|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  17  / 5 / 2015                                 د. سلام يوسف                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

على المكشوف

مراكز الدجل... لعلاج العلل!

د. سلام يوسف

نعلم كما يعلم الجميع ان البلد يعيش فوضى القوانين والرقابة على تطبيقها، بل في أحايين كثيرة نفتقد وجود القوانين، وسبق ذلك عدم الالتزام بالدستور والالتفاف عليه في هذه المحطة أو تلك، ونعلم كما يعلم الجميع ان البلد ومنذ زوال النظام تسيّره الإرادة التحاصصية بين الكتل المتنفذة وليست المصلحة الوطنية الدنيا أو العليا.

والمعروف أن كل النشاطات الإنسانية في البلد تدخل تحت عنوان كبير وواسع ألا وهو "خدمة عامة" والتي تخضع الى ضوابط، هذه الضوابط يتم استخلاصها من روح القوانين المقيّدة بالدستور، لماذا؟ كي تقطع الطريق أمام المتلاعبين بمقدرات الناس وعدم استخدامهم لـ(الخدمة) استخداماً بشعاً مشوهاً استغلالياً لمنافع ذاتية صرف.

كليات الطب يتخرج فيها مَنْ هم سيكونون أطباء المستقبل الذين مهمتهم تشخيص أمراض الناس وتحديد العلاج، أما باقي خريجي الكليات التقنية أو معاهد ودور الطبابة والتمريض وغيرها ،فهم جميعاً يعدون العمود الفقري للطبابة والمسؤولين عن تطبيق ومتابعة قرارات الأطباء التشخيصية بل هم المساعدون الرئيسيون في اغلب الأحيان.

وفي بلادنا التي تمتاز بفوضى السوق وقد غابت عنه الضوابط التي تنظمه وتضبطه، فراح كل من هب ودب يمارس عملاً يتكسب منه نافذاً من ثغرة غياب القوانين وضعف المتابعة وتراجع الوعي المجتمعي والاستغلال البشع لمعتقدات الناس إضافة الى السلبيات التي تشوب ممارسة ذوي المهن لمهنهم.

ومثال صارخ على ذلك العيادات(والمراكز) غير القانونية ولا العلمية التي يفتحها أصحابها (ليعالجوا) فيها أمراض الناس.

إن الاستغلال البشع لمعتقدات الناس وكذلك استغلال الجهل والتراجع المعرفي بينهم من قبل آخرين ارتضوا أن يتاجروا بآلام وأنين بني جلدتهم، إنما هو العودة الى القرون المظلمة والاستخفاف بعقول وحياة البشر.

ملصقات هنا وهناك على حيطان البنايات وعلى الجدران الكونكريتية، بوسترات أعلانية لمثل هذه العيادات والتي يدعي أصحابها أنهم يشفون كل الأمراض بلا استثناء! والأغرب من كل ذلك تجد هذه الملصقات في الأماكن القريبة من المستشفيات والمجمعات الطبية.

كل هؤلاء الذين يدعون قدرة أشفاء كل المرضى ومن كل الأمراض ،هم ليسوا بأطباء، ولم يدرسوا التشريح وعلم الفسلجة وعلم الأمراض وعلوم الصيدلة والباطنية والجراحة والبكتريولوجي والطفيليات والفايروسات والأشعة والأمراض الجلدية والنسائية والتوليد وأمراض الأطفال والأمراض السرطانية ،العظام والكسور وأمراض الأنف والأذن والحنجرة وأمراض العين وأمراض الجهاز العصبي والأمراض النفسية وغيرها.

كيف لهم إذاً أن يدعوا بما ليس لهم؟ فهم حفاة من المعرفة ولا يمتلكون ألاّ القدرة الكلامية، ينطقون بجملٍ توهم المريض وأهله، بل كيف يجرؤ مريضٍ ما أن يسلّم حياته بيد إنسان لا يعرف ولم يسمع حتى بمسببات الأمراض؟

ومادامت الجهات المخوّلة بالموافقات على فتح العيادات والمراكز العلاجية تغض الطرف عن انتشار عيادات ممارسة الدجل والشعوذة وكأن الأمر لا يعنيها او تخشى المساس بها، وكذلك عدم اكتراث الجهات المعنية الرادعة، فأن مثل هذه الظواهر ستزداد في مجتمع يتراجع بكل قيمه ،حينها نعلن صوتنا ونقول...دعونا نحن نفضح هؤلاء المشعوذين المتلاعبين بعقول الآخرين، وهذه مهمة وطنية!




 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter