب الذي انغمس في محاولات استغلال موارد البلد لمصلحته الذاتية ومصالح الخارج والذي ثار عليه اهل البلد لاحقا.

لنا الحق هنا بالسؤال عن الهدف الحقيقي من الاستمرار باستكشاف كل مكامن البلد النفطية. إذ اننا حتى الآن لم نستفد كشعب مالك هذه الثروة النفطية منها. وكنا معترضين اصلا على اي استكشاف جديد للنفط مثلما جرى في محافظة ذي قار المجاورة للمثنى.

نكمل بالاجابة ونقول باننا لا نريد هذا الاستكشاف النفطي ولا نحتاجه. إذ ستضاف الموارد المتأتية الى ارصدة اللصوص مثلما يجري لكل موارد البلد الاخرى، وستهرّب مثلما جرى مع السرقة المليارية التي افتضح امرها مؤخرا. إن استمرار بقاء محافظة المثنى في نفس مرتبة الفقر المذكورة في الخبر يثبت ويؤكد بان السرقات مستمرة ومتواصلة لمواردها مع فساد طاغ فيها يمنع من استفادتها من تلك الموارد. فلما كانت هذه هي الاوضاع العامة في هذه المحافظة، كيف يراد لنا تصديق ذهاب موارد النفط فيها لدى البدء باستغلاله الى غير هذه الوجهات المعتادة ؟ كذلك فإن فرص العمل في حقولها النفطية لدى البدء باستغلالها ستذهب معظمها للاجانب. فقد ذكرت النائبة عن محافظة البصرة زهرة البجاري بان نسبة العمالة الاجنبية العاملة في حقول البصرة تعادل 80 بالمئة من كل اعداد العمال. واضافت قائلة بان هذا هو خرق في نسبة العمال المتعاقد عليه مع الشركات حيث كان يجب ان تكون العكس بالضبط. إذ قد تعمدت الحكومات المتعاقبة السماح لاعداد هائلة من العمالة الاجنبية للمجيء والعمل في القطاع النفطي العراقي دون رقابة ولا متابعة. وهذا في نفس وقت تظاهر نفس هذه الحكومات بالعمل على حل مشكلة البطالة.

لما كنا لا نريد رؤية اية زيادة في استكشاف حقول نفط اضافية فضلا عما لدينا منها في الاصل فيجب على الحكومة ان تخبرنا وهي المكلفة بادارة الثروات الوطنية نيابة عن مالكيها عمن منحها الحق بالشروع في استكشاف باقي الاحتياطي الموجود في البلد خدمة لمصالح نشك في كونها غير وطنية. إن حجج لفظية من طراز زيادة الاحتياطي النفطي وتوفير فرص العمل لا تنطلي علينا. وعلى الحكومة الكف عن خداع اهالي المحافظة بهذه الالاعيب. وهي في ما يبدو تريد الاستمرار في استغلال اية مكامن نفطية في البلد الى ما لا نهاية. نكرر نقول انه لا يمكن ان يجري هذا التوسع في الاستكشاف النفطي دون توضيح الهدف منه لمالكي هذه الثروة. وإلا فاننا سنعمق بهذا اعتماد البلد واتكاله على النفط وريعه على حساب قطاعَي الزراعة والصناعة مع الفساد الموازي الذي سيفرض نفسه. كذلك يعرف الجميع بان فرص العمل في القطاع النفطي تكون اقل بكثير منها عن القطاعين الاخريين. وهي امور لا تشجع على امتصاص البطالة والتي تصبح التعهدات الحكومية حولها مجرد وعود جوفاء.

إن كان يراد فعلا خدمة هذه المحافظة فيجب الابتعاد اولا عن النفط. فما سيفيدها هو ما موجود فيها اصلا ويمكن تطويره. إذ تتصدر محافظة المثنى قائمة الإنتاج العراقي لمادة الأسمنت بمختلف أنواعه، لاحتوائها على المواد الخام المتمثلة بالأحجار الكلسيّة وبكميات كبيرة. كما وتشهد بادية المثنى وحسب الاخبار سلسلة من الاستثمارات في القطاع الزراعي والإنتاج الحيواني، مع إنشاء معامل للمنتجات الغذائية. ايضا حسب الاخبار فإن بادية المثنى بما تحويه من أراض واسعة التي لو تخصص للزراعة مع مواد أولية للكثير من الصناعات، يمكن أن تكون نقطة تحول في اقتصاد المحافظة. وغير هذا تتمتع المثنى بحسب المختصين بعدد كبير من المواقع الأثرية التي لو احسنت ادارتها يمكن ان ترفد المحافظة بالموارد المالية. ويمكن للمحافظة كذلك من الاعتماد على الطاقة الشمسية ربما حتى بشكل كلي لتلبية احتياجاتها. فالعمل في هذا المجال يمكن ايضا ان يوفر فرص عمل كثيرة لابنائها.

يجب الا يفهم اعتراضنا في هذه المقالة بكونه يتعلق بمحافظة المثنى فقط، إنما هو يشمل كل محافظات العراق غير النفطية والتي يراد تحويلها الى صنابير للنفط تنفيذا لرغبات دولية.

ننتظر إذن تقديم الحكومة التوضيح المطلوب حول امر العمليات النفطية في المحافظة على ضوء ما عرضناه هنا. وبحال تقاعسها ستقوم بايقاف هذه العمليات بنفسها والتحول الى امكانيات النشاط الاقتصادي الاخرى التي ذكرناها اعلاه لخدمة المحافظة كما يجب.
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter