|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  9  / 6 / 2016                                 د. سلام يوسف                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

على المكشوف

ماذا جنينا من رفع الأسعار في المؤسسات الصحية؟

د. سلام يوسف
(موقع الناس)

لعل وزارة الصحة أسرع الوزارات في تطبيق المادة(25) من قانون الموازنة الاتحادية لعام 2016، والتي تنص على: "للوزارات كافة والجهات غير المرتبطة بوزارة والمحافظات صلاحية فرض رسوم أو أجور جديدة وتعديل الرسوم وأجور الخدمات الحالية وفق تعليمات يصدرها الوزير المختص ... لغرض تغطية نفقات السنوات السابقة ... على أن يتم أشعار وزارة المالية ..ألخ". بحيث جاءت الإجراءات سريعة جداً(يعني سلكوها ع السريع)، والنتيجة أن المرضى وذويهم تفاجئوا بأسعار الخدمات الطبية والتي لم تخطر حتى في منامهم، كونهم قد ناموا وهم مطمأنون أن الدستور ينص على ان الدولة تقدم الرعاية الصحية وتؤمّن المتطلبات الايجابية لصحة المجتمع.

وتم التنفيذ، وأصبحت أجور الخدمات التي تقدمها مؤسسات وزارة الصحة (أي مؤسسات الدولة والتي مصدر ميزانيتها هو النفط الموجود في باطن ارض العراقيين والذي يُفترض ان يكون ملك جميع العراقيين)، عبئاً لم يُحسب له الحساب حتى في أحلك الظروف الاقتصادية التي مر بها البلد، وأصبحت ثقلاً مضافاً على كاهل المواطنين عديمي الدخل او ذوي الدخل المحدود، وهم يشكلون الجزء الأعظم من أبناء الشعب.

فماذ نتج عن الوضع الجديد الذي أصبح فيه حتى القاء التحية والسلام في أروقة مؤسسات الدولة الصحية مقابل ثمن؟
نتج عن عزوف أعداد غير قليلة من المواطنين لمراجعة تلك المؤسسات، وهذا عملياً يعني، أن حالاتهم ستتحول الى إستعصاءات صحية يصعب علاجها فيما بعد، وتعني شرخ أضافي جديد في هيكل صحة المجتمع من خلال انتقال عدوى الأمراض الانتقالية والمشتركة، وتعني ثالثاً فقدان بوصلة الرصد والإحصاء الوبائي والذي يُعد العمود الفقري في أي نظام صحي في العالم حيث عليه وبه ومنه يتم رسم السياسة الصحية للبلد وكذلك بناء الخطط الإستراتيجية القريبة والمتوسطة وبعيدة المدى، كما تعتمد على تلك الإحصاءات سياسة البلاد في استيراد الأدوية والعلاجات واللقاحات، بل وتعتمد عليها الطاقات التخزينية الإستراتيجية لكل ما يتعلق بصحة الشعب، وتأمين مستلزمات صحية وطبية على المَديين القريب والبعيد، تحسباً، وهذا ما تعمل به كل دول العالم.
ونتج ان أعداداً أخرى غير قليلة من المرضى لجئوا الى مكاتب الشعوذة والدجل وتغييب العقل والوعي.

وليت الأمر ينتهي بقدر تعلقه بمراكز الرعاية الصحية الأولية أو المستشفيات والمستشفيات التخصصية والعيادات الشعبية ومراكز التأمين الصحي في القرى والأرياف، وإنما تعدى ذلك الى الأجور المستوفاة من أصحاب المطاعم ومعامل أنتاج المواد الغذائية مقابل إرسال النماذج الغذائية للفحوصات المختبرية، حيث أصبحت عدة أضعاف، مما سبّب في امتناع أصحاب المعامل والمطاعم من التعاون مع فرق الرقابة الصحية وبالتالي الى تسرب مواد غذائية الى الأسواق المحلية وتناولها من قبل المواطنين دون فحص أو على الأقل بدون متابعة صلاحيتها للاستهلاك!

ومما يؤسف له فأن رفع الأجور التي نفذتها وزارة الصحة لم ترفع من نوعية ومستوى الخدمات التي تقدمها للمرضى، بل بقي الحال كما هو عليه إن لم يكن أسوأ.

كنا نأمل ان تكون إجراءات وزارة الصحة في محاصرة الفساد والمفسدين ومن ثم القضاء عليه وعليهم، بنفس (الهمّة!) و(السرعة) التي خططت وأقرت ونفذت بها إجراءاتها غير المدروسة التي اضرّت كثيراً.




 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter