|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  6  / 9 / 2015                                 سامي سلطان                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

أمن المواطن ....وطنه

سامي سلطان

افواج اللاجئين المتجهين صوب الدول الأوربية، قاصدين الأمن والأمان ، لا هم جياع ، ولاهم عراة، ولا هم غزاة، لكنهم مثلنا، أيام الأنفال سيئة الصيت، إذ تجسدت ذات الصورة، الملحمة، المحنة، الهم، ألا وهو، البحث عن الأمان، فحين حلت بنا الكارثة وما أكثر الكوارث، التي حلت بشعبنا العراقي، عندما توجهت الآلة العسكرية الغاشمة لنظام صدام المقبور، إلى كردستان بعد نهاية الحرب العراقية الإيرانية في 8/8/1988، حيث قام بحملة الأنفال سيئة الصيت، والتي استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة المحرمة بما فيها الغازات الكيماوية، التي راح ضحيتها الآف الابرياء واضطر الباقون إلى مغادرة ديارهم، دون أن يصطحبوا معهم أي شئ، اضطر العديد منهم ترك اطفالهم في المسالك الجبلية الوعرة، لعدم قدرتهم على حملهم، وفجعت العديد من الأمهات باطفالهن الرضع، التي ابتلعتهم الانهر بتياراتها المجنونة، أثناء العبور الاجباري.

إن سكان كردستان شيباً وشباباً، رجالا ونساء، الذين نُكبت مناطقهم، عانوا وضعا مآساويا، لا يمكن وصفه بكلمات، فلكل واحدا منهم قصة ملحمية فاقت التصور، كتل بشرية، تتحرك مرعوبة بين المسالك الجبلية الوعرة والوديان، تبحث عن ملاذ آمن، يحميها من الموت المحقق الذي يلاحقها في الأرض والسماء، في تلك اللحظات العصيبة وانت تعاني التوتر والرعب، تلجأ الى اي شئ ، تحتمي بغصن شجرة هزيلة، أو صخرة لا يتعدى حجمها نصف انسان ، وفي رأسك مجرد أمنية، النجاة من الموت المحقق، يحدوك الأمل في أن تتواري عن أعين الطيارين، الذين يسقطون عليك حممهم، وعلى اي شئ يتحرك، تطبيقا لأوامر الدكتاتورالمهزوم القابع في بغداد .

حين تكون حياتك في خطر، لا يكون في مخيلتك سوى أمل واحد هو الأمن والأمان، ولا شئ سواه، كمن يعاني العطش ليس له إلا الماء حلما، يسعى إليه بأي ثمن.

إن فهم الدوافع الحقيقية التي جعلت القوافل البشرية التي اشتبكت مع البحر، في معركة ، حياة أو موت، لا يفهمها إلا من قاسمهم ذات التجربة وان اختلفت الظروف، وجثمان الطفل السوري ابن الثالثة، الضحية التي ايقظت مشاعر الملايين في أرجاء العالم، إلا الحكام العرب، لها مثيلاتها المئات من الصور المأساوية لاطفال العراق المعذبين ، بين مهّجر من دياره، محروم من ابسط الحقوق الإنسانية ، وبين اسير ومغتصب من قبل الإرهابيين.

حب الحياة في ظل اوضاع امنية هادئة هو الدافع الأساسي لركوب الموج، لانهم فقدوا كل شئ في أوطانهم، حينما وجدوا أنفسهم مهددين في كل لحظة، يمتلكهم الرعب، مما حوّل حياتهم إلى جحيم لا يطاق حيث لم يكن للأمان معنى، بسبب الحروب الطائفية، التي غذتها القوى السياسية المنتفعة، والتي اعتمدت أسلوب الشحن الطائفي وسيلة لتمرير أغراضها الدنيئة فحرقوا الأخضر واليابس ،أن انسان هذا العصر صار يحمل شعار، الوطن هو الامان، ولا يهم ان يكون في أي بقعة من الارض.
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter