|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  6  / 2 / 2016                                 د. سلام يوسف                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

على المكشوف

نظرية زحزحة الأطباء ..!

د. سلام يوسف
(موقع الناس)

بدأ العلماء يقتنعون ويميلون، في الوقت الحالي، الى التفسير الذي أوردته نظرية "زحزحة القارات" كونها أكثر نظرية علمية مقبولة لديهم في تفسير ما طرأ على تضاريس الكرة الأرضية ومعالم جغرافيتها، ومفاد هذه النظرية، أن شكل القارات الحالي سببه حصول إزاحة بعضها عن بعض وهناك مؤشرات الى استمرار تلك الإزاحة، فراحت يابسة ومياه، تحتل أماكن ليست لها أصلاً، وأصبحت أمراً واقعاً علينا قبوله، فنرسمه في دفاتر الخرائط ويتم امتحاننا على وفق تلك القناعات، في حياتنا الدراسية.
هذا أمر ليس بيدنا، فما بالك وهناك إزاحة من نوع أخر وهو صنيعتنا؟!

منذ يوم تسلقْ المقبور واستحواذه على السلطة في نيّة مبيّتة لتخريب البلاد وحياة العباد، بدأت تغزو مجتمعنا ظواهر خطيرة ومنها إزاحة الطبيب عن موقعه في ممارسة مهنة التشخيص ووصف العلاج، من خلال نظرية لا تتوفر ظروف استنباتها الاّ في مجتمعات التخلف والجهل والشعوذة.

فبسبب من الفقر وجشع أصحاب المهنة أصبح الناس يختزلون الطريق السليم في تشخيص ووصف العلاج، مما وفر فرصة نادرة كي تطفو ممارسات انحسرت في سبعينيات القرن الماضي حيث ارتقى الوعي الصحي أضافة الى تخريج أعداداً من الأطباء تتلمذوا على أيدي خيرة أساتذة الطب العراقيين وبات هؤلاء الخريجين يفتخرون بما لديهم من علم.

أما اليوم فالمريض يذهب الى الصيدلية ليبتاع ما لذ وطاب من الأدوية بموجب وصف بعض الأعراض(علماً أن آلاف الأمراض تشترك بالكثير من الأعراض)، والشخص الواقف في الصيدلية، يلبي طلبات (الشاري)، علماً وحسب المعلومات المتوفرة تؤكد على أن الكثير من الذين يتعاملون مع الأدوية هم ليسوا بصيادلة ولا معاونين صيدلانيين، بل وبعضهم شئ أخر ليس له علاقة بالطب والصيدلة أطلاقاً، والأنكى من ذلك أن بعضهم أخترع "خلطات" لم يرخصها أو يقرها جهابذة العلم الأقدمون واللاحقون!
وكذا الحال بالنسبة (لصيدليات/ بسطيات) الأرصفة!

وهناك نوع أخر من الإزاحة، حينما أصبحت (دكاكين) الطبابة هي أماكن فحص وتشخيص وصرف علاج وأجراء عمليات، بدلاً عن العيادات الخاضعة لنقابة الأطباء ودوائر تفتيش وزارة الصحة.

أما المشعوذون والدجالون فهؤلاء لا يتاجرون بأرواح الناس (المغلقة عقولهم)، وحسب، وإنما اتخذوا من الدين(والدين منهم براء) وسيلة وستار لتمرير دجلهم وشعوذتهم، بل نفذوا الى جيوب الناس وما يمتلكون من مواد عينية من خلال الولاءات المذهبية والطائفية، ووصل بهم الحال الى أن يمارسوا دجلهم وشعوذتهم تحت مرأى ومسمع (الأجهزة التنفيذية لوزارة الداخلية)، على عكس واجب تلك الأجهزة والمفترض أن يكون لحماية المواطنين من عبث العابثين، كخطوة أضافية داعمة لتثبيت أركان نظرية إزاحة الطبيب.

إن غياب الدولة وفقدان هيبتها وضياع القانون والتخلي عن الرقابة والمتابعة إضافة الى الانفلات الأمني وتغليب المصلحة الضيقة على المصلحة الوطنية العليا، هي الأسباب المباشرة التي أدت الى استيلاء عناصر سيئة وغير مؤهلة ولا مرخصة، على الموقع القانوني والشرعي للطبيب الذي اجتهد وتعلم وخضع لسلسلة من الامتحانات والاختبارات والتي تمنحه الحق القانوني في ممارسة مهنة الطبابة.

ولمّا كان الموضوع برمته يحمل مكامن الخطورة المباشرة التي تهدد حياة الأفراد وصحة المجتمع، لذا بات من الأهمية القيام بحزمة من الإجراءات تقف في وجه موجة عارمة من الانحراف في ممارسة الطبابة، ويبدو أن أول وأهم تلك الإجراءات، هو الشروع بحملة توعية مجتمعية باستخدام كافة الطرائق لقطع دابر لصوص المهنة ومتسوليها.

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter