|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  27  / 4 / 2016                                 د. سلام يوسف                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

على المكشوف

أي أصلاحٍ في القِطاع الصحي .. نريد؟

د. سلام يوسف
(موقع الناس)

معاناة القِطاع الصحي بعناوينه البرامجية والخدمية والإدارية والتي جميعاً تندرج تحت عنوان (السياسة الصحية للبلد)، هي جزء لا يتجزأ من معاناة كل قِطاعات المجتمع، بل هي عيّنة من ذلك الخليط السيئ، الذي يعيشه العراق ما قبل وما بعد 2003.

فالقطاع الصحي قبل 2003 وجراء عسكرته وتبعيثه، أمتاز بتدني الخدمات الصحية جراء نقص حاد في عدد المؤسسات الصحية ونقص في المستلزمات الطبية وفي الكوادر مع سوء الإدارة وغياب الرقابة الصحية ناهيك عن تفشي الكثير من الأمراض الانتقالية وغير الانتقالية ارتباطاً بواقع بيئ مريض أصلاً.

وجاء المتحاصصون الأثنيون الطائفيون ليزيدوا الطين بلّة، وفعلاً زادوها! ونحى الخط البياني لهذا الواقع منحى خطير تمثل بالتوجه وبخطى حثيثة نحو فرض رسوم (غير منطقية وغير مبررة) في كل مفاصل ومفردات خدمات القطاع الصحي، أرضاءً لإجراءات التقشف التي تتبعها الحكومة جراء فسادها اللعين، وكان بإمكان وزارة الصحة أن تتخذ إجراءات أخرى غير تلك التي اتخذتها والتي سببت أزمة حقيقية في معيشة الغالبية من أبناء الشعب، فالصحة تمثّل ثلث مشاكلهم الفعلية.

ولمّا كان القطاع الصحي يقع ضمن حدود منظومة الإصلاح التي تنادي بها الجماهير، كونها في مقدمة قائمة تقديم الخدمات الأفضل، لذا فهذا القطاع يحتاج الى جهود أصلاحية جبارة، تبدأ بإلغاء الإجراءات التعسفية بحق لقمة عيش المواطن، وإعادة الروح الى المادة الدستورية التي تنص على مسؤولية الحكومة على تأمين الصحة للمواطنين وليس فرض الضرائب عليهم، ثم ولأجل أثبات حسن النيّة من قبل الجهات الصحية البرلمانية والحكومية، في الإصلاح، لابد من تشكيل هيأة مستشارين أكفّاء جنسيتهم المواطنة وجواز سفرهم الإخلاص والنزاهة، تعمل على أعادة هيكلة وزارة الصحة وتخليصها من الفاسدين والمفسدين ومحاسبتهم وتقديمهم الى لجنة النزاهة (ومعاقبة من ثبت تلوث ضميره ونزاهته وأمانته وفق القانون النافذ)، واختيار الكفاءات النزيهة بعيداً عن المحاصصة، أعداد خطط أنية ومستقبلية قابلة للتطبيق للارتقاء بمستوى الخدمات التي تقدمها المؤسسات الصحية المختلفة، تلك الخدمات لا يمكن لها أن تكون ما لم يتم التخطيط باتجاه أنشاء مجموعة من المستشفيات العامة والتخصصية والطوارئ، أعادة النظر بالتوزيع الجغرافي للمؤسسات الصحية وكوادرها،أعادة تأهيل وتشغيل معامل القطاع العام لإنتاج الأدوية والمستلزمات الطبية مع إفساح المجال أمام القطاع المختلط لأداء دوره في التنمية، العمل الجاد على تدريب وتعليم الكوادر الوسطية الطبية والصحية والتقنية، الاستفادة من العمالة الوطنية ومنع الاتجار بالعمالة الأجنبية حماية للعملة الصعبة من جانب وكمساهمة في توفير فرص عمل للأيدي العاملة العراقية وفي كافة المجالات من جانبٍ أخر، القيام بحملة توعية كبرى وعلى كافة المستويات وبمشاركة منظمات المجتمع المدني لتنظيف المجتمع من الأفكار البالية والمغلوطة علمياً وتنوير الناس ضد الشعوذة والدجل الذي يمارسه ممتهنوها، وهذا يتطلب التنسيق مع جهات تربوية وثقافية وأعلامية، ولابد من أعادة النظر بوظيفة "المفتش العام" التي أصبحت حكومة في داخل حكومة! وكذلك أعادة النظر بقانون تقاعد الكوادر الطبية والصحية للأنصاف والعدالة مع أقرانهم العاملين في الوزارات الأخرى، ناهيك عن إفساح المجال أمام المخلصين والكفوئين في أدارة دفة نقابات ذوي المهن الطبية والصحية بعيداً عن المحاصصة والتحزب، تفعيل دور الرقابة الصحية بصورته الايجابية، منع مظاهر الطائفية في المؤسسات الحكومية الصحية، أعتماد الشفافية في طبيعة العلاقة بين المواطن ووزارة الصحة والبيئة.

إن الإجراءات الإصلاحية هذه لو تمت، فستعاد الهيبة للخدمات الطبية العراقية وسيستغني المواطنون عن السفر خارج العراق بحثاً عن الأفضل والأجود والأحسن!



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter