|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  14  / 6 / 2015                                 د. سلام يوسف                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

على المكشوف

حديث الى الابوين
براءة الاطفال ..مهددة !

د. سلام يوسف

كلنا أو اغلبنا يتذكر طفولته، ويتذكر الألعاب التي كان يلهو بها، فاغلبها يتسم بالبراءة والبساطة وتعكس مدى صفاء سريرته ونقاء تفكيره قبل أن تتزاحم فيه مشاريع ومشاكل وأسرار الدنيا، يغفو على قصة جميلة تقصها له والدته ويصحو مع زقزقة العصافير، نوم هادئ وعميق بدون أحلام مزعجة او فزع المناظر والأصوات المرعبة، وكلها تنعكس بالعقل الباطن.
وأستطيع أن أجزم، أن الطفل العراقي قد عانى وعلى مدى عقود وهو ما زال يعاني ولغاية اليوم من ضغوطات غير مسبوقة، تضغط على براءته وسلاسة تفكيره وهدوء أحلامه ،من جراء الحروب والاقتتال مما أدى الى ارتفاع نسبة العوارض النفسية لديه الى نسب مثيرة متمثلة بالتلكؤ الدراسي والمعرفي، مشاكل بالنطق والإدراك والاستيعاب، سلس البول الليلي، مص الأصابع أو قضم الأظافر وأحياناً الانعزال والاختباء وراء الذات..الخ، الى حد أستطيع القول، (أذا ما أردنا أن نعطي مثالاً عن الطفل المعنّف، فالطفل العراقي يأتي في المقدمة مثالاً صارخاً!)
ويبدو أن أباء وأمهات اليوم لم يكتفوا بما جرى ويجري للعراق والعراقيين من أحداث مؤسفة لا إنسانية من حروب وتهجير وقتل ودماء وصراخ وعويل وتهديم وخراب وتخلف وتأثير كل ذلك على نفسيتهم ونفسية أطفالهم وإنما أضافوا الى هذه القائمة، العاب تصنعها مصانع الإجرام ،مصانع تديرها ماكنة تشويه إنسانية الإنسان، ويروّج لها تجار المال والحروب والاقتتال، وهذا هو جوهر فكر العولمة المتوحشة.
تصنيع العاب الأسلحة، إنتاج الأفلام الحربية وأفلام الرعب، بث مهازل حلبات المصارعة ..الخ كلها عنف في عنف، ويأتي الأبوان العراقيان ليزيدا من الثقافة المشوهة التي تدخل في البناء النفسي لأطفالهم، باقتناء هذه الألعاب ومشاهدة هذه الأفلام وغيرها، وماذا ستكون النتيجة؟ أطفال ينشأون على صور الاحتراب والعنف وكأن الحياة لا وجود فيها للسلام والمحبة والتآلف والتسامح والتي تأتي من خلال عكس صور الحياة الجميلة وإشغال الأطفال بلعب تنمّي قابلياتهم الذهنية وتعزز صفو براءتهم وعكس معاني تعزز من الصفات الإنسانية قبل ان تشوهها العلاقات الاستغلالية البشعة وما نتج عنها من حروب وهدم وخراب.
الا توجد العاب الميكانيك والشطرنج والمكعبات والرسومات والألوان ليلهو بها أطفالكم؟ الا توجد أفلام الرسوم المتحركة الجميلة ليشاهدها أطفالكم غير حلبات المصارعة التجارية؟ الا توجد في الحياة قصص عن الحيوانات والأشجار والزهور؟ الا توجد قصص تنمّي روح التعاون وحب الغير؟
أتسائل، طفل يحمل مسدس او بندقية، ليتدرب، يتدرب على قتل مَن؟ طفل يقلد حركات(تمثيل) المصارعة ومن ثم يتعرض الى الأذى، من هو الخاسر ولماذا؟ طفل لا تنمو قابليته الذهنية ولا تُستغل خامات عقله الواسعة في التعلم والمعرفة، كيف ستكون حدود تفكيره؟ طفل يشاهد أفلام الحروب والرعب، بماذا تغنيه؟
ان البلدان المتقدمة أصبحت متقدمة بفضل التوجيه الصحيح والسليم لأطفالهم وبفضل الأساليب والطرائق التي اكتشفوا من خلالها المكنون الهائل في أدمغة أطفالهم، فالعلماء والاكادميون لم يأتوا من كوكبٍ أخر ،أنهم من المجتمع نفسه، وللعلم فالبلدان التي تصنع الألعاب الخبيثة تصدرها لكم بل وتحرمها على أطفالهم.
انتبهوا أيها الآباء!
انتبهن أيتها الأمهات !
ان براءة أطفالكم مهددة بالخراب والتخريب ،فسينشأون كمشاريع مستقبلية للانحراف النفسي والاجتماعي.

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter