|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  10  / 12 / 2015                                 د. سلام يوسف                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

على المكشوف

اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة

د. سلام يوسف

منذ عام 1992 أقرت منظمة الأمم المتحدة يوماً عالمياً لذوي الاحتياجات الخاصة والذين بمجموعهم يشكلون رقماً لا يُستهان به في الإحصاء العام لكل بلد، إضافة الى أنهم يشكلون موقعاً مهماً جداً على الخارطة الإنسانية بكل أنعكساتها الاقتصادية والاجتماعية.

"وذوي الاحتياجات الخاصة"، تعبير أرقى إنسانيةً من كلمة ـ معاق ـ، قد أتفق عليه المختصون، حيث وجدوا أن تأهيل أفراد هذه الشريحة وإعادة برمجة حياتهم ودمجهم بالمجتمع إنما تأتي عبر وحدة متكاملة من الإجراءات العلاجية الطبية والاقتصادية والنفسية والاجتماعية، فراعوا في ذلك الجانب النفسي حتى بالأشارة اليهم.

أن أشكال الاحتياجات الخاصة التي تظهر على المصابين بها، أما موروثة والتي يعمل العلماء جاهدين على تنقية خلاياهم من الجينات المصابة التي تحملها، وولادة أجيال لا تحمل تلك الصفات الوراثية المريضة(وهذا ما هو متوقع ان يتم عام 2017)، أو يولد الأطفال بها جراء العديد من الأسباب المتعلقة بمنظومة الحمل والجنين وأمه، أو أنها مكتسبة جراء إصابات مَرَضية جرثومية( كالإصابة بالسحايا، أليرقان، شلل الأطفال ..الخ) أو غير جرثومية كالأمراض النفسية والعصبية، أو أنها غير مَرَضية جراء الحوادث المدنية أو الحربية والكوارث الطبيعية، علماً أن درجات وحدّة تلك الحالات تتفاوت وتختلف بطبيعة العوق الذي تسببه.

وذوي الاحتياجات الخاصة هم أناس أصيبوا بهذه العاهة أو تلك ولكن في جميع الأحوال يبقون يشكلون كتلة بشرية يمكن تأهيلها بمختلف الوسائل وأعادتهم الى حلبة المجتمع وحركته المستمرة، الى حد الاستفادة منهم كمصدر من مصادر الإنتاج الفكري أو المادي.

وتعد الحروب أحد أهم أسباب العوق والعاهات لما تخلفه من إصابات جسدية ونفسية، وخير دليل في ذلك وأقربه الينا ما أنتجته حروب النظام البائد العبثية والتي خلّفت ما يقارب مليون معاق.

الإحصاءات الصادرة عن الجهات الرسمية العراقية تقول أن عدد ذوي الاحتياجات الخاصة في العراق قد جاوز الثلاثة ملايين إنسان، وهذا يتطلب حزمة متكاملة من التخطيط وتوفير المستلزمات وبالتالي التنفيذ، من أجل تقديم الخدمات الإنسانية والصحية والاجتماعية لهذه الشريحة الواسعة.

فهم بحاجة الى دخل يؤمن أحتياجاتهم اليومية، بمعنى رصد ميزانية خاصة لهم، مما يتطلب القيام بأحصاء علمي دقيق لهم، وهم بحاجة الى رعاية صحية خاصة، فدرجة ونسبة وشدّة العوق تتفاوت، ومنهم يعاني من العوق الدماغي الشديد، وهم بحاجة الى معاهد تعليمية ـ تأهيلية متدرجة بالمستويات تتمكن من تطويع قابلياتهم وفق ما تعيد لهم الثقة في كونهم جزء لا يتجزأ من الوحدة الأنسانية التي تعيش على هذه البقعة، وهم ايضاً بحاجة الى زجهم في الوحدات الأنتاجية الخاصة بهم ليؤدوا دورهم في الحياة.

ولكن كل المعطيات الملموسة تؤكد أن العراق بعيد كل البعد عن الاقتراب من حافات الاهتمام الجدّي بهذه الشريحة عدا إصدار القانون رقم 38 لسنة 2013 والمنشور في جريدة الوقائع العراقية بتأريخ 28/10/2013، وهو في واقع الحال بقى بعيداً كلياً عن دائرة الاهتمام الإنساني والأخلاقي بهذه الشريحة الواسعة.

إننا بأمس الحاجة الى تفعيل دور منظمات المجتمع المدني والعمل على توعية المجتمع الى التعامل مع هذه الملايين بروح إنسانية حقيقية بعيداً عن النظر اليهم كونهم مواطنين من الدرجة الثانية، فالطاقة المكنونة فيهم للإنتاج المادي والفكري، تعادل طاقة شعب معافى من أي عوق كونهم يتحدَون مصاعب الحياة من أجل البقاء.

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter