|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  14  / 8 / 2017                                 سعد السعيدي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

فضائيات التطرف والفساد

سعد السعيدي
(موقع الناس)

اصابنا العبادي بالدهشة الممزوجة بالسخرية عند إعلانه في إحدى خطبه الاخيرة عن وقوفه ضد دعوات التطرف ! ومبعث دهشتنا هو ان مشكلة التطرف في الاعلام الذي يقصده العبادي ليس وليد اللحظة. إذ لابد انه مثلنا يعلم بأن العراق تلفه وتملؤه خطابات الكراهية الداعية للتطرف منذ الغزو الامريكي ، اي منذ 14 عاما. وتصاعد الامر وازداد بعد وصول المجاميع الاسلامية الحالية التي يعرفها للسلطة. ثم استفحل خلال فترة سلفه المالكي على الخصوص. ولم يخفت هذا الخطاب الطائفي قليلا إلا في الفترة الاخيرة لدى الاقتراب من ساعة انطلاق عمليات تحرير الموصل.

بعد سقوط النظام السابق توفر للاحزاب الاسلامية الطائفية تملك وسائل الاعلام المرئية. وهو ما شكل سابقة سياسية خطيرة في العراق خصوصا مع تواجد مثال فضائية الجزيرة القطرية السبّاقة في نشر الخطاب الطائفي والتحريضي وطرقها في التغطية الاخبارية.

تمارس هذه الفضائيات إعلاما فاسدا غير شريف حيث تقوم بالدعوة على التطرف والتحريض ضد الآخر. وهذا عدا عن تحول نفس الفضائيات الى منابر للترويج لمالكيها ومموليها وتسقيط المقابل خصوصا في فترات الازمات والانتخابات في نقض لمبدأ الحيادية. كذلك فقد لاحظنا بانها تقوم ايضا بالتلاعب بالاخبار فتحجب منها ما تريد لضمان التغطية على الفساد العام حسب المصلحة. وهو ما رأينا حصوله في مثال شركة لافارج التي مولت إرهابيي داعش في سوريا التي كتبنا عنها ، وقناة الحرة عراق التي تديرها الخارجية الامريكية (التي من بين اهدافها السعي لتسويق المشاريع الامريكية والاسرائيلية) والتي كتبنا عنها ايضا قبل سنوات. وهذا هو ما يسمى بالاعلام المرتزق والمأجور. فكم من احداث اخرى مماثلة قد جرى التعتيم عليها يا ترى لخدمة نفس الاهداف والغرض ؟

ومع غياب الرقابة تنطلق فضائيات الدعم الخارجي هذه فيما بينها في عرض برامج شديدة السطحية هدفها التشويش على المشاهد وببرامج افتعال المشادات الكلامية في الخلافات السياسية والتي يتخللها التعرض احيانا لشخص المشاركين ، مع تجنب الولوج في امور البلد. وهي اساليب عدا عن فرض الجهل والخمول فهي تهدف إلى تعويد المشاهد على ثقافة العنف. وهو عملية إفساد واضحة.

وجود هذه الفضائيات بيد احزاب وشخصيات متنفذة ومدعومة من قبل جهات إقليمية ودولية هو ليس من الحرية بشيء ، بل هو الانفلات التام اللا مسؤول. وقد استفادت هذه الفضائيات من تحلل سلطة الدولة وانعدام رقابتها لكي تهيمن على الاعلام. لذلك ففي اجواء الفساد الناتج عن هذا الوضع يصبح من الطبيعي نمو هذه الفضائيات وتناسلها مقابل خمول الرقابة الشعبية بالتوازي مع انعدام تلك الحكومية وفساد الاخرى النيابية. وفقط من ليس حريصا على البلد واهله هو من يتساهل في السماح بوضع هذه الوسائل الاعلامية المؤثرة بايدٍ غير امينة ، ولا يقوم بالرقابة الضرورية.

يعرف الجميع بأن البعض من مالكي الفضائيات هم ممن توجد عليهم ملفات إرهاب وفساد من اتباع النظام السابق ، والبعض الآخر هم من الاحزاب الطائفية والميليشيات المسلحة. يتلقى كل هؤلاء التمويل والدعم من جهات خارجية ، ولهم ممثلون في مجلس النواب. من ضمن وظائف الاخيرين هو قطع الطريق امام اي تشريع يمكن ان يضع حد لفضائياتهم الداعية للعنف والتطرف. والهدف هو ضمان استمرار تواجدهم في الساحة السياسية والاعلامية لخدمة مصالح داعميهم ، عدا عن الترويج والدعاية لهم والحفاظ على الوضع القائم. التساهل الحكومي الذي يتمتع به مالكو الفضائيات هؤلاء في تغييب الرقابة المحايدة النزيهة ، يجعل الحكومة ورئيسها مشاركين في فساد الاعلام والشحن الطائفي والدعوة اليه ونشر خطاب الكراهية.

ما كان يجب فتح الباب لكل هؤلاء بتملك الفضائيات بالشكل الذي نراه في المادة 22 من قانون الاحزاب لعام 2015. وهي مادة كما يلاحظ قد حشرت في غير مكانها حشرا في هذا القانون. فلا توجد دولة في العالم تغار على سلمها الاهلي وتدعي محاربة الفساد تجازف بالتساهل في توفير مثل هذه الوسائل لاحزاب وميليشيات ومطلوبين للقضاء. فهذا لا يحدث إلا في الدول التي ينخرها الفساد. لذلك فللحفاظ على السلم الاهلي وتحصين البلد من التطرف ، تكون إحدى اهم الوسائل هي بالضبط بإعادة صياغة المادة المذكورة في هذا القانون لعكس الوضع ، اي لمنع الاحزاب وباقي المذكورين من حيازة الفضائيات.

لكن اليس من وضع المادة 22 هذه وصوت عليها هم نفسهم مالكو الفضائيات والميليشيات المسلحة المتواجدون في مجلس النواب احدهم حزب الدعوة حزب العبادي نفسه ؟ كذلك اليس هو العبادي ورهطه الاسلامي هم الذين قاموا منذ استلامهم السلطة ويقومون بتعطيل الرقابة على هذه الفضائيات الفاسدة وترك كامل الحرية لها ؟ ولا من داعي لاستعراض نتائج الدعوات للتطرف (الذي هو تسمية العبادي للشحن الطائفي) منذ سنوات آخرها سقوط مساحات واسعة من العراق بيد داعش. لذلك فسؤالنا هل سيجري فعلا تحويل مشروع القانون الجديد الذي صوت عليه في مجلس الوزراء مؤخرا المتضمن معاقبة تجريم التحريض الطائفي وخطاب الكراهية الى قانون والقيام بتطبيقه لاحقا ، ام انه سيجري ركنه في زاوية ما على ضوء التاريخ الماضي ؟

روابط ذات صلة :

قاموس الكراهية.. مصطلحات تضرب السلم المجتمعي في العراق
http://www.akhbaar.org/home/2017/7/231547.html

امين يونس - مِنْ أينَ تُموَل أربعين فضائية عراقية ؟
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=189735 




 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter