|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  15  / 3 / 2015                                 د. سلام يوسف                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

على المكشوف

هل كل مصاب بالسرطان .. يموت؟!

د. سلام يوسف

نصف شفاء أية حالة مرضية يعتمد على الحالة النفسية، والحالة النفسية فيها مساران ،الأول براعية الطبيب المعالج ،أما المسار الثاني فيعتمد على قوة أرادة وشخصية وثقافة المريض نفسه.

كثيرة هي الحالات المرضية الصعبة ،وحينما نقول صعبة فالمقصود تلك الحالات التي تحتاج علاجات خاصة ،ومدد قد تطول ،تداخل جراحي أو علاج باهظ الثمن، منها حالات مركبة أو معقدة ،ومنها تحتاج الى علاج شخصين في نفس الوقت.

من تلك الحالات الصعبة ،مرض السرطان، وبدءاً نقول أن أي جزء من أجزاء الجسم معرض للإصابة بالسرطان ،فالسرطان باختصار شديد هي حالة تمرد خلايا نسيج أي عضو من أعضاء الجسم عن السيطرة الطبيعية لنموها وتكاثرها ومواتها.

وصعوبة السرطان تكمن في وقت اكتشافه ،موقعه ،وانتشاره ،والعقدة الأهم هي كيفية أيصال حقيقة التشخيص الى المريض نفسه وأهله ،وفي كيفية التعامل مع تلك الحقيقة ،وقد دلت كافة الدراسات التي اجرتها العديد من المراكز البحثية النفسية ـ الاجتماعية ،أن أرادة المريض وقوته وشجاعته تلعب دوراً فاصلاً في الكثير من حالات الشفاء.

أن تعامل المريض مع حالته السرطانية تسهّل أمر العلاج والشفاء، وما نقصده بـ(التعامل)، هو تفهم المريض لحالته المرضية ومحطات العلاج ومسارات الشفاء، فالسرطان ليس من الحالات العابرة والتي يمكن إخفاء حقيقة الإصابة به لفترةٍ ما ،كون الغالبية العظمى من حالات السرطان تحتاج الى متابعة علاجية عدا الجراحية والمتمثلة بالعلاج الكيمياوي أو الإشعاعي ،أذا لم يكن العلاج الكيمياوي هو الخطوة الأولى في العلاج ،بمعنى أن مرضى السرطان أصبحوا اليوم ،ونحن في القرن الواحد والعشرين ،على دراية بما يدور حولهم من إجراءات، بحيث لم يعد هناك مجالاً لإخفاء الحقائق.

عشرات، مئات ،آلاف ،بل عشرات ومئات ألوف المصابات والمصابين بأنواع السرطانات قد شفوا بعد رحلة علاج جراحي أو كيمياوي وإشعاعي ،أو خليط من هذه العلاجات ،وعادوا يمارسون حياتهم بشكل طبيعي جداً بعد أن مرت عليهم أيام ثقيلة جداً بل أستطيع القول أنهم عاشوا الموت وهم أحياء.

فليس كل من يصاب بالسرطان مصيره الموت خصوصاً وأن المعرفة الطبية العلمية قد كشفت الكثير من اسرار هذا المرض ،ومفاصل نجاحات مطمئنة قد تم تحقيقها، وبالتالي قد جعل فسحة الأمل واسعة أمام المصابين، أن التطور الطبي ـ التكنولوجي ،قد قفز كثيراً باتجاه تحقيق الشفاء، وأن المعرفة العلمية التخصصية قد اختصرت الكثير من خطوات رحلة العلاج المرهقة، بل أصبحت تشيع الأمل الحقيقي في البراء التام من الخلايا السرطانية المدمرة والتي يكتشف العلماء يومياً سراً من اسرارها.

نحن في العراق بحاجة ماسة الى مراكز عالية التخصص في التعامل الطبي ـ التوعوي عن مرض السرطان وكيفية التعايش مع رحلة العلاج ،فالخطوة الأولى نحو مسيرة الشفاء من السرطان تبدأ بساعة اكتشافه.

كما أن الدعم الحكومي لكافة أدوات تشخيص وعلاج السرطان ،يبقى ذات أهمية متميزة كون تلك الأدوات باهظة الثمن لا يتمكن المريض من توفيرها.


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter