|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  14  / 4 / 2015                                 د. سلام يوسف                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

على المكشوف

صفقات تجارية علاجية !

د. سلام يوسف

ليس غريباً ان تطفو الى السطح دوماً زمر الطفيليين، الذين يعتاشون على آلام وأنين ودموع أبناء الشعب، فالطفيليون ليست لهم هوية كما الإرهاب وكما الأمراض، وليس لهم مكان ولكن لهم زمان ،زمان محنة الوطن ،زمان محنة الشعب.

وجرّاء الطبخات التآمرية التي قادها النظام البائد وشاركت فيها اطراف متعددة، ليصبح الوطن والشعب بعد ليلٍ، على سياسات تحاصصية أدت الى النتائج الحالية المعروفة ،وفي غفلة الزمان ،وتوهان القوانين والرقابة ،فقد طفى الطفيليون ،وظهر الفاسدون ،وبان المتاجرون، نافذين من الفراغ الحاصل في الغالبية العظمى من العناوين ،ليشيعوا هنا وهناك إشاعات غاياتها العظمى الربح ،والربح فقط، ورأسمالها أمراض الناس.

فبسبب الوضع الأمني وتراجع الخدمات بما فيها الطبية والصحية ،قفز الطفيليون من بغداد الى الهند ،الى أيران ،الى تركيا، وربما الى بلدان أخرى، مستصحبين أمراض بني جلدتهم الى مراكز علاجية هناك ،مراكز هي ذاتها غير شغّالة بأمراض أهل البلد نفسه ،بل أن بعضها (أنفتحت عليها طاقية القدر)، فغيّرت حتى من تعاملها المالي، من عملتها الوطنية الى الدولار الأميركي.

والمريض العراقي المغلوب على امره، يقتّر على نفسه وعائلته، ويبيع أغراض بيته ،ويستدين في احيان كثيرة ،من أجل عملية قسطرة في ذلك البلد ،أو زرع عدسة في بلد أخر ،أو أجراء فحوصات آلام الفقرات والمفاصل، في بلد ثالث وهكذا ..!

وبنفس الوقت فالمرضى العراقيون سواء عن دراية او لا ،فهم(يهبون) أموالاً طائلة لشبكة الطفيليين ابتداءً من مكاتب ترتيب سفرهم في العراق ،وانتهاءً بأصغر عامل في المراكز العلاجية في تلك البلدان.

والسؤال ، لماذا يغادر العراقيون للعلاج خارج الوطن؟
لا أحد يتفق مع الرأي القائل أن أطباء تلك البلدان أمهر من أطبائنا، الأطباء العراقيون مشهود لهم السمعة البرّاقة ،لكن مالذي حصل ،ما لذي جرى كي يستبدل المريض قناعاته؟

بلا شك ،ما أصاب القِطاع الطبي ليس بمعزل عمّا حصل في البلد قبل وبعد 9 نيسان 2003، فقبل زوال النظام شهد التعليم الطبي وبشكل تدريجي، تراجعاً متسارعاً، وتوقف تماماً بناء أو تأهيل المؤسسات الصحية ناهيك عن عسكرة الطبابة، ليستمر الحال كما هو الى ما بعد زواله مضافاً اليه الهجمة المنظمة ضد الكوادر الطبية وعناوينها الكبيرة، فمنهم من أستشهد ومنهم من تركوا البلد ،وكل ذلك ترك فراغاً كبيراً في الساحة العلاجية العراقية بعد أم كان يأمّها الكثير من غير العراقيين وخصوصاً الخليجيون.

نعم هناك خلل في تقديم الخدمات الطبية في العراق للأسباب أعلاه وأسباب ذاتية أخرى ،ولكن لابد أن يتحسن الوضع مادامت هناك جهود حكومية طيبة وأخرى حريصة، فمقابل وجود شبكات الصفقات التجارية، ومقابل (السذاجة المعرفية والمعلوماتية) ،هناك جهود وطنية حثيثة نحو الارتقاء بالخدمات (رغم ما يشوبها من فساد أو تلاعب أو تلكؤ) ،الاّ أنها موجودة ولابد أن تتحسن نحو الأفضل ،والأمثلة عديدة ،منها مراكز أمراض القلب ،كالمركز العراقي لأمراض القلب في مدينة الطب ،ومثله في مستشفى أبن البيطار ومستشفى أبن النفيس وكذلك في العديد من المحافظات.

نحتاج الى أعادة الثقة بين المريض وطبيبه العراقي ،والثقة قضية بحد ذاتها يشترك فيها الطرفان، أضافة الى الطرف الأهم وهو الأعلام.
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter