|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء   10  / 10 / 2017                                 سعد السعيدي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

ازمة الاقليم تكشف جزءاً من المستور

سعد السعيدي
(موقع الناس)

فقط خلال الازمات تتكشف الحقائق ، ولم تشذ الازمة الحالية عن هذا. فمن إحدى نشرات تقرير نفط العراق التي وصلتنا (بتاريخ 25 ايلول الماضي) جرى نشر الحقائق التالية :

الاولى هي ان ما صدره الاقليم من خلال الانبوب التركي خلال آب الماضي قدرته النشرة ب 599 الف برميل يوميا (وهي ال 250 الف برميل من حقول الاقليم زائدا ال 300 الف من حقول كركوك التي استولي عليها بمعية داعش).

ليست هذه الحقيقة بالجديدة. فقد تركزت الانظار على جهة التصدير النفطية هذه وما زالت منذ البداية. بل ما زالت الانظار لا تتركز إلا عليها. نضع الاضاءة التالية فقط لغرض التذكير.

هذا الانبوب المخصص اصلا للصادرات النفطية العراقية لا لغيرها تستخدمه تركيا منذ العام 2014 كواسطة لتسهيل تهريب النفط العراقي المسروق من قبل اقليم الشمال. إذ انها وبالاتفاق مع دكتاتور اربيل قد قامت بربط نهاية الانبوب الكردي القادم من حقول كركوك بجزء الانبوب هذا المار في اراضيها. وكان هذا نقض للاتفاق المبرم مع الاتراك حول استخدام الانبوب. وقد ركبت السلطات التركية رأسها من يومها ولم ترد الاستماع الى الاحتجاجات الرسمية في عهد المالكي. لاحقا قامت حكومة العبادي المشكّلة حديثا بتناسي موضوع هذه السرقة عندما قررت إن بإمكانها السيطرة عليها من خلال عقد اتفاق جديد مع البرزاني. باقي القصة معروفة حيث تملص الاخير من هذا الاتفاق وعاد مرة اخرى الى سرقاته النفطية بدعم تركي حتى قيام العبادي بقطع التمويل عن الاقليم. ومن الواضح انه لو كانت هناك سيطرة مركزية على المنفذ وكل الحدود مع هذه التركيا ومشتركة على الانبوب ، لما كان قد جرى ما جرى.

الحقيقة الثانية (او بالاحرى الكشف) من نفس النشرة هي ان ايران تسمح للاكراد بتهريب 300 صهريج نفط باليوم من خلال منافذ باشماخ وبرويزخانة الحدودية في محافظة السليمانية. وقد مُنعت هذه الصهاريج من المرور منذ إعلان غلق الحدود !!!

لقد كان لخبراء النفط الوطنيين معرفة منذ العام 2003 بالتهريب من مناطق الاقليم بجزئيه ، إلا انه لم يكن يتوافر لديهم (ولا بالتالي لنا) تفاصيلاً عن حجمه. وهذه هي اول إشارة لحجم هذا التهريب.

مثلما نكتشف نحن هنا ، فالعبادي وخلافا لاعتراضه (اللفظي) على التهريب مع الجهة التركية ، فإنه قد لزم الصمت عن إثارة موضوعه من جهة السليمانية. اي انه تغاضى عن التهريب الذي كان يقوم به حزب فؤاد معصوم والطالباني وبعلم غيره من الاحزاب المتواطئة معه مثل تلك المنشقة عنه ممن يظهر اعضاؤها على شاشات الاعلام كثيرا هذه الايام. فلم نسمع العبادي يطرح او يشير لهذا الموضوع ولا لمرة واحدة على الاطلاق. من الجهة الثانية نرى بأنه مع ادعاء الايرانيين بصداقتهم مع العراق ودعمهم للحكومة العراقية فانهم كانوا وبنفس الوقت يشاركون البعض في سرقة وتهريب نفطه !

من المؤكد بان هذا التهريب لم يكن يتم بعلم العبادي فقط ، بل وايضا بعلم باقي الاحزاب الاخرى خصوصا تلك المدعومة من ايران في مجلس النواب. لكن السؤال هو لماذا نراه يتكتم تماما حول تهريب شلة معصوم ويركز على تهريب البرزاني فقط ؟ اليس هذا امر مثير للدهشة والغضب ؟ فهل ان ثمة فرق بين تهريب هذا او ذاك ؟ لن ندخل في الاهداف التي دفعت بالايرانيين نحو هذا التصرف اللصوصي الانتهازي ، لكن نذكر بسرعة بأن تحصيل الحاصل في هذه العلاقة هو ان ايران تحتكر السيطرة على جزء من مقدرات جزء الاقليم هذا وتستطيع ان تؤثر بهذا على الاحداث وميزان القوى فيه. السؤال الآخر الذي يتبادر هو هل ان مشاركة ايران بالتهريب كانت تجري رغما عن انف العبادي ام بموافقته ؟ غير واضح لنا من خلال خبر النشرة اعلاه دور العبادي في جزء اللصوصية هذه الدائرة بمعية الايرانيين.

وقد اتتنا إضافة مثيرة لهذا الموضوع ممثلة باسكندر وتوت عضو لجنة الامن والدفاع النيابية عند تساؤله عن مصير اموال النفط المهرب. فقد صرح لوكالة نون الخبرية في آب\ اغسطس الماضي بأن "احصائيات وزارة الثروات الطبيعية تفيد بأن حكومة الاقليم تصدر يوميا 600 الف برميل يشكل نفط كركوك نصف الكمية المصدرة من الاقليم الى الخارج. واضاف قائلا بان “حكومة مسعود بارزاني تهرب يوميا العشرات من الصهاريج المحملة بالنفط عبر حاج عمران دون اخذ الموافقات الرسمية من الحكومة الاتحادية وان “كردستان لم تلتزم بالاتفاق النفطي حسب الموازنة العامة للدولة العراقية (....) وبين وتوت ان “حسب المعلومات التي نملكها تشير الى ان حجم واردات كردستان من النفط المهرب من الحقول النفطية بكردستان تقدر بـ27 مليار دولار “، لافتا الى ان “كردستان ترفض تسليم وارداته النفطية من النفط المهرب الى الحكومة الاتحادية.

إذن فالايرانيون فضلا عن تسهيلهم لتهريب السليمانية فانهم يسهلون التهريب لاربيل ايضا.. ما شاء الله ! ونائبنا الهمام صمت هو ايضا عن تهريب السليمانية لدى إهماله الاشارة لمنافذها. لذلك يكون الرقم الملياري الذي ذكره لا يشتمل إلا على اثمان النفط المسروق لكل السنوات من قبل لص اربيل وحده دون الآخرين من لصوص السليمانية. والسؤال الذي سيتبادر هنا.. احقا لم يكن يدري النائب الهمام بما كان يجري في منافذ السليمانية من تهريب ومنذ سنوات طويلة ويكون هو ولجنته مجرد ديكور نيابي لقاعة البرلمان ، ام ان هذا الديكور كان يعرف لكن لضرورات النفاق يتكتم بسبب من المصالح الآنية لحزبه الذي يقوده احد نواب رئيس الجمهورية ؟

لم يكن من الحكمة بداية ترك إدارة الانبوب التركي بيد الاتراك فقط مثلما لم يكن يتوجب ترك المنافذ الحدودية (وكماركها) عرضة للنهب بيد الاكراد. فكان يتوجب فرض الادارة المشتركة على الانبوب مع الاتراك كيلا ننتهي الى ما انتهينا اليه الآن. كذلك فالمنافذ الحدودية هي حدود وطنية كان يجب ان تبقى إدارتها للدولة حصرا ، لا ان تذهب لاقاليم (ومحافظات لا نعرف من يقودها). وواجب الحكومة هو السيطرة على كل مداخل البلد خصوصا الشمالية هذه هي وكماركها حفاظا على امن البلد واستقراره. وتعود الاوضاع الفالتة في الكمارك الى البند المسمى الإدارة المشتركة للكمارك مع الاقاليم مما حشر في الدستور من مهازل مثل المادة (114). والهدف الواضح من هذه المهزلة هو السماح لحفنة من اللصوص في الاقليم بوضع اليد على مورد يعود لكل العراقيين. ولا توجد دولة في العالم تقول عن نفسها مستقلة ذات سيادة تقوم بتقاسم حدودها ومواردها بهذا الشكل مع اللصوص. وهي تكون على هذا عملية نهب منظمة حشرت في الدستور !!! وحيث نرى الآن الى ماذا قد ادى هذا الوضع فعليا على الارض.

نتوقع من العبادي إنهاء هذا الوضع الشاذ بسرعة واعادة سيطرة الدولة على كل المعابر الحدودية العراقية والمطارات في اقليم الشمال ، وتعليق العمل بمهازل هذا الدستور فورا. فالاتحاد الفدرالي لا يعني التنازل عن السيادة الوطنية على البلد لايا كان.

ونحن بانتظار انطلاق إجراءات إنهاء هذه الاوضاع الشاذة..















 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter