|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  1  / 11 / 2016                                 د. سلام يوسف                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

على المكشوف

بأنتشار الدجل والشعوذة.. تدهورت صحتنا !

د. سلام يوسف
(موقع الناس)

تحاول العلوم الطبية وعلى مر القرون أن تتوصل الى معالجة ما يمكن معالجته من الأمراض ألمتنوعة فهي أمراض التهابية وغير التهابية جراحية وغير جراحية، منها النفسية ومنها العصبية ...الخ ، ويحاول العلماء الاستفادة من الكم الهائل من المعلومات أضافة الى تطويع منتجات الثورتين الصناعية والالكترونية من أجل خدمة الإنسان والتعامل مع أمراضه كوحدات مادية موجودة بالفعل يلمسونها ويتعاطون مع كل مخرجاتها. وواحدة من الأمور التي تتفق عليها شعوب الأرض هي الاكتشافات الطبية سواء التشخيصية أو العلاجية وكذلك التحصينية لدرء مخاطر الأوبئة عن المجتمعات، فالتأريخ يحدثنا عن الهلاكات الكبيرة التي حصلت جراء تفشي الأمراض وبالتالي فأن العلم والعلماء يعملون جاهدين من أجل حماية البشرية من شرور تلك الآفات المرضية بمختلف صنوفها.

ونرى في البلدان التي سلكت طريق البناء والعمران والتقدم والحضارة العلمية والإنتاجية قد اهتمت اهتماماً كلياً بالطب والطبابة وبصحة المجتمع، وجعلتها مُلازمة لكل خطة تنموية، وهذا يعني أنها تعمل باتجاه إشاعة المفاهيم العلمية المتجددة وبشكل مستمر ودائم بين الناس، كي يمتلكوا وسائل تمكنهم من المساعدة في تحاشي الإصابة بالأمراض المعدية وغير المعدية، فراجت المفاهيم الصحية العلمية بين الناس من خلال منظمات المجتمع المدني ووسائل الأعلام وفي المدارس والمعاهد والكليات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية ودور العبادة، وفي كل مرافق تلك الدول والمجتمعات بل وسُنّت قوانين يحاسب بموجبها القانون، هدفها مصلحة الوطن والمواطن عن طريق الثقافة الصحية ومحاربة كل ما شأنه ان ينتج ضرراً صحياً مهما صغر.

الاّ أن ما يحصل في بلداننا وجراء سياسات الأنظمة اللا مدنية واللا ديمقراطية (من الناحية الفعلية وليس المذكور في الدساتير)، وفي العراق تحديداً، قد شاعت مفاهيم بالية، بعيدة كل البعد عن العلم والتكنولوجيا والالكترونيات التي تنعم بها بلدان العالم، وانتشرت دكاكين الدجل والشعوذة وأصبحت تجذب الأميين ومغيبي الوعي وبسطاء التفكير وخصوصاً من الطبقات الفقيرة، فأصبحت تلك الدكاكين مراكز تجارية، بضاعتهم وسائل بدائية ومفاهيم ساذجة يبحرون بواسطتها بعقول هؤلاء الجهلة والمساكين في محيطات الغيب لينتج عنها انتقال العدوى بين الناس، والاّ ما معنى إنسان مصاب بحمى التايفوئيد ليأتي (أحد هولاء التجار) ليعالجه بالكي وحجاب!! والتايفوئيد مرض بكتيري ينتقل عن طريق الطعام والشراب الملوث بها، وما معنى أن يعالجون شابة مصابة بالصرع بالقيام بحركات بهلوانية لإخراج شئ ما من رأسها! في حين ثبت بما لا يقبل الشك أن الصرع هو عدم مركزية الشحنة الكهربائية الدماغية، لسبب وخلل عضوي! وما معنى ينصح أحد الدجالين أمرأة لا تنجب أن تكتب على بطنها أسم أحد الأئمة الأطهار على بطنها كي تحبل؟ في حين هناك أسباب صحية علمية مادية ملموسة في حصول حالة تأخر الحمل أو العقم والتي بدأ العلم فعلاً بمعالجتها.

لقد أصبحت الحالات المعدية العديدة بؤراً لانتقال العدوى بين الناس وغدا انتشار تلك الأمراض سهلاً بحكم تلك الممارسات التجارية التي وللأسف الشديد تحظى بدعم وحماية الحكومة وهذا يعني من الناحية العملية المساهمة المباشرة في توفير مناخات مثالية لتحول تلك الأمراض من أمراض متوطنة ساكنة الى أوبئة تنفجر في اية لحظة.

لقد تدهورت صحة المجتمع خلال العقد الأخير في العراق بصورة ملفتة وما أدل على ذلك من الإحصاءات التي تشير الى انتشار أمراض عديدة ومنها قد ظهرت بعد أن كان العراق في الطريق الى إعلان نظافته منها.

إن الدجل والشعوذة التي يمارسها هؤلاء التجار الدخلاء على المهنة وعلى الانسانية، قد ساهمت بشكل مباشر في اشاعة الخرافات، بل في إشاعة طقوس وسلوكيات لا يمكن في اي حال من الاحوال ان تعزلها عن مفاهيم سادت في العصور الجاهلية والوسطى المظلمة، فأية جاهلية هذه التي تُعزي أنتشار السرطان الى الحسد؟! وأية مفاهيم ، تقر أن علاج داء السكري يتحقق بخرزة!!

اننا بحاجة الى فعل اعلامي واسع وخطة توعوية هدفها المواطن وصحته وصحة المجتمع بعيداً عن الدجالين والتجار والمرابين والسماسرة والطفيليين الذين يتلاعبون بمقدرات الناس والمجتمع، اعتقد ان هذا الموضوع بحاجة ماسة لتدخل برلماننا العتيد!
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter