|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  10  / 8  / 2023                                 سعد السعيدي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

كيف يتوجب مواجهة المشاكل التي تهدد بلدنا ؟

سعد السعيدي
(موقع الناس)

اثار تصريح لوزير الخارجية الكويتي نهاية تموز الماضي عن عزم حكومة البصرة على إزالة منازل لعراقيين في المنطقة الحدودية في أم قصر غضبا عارما على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق. ومع هذه الانفعالات الغاضبة قد قرأنا عن خروج تظاهرات في بعض مدن العراق الجنوبية للتعبير عن رفضها للامر.

حول هذه الامور ثمة ما نريد توضيحه. اهمها هي ان الانفعالات العاطفية التي نراها وقد انفلتت هنا لم تثبت في اي وقت جدواها في معالجة المشاكل القائمة على العكس. فهي ما يلوذ بها الضعفاء وقليلي الحيلة وهي مما يستمر لفترة قصيرة لتخمد بعدها ويتم تناسي الامر. انها النتيجة الطبيعية للتجهيل الذي تقوم به السلطات لشعبها لدى وضعه في العتمة الكاملة في ظل المشاكل التي تعصف حوله. وكان الاعلام هو السبّاق في تشجيع هذه الانفعالات عن طريق برامجه المسماة بالحوارية حيث نرى تعمد التساهل مع شتى الاستفزازات فيها للحصول على هذه الانفعالات وتعويد المشاهدين عليها. وهي من بين ما ورثناه من اساليب النظام السابق. إن قضية ام القصر ومنازلها والترسيم الحدودي الى آخره هي من هذه المشاكل الكبرى والمصيرية التي تفضل الحكومات العراقية التعتيم عليها وتجهد لتجهيل من يعانون منها اي العراقيين بما يدور حولها. اننا نقول ونشدد بوجوب التخلص من الانفعالات العاطفية لصالح التفكير المنطقي الهاديء وبرأس بارد بهدف حل هذه الاستعصاءات والمشاكل التي تجابه بلدنا التي من بينها تلك المتعلقة بالمناطق الحدودية مع الكويت. وذلك لكي تتوضح الامور وليمكن الخروج منها بالتالي بنتائج قابلة للتطبيق. ونكرر بوجوب الاحتراس من الانجرار وراء الاثارات الشعبوية التي يجيدها الفاشلين في السياسة والمفلسين والمرعوبين من الاحزاب الحالية. وكان يجب توقع حدوث مثل هذه الاثارات مع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات ومعها الصداع لهذه الاحزاب المتمثل باستمرار انخفاض مستوى شعبيتها الحاد مع احتمالات تكرار المقاطعة الانتخابية لها. إن الشعب هو المعني الاول والاخير بهذه المشاكل كونها تتعلق ببلده وإن ما يؤجل منها او يُحاول تناسيه ستعود عليه وبالا في الحاضر والمستقبل. وليكن في علم العراقيين بان ثمة جهات دولية واقليمية ترغب في ابقائهم في الدوائر المغلقة للتجهيل والانفعالات العاطفية ليتسنى لها إلغاء المصالح الوطنية العراقية المتعارضة مع مصالحها هي في الخليج العربي والشرق الاوسط. نأتي الآن الى المشكلة او المشاكل نفسها.

ما الهدف الرئيسي المبتغى من خلال الترسيم الحدودي الاممي الجائر وغير المشروع مع الكويت ؟ إن هذا الهدف هو تحويل العراق الى دولة مغلقة بحريا ليتسنى السيطرة عليه وابتزازه، يقف وراء ذلك قوى دولية واخرى اقليمية. والامم المتحدة التي قامت بترسيم الحدود هي جهة غير مخولة بالقيام بمثل هذه الاعمال حسب ميثاقها. وعلينا نحن العراقيون المعنيون بالامر بالتفكير في كيفية حل الموضوع وبشكل نهائي بما يضمن مصالحنا. والحل لامور مثل هذه لن يأتي بغضون ايام واسابيع، بل انه عمل قد تظهر نتائجه في شهور وربما اكثر، وهو ما يستدعي التنظيم. والتنظيم يستدعي التفكير بعقل بارد. ويجب التحسب من حصول مقاومة من الجهات المستفيدة كون الامر يتعلق بقرارات دولية اتخذت في ظل ظروف مواتية لهذه الجهات ممن اجهدت نفسها لخلق تلك الظروف تمهيدا للحصول على هذه القرارات. في السياق نشكر وزير النقل الاطاري رزاق محيبس على تنبيهه لنا بامكانية الطعن بهذه القرارات. وهو امر لم نكن على علم قبله بامكانية القيام به حيث ان تجهيل العراقيين في كل ما يتعلق بامور بلدهم قد تحول الى خبرة واختصاص لدى حكومات 2003 العميلة التي تتبع خطى سلفها. وبينما الوزير قد قام بالامر للغايات التي ذكرناها في الفقرة السابقة لهذه، سيكون علينا الاستفادة من مبادرته لتحويلها الى فرصة لحل المشكلة بما يضمن مصالحنا نحن اولا كشعب له حقوقه ومصالحه في بلده ومنطقته. وهذا مع الابتعاد عن الكليشة المضحكة المسماة ضمان مصالح الجميع. إذ بهذه الاخيرة يجب ان يفهم دائما ضمان مصالح كل الآخرين على حساب مصالحنا نحن.

بهذا نقول إن كان العراقيون يريدون إلغاء القرار الدولي رقم (833) لعام 1993 فعليهم العمل لتحقيق ذلك بشكل فعلي لا بالانفعال العاطفي. اي بشكل يعطي نتائجا على الارض لا في الهواء. وعليهم اختيار الطريقة المناسبة لتحقيقه لإجبار الحكومة على تبنيه.

لقد لجأ الاطاريون مع موضوع حقل الدرة البحري متمثلين باحدهم وهو وزيرهم المنافق وغير الامين على ما اؤتمن عليه رزاق محيبس وبهدف الدعاية الانتخابية ورص العراقيين خلفهم، الى خيار التنازل عن الجزء العراقي الى الكويت المتصارعة عليه مقابل ترسيم الحدود البحرية معها حسب القرار الدولي الآنف او العكس كطريقة للحل. وهذا هو تفريط اطاري غير مقبول للمصلحة الوطنية وتدل على الانتهازية وانعدام الاخلاص إن لم يكن على الغباء الشديد. فالمفاضلة بين اي من الخيارين لا يمكن ان تكون حلا لان كليهما مضرين بالمصالح والحقوق العراقية في ممراته البحرية ومياهه الاقليمية. إنه من الواضح بان الاطاريين يريدون إرضاء الجميع اي الامريكيين والايرانيين والكويتيين على حساب المصالح الوطنية.

لعلم الجميع فإن حكام الكويت، حالهم كحال كل حكام العراق يتحسبون كثيرا من الرأي العام العراقي. وهم بسبب هذا التحسب ونقول حتى الهلع قد اجلوا تطبيق اتفاقية خور عبدالله وحتى موضوع المنازل الحدودية كثيرا. فبالنسبة للاخيرة استغرق الامر معهم تسع سنوات لاكمالها. وهي فترة جدا طويلة لبضعة مئات من المنازل فقط. وبالنسبة للاتفاقية نفسها فغير واضح لنا إن كانت مفعلة ام لا. اما القرار الدولي (833) الآنف فهو نتاج التآمر الامريكي على العراق مع الكويت. وهذا مع اصرار الفاشلين من حكام العراق على تطبيقه كما هو دون ادنى اعتراض. وهذا القرار قد جرى فرضه على بلدنا كما يعرف الجميع تحت الضغط الشديد فترة النظام السابق وفي ظروف الحصار الدولي غير الطبيعية. وقد انتبه الخبراء الوطنيون الى ان القرار مجحف بشكل كبير ولا يحل اي شيء على العكس، كونه يتجاوز على الحقوق العراقية. وكان يجب اعادة النظر فيه بالكامل بعد سقوط النظام السابق. لكن ما يلاحظ في هذا الامر هو الاصرار العجيب لجميع الاطراف على ترديد اخطاء وتجاوزات النظام السابق بالتوازي مع الصمت التام حول الاخطاء والتجاوزات الكويتية. ونقصد بهذا موضوع الحفر المائل الذي كانت تقوم به الكويت نحو حقل الرميلة النفطي في الاراضي العراقية خلال فترة الثمانينات سرا حيث كانت تسرق منه النفط. وكل هذا هو مما يراد طمره من الحقائق عن الرأي العام العراقي والتركيز فقط على غزو رئيس النظام السابق. هذا الغزو الذي ادى الى سلسلة من العقوبات والقرارات الدولية من بينها التعديلات الحدودية التي فرضت مع القرار (833) بتأثير امريكي. إن هذا القرار الذي لا ندري كيف سمح مجلس الامن الدولي لنفسه اتخاذه قد اتخذه مع ذلك على الرغم من عدم وجود صلاحيات له للقيام باعمال ترسيم الحدود حسب ميثاق الامم المتحدة. والعملية باكملها اي استدراج العراق للقيام بغزو الكويت كان لاجل وضعه تحت طائلة العقوبات الدولية وبالتالي ابتزازه. نقول هذا مع الاشارة الى ان الكويت مع قيامها هي ايضا بعملية تجهيل وحرف للانظار عن اخطائها هي وتآمرها وتجاوزها على العراق قد قبلت على نفسها التحول الى اداة للقوى الدولية. ويمكن للتذكير بتفاصيل الامر العودة الى مقالتنا السابقة المعنونة (الحقائق فيما يراد طمره حول ازمة الكويت عام 1990) المنشورة قبل سنوات. لذلك فلابد من مطالبة السوداني بالاعلان عن محتوى كل الاتفاقات التي اتخذت بشأن ترسيم الحدود خلال السنوات العشرة الاخيرة من ضمنها ما نشر في الاعلام حول محاولات الكويت الحصول على اكثر من استحقاقها.

نكرر إذن بالعودة الى موضوع البداية بضرورة الابتعاد عن التظاهرات والانفعالات العاطفية الآنية. وانه لابد من التنظيم لاجل التمكن من حل المشاكل والاستعصاءات التي اوقعنا بها النظام السابق والتآمر الدولي وقام ادعياء النظام الحالي بتجهيل الشعب حولها لغايات انتهازية وغير وطنية.

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter