|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  7  / 11  / 2023                                 د. سالم رموضه                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



أوقفوا مجازر غزة

د. سالم رموضه *
(موقع الناس)

ما نشاهده هذه الأيام على شاشات القنوات الفضائية من المجازر الفظيعة التي ترتكبها دولة الكيان الصهيوني في حق شعب فلسطين الأعزل والمحاصر في قطاع غزة من خلال إغارة الطائرات الحربية وقصف منازل المواطنين على رؤوس ساكنيها من النساء والأطفال بالمدفعية الثقيلة وإغارة الطائرات الحربية على المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس والطرق الرئيسية وسيارات الإسعاف واستهداف المدنيين بقنابل الفسفور الأبيض خرج عن دائرة المعقول ولم يحصل على مدى التاريخ أن اُستهدفت مثل هذه المواقع بمثل ذلك القصف الوحشي والهمجي, وطال القصف حتى مدارس الأونروا ومراكز الإيواء والمخابز ومحطات تحلية المياه المالحة وألواح الطاقة الشمسية. وللأسف فإن جل الضحايا هم من الأطفال والنساء, ولم يتبقّ هناك مكان آمن في مدينة غزة ولم يعد وصول الوقود والمساعدات الدولية والأدوية وحليب الأطفال ممكناً نظراً لقطع الطرقات الرئيسية فيها. سيارات الإسعاف تجد صعوبة في الوصول لمداخل المستشفيات لنقل الشهداء والجرحى والمصابين وذلك للقصف المستمر أمام تلك المداخل الحيوية.

أمام ما يجري من هذه المجازر الدموية والإبادة الجماعية في غزة تعود بنا الذاكرة لقيام هذه الدولة السرطان في جسم العالم العربي, وإنه من المؤلم ألا تستطيع أنظمة 22 دولة عربية أن تعمل حتى على وقف إطلاق النار, وتبلغ الوقاحة وانعدام الإنسانية أن تصرّح الخارجية الأمريكية أنها لا توافق على وقف إطلاق النار لأن ذلك في مصلحة المقاومة الفلسطينية, بل تقف حجر عثرة في مجلس الأمن من أجل إصدار أي قرار في صالح فلسطين. إنه منتهى المأساة أن يتجاوز عدد الشهداء في غزة 10 آلاف شهيد منذ 7 أكتوبر 2023م أغلبهم من الأطفال إذ بلغت نسبتهم أكثر من40% من مجموع عدد الشهداء وعدد الشهداء من النساء تجاوز 2600 امرأة, كما استشهد من الكوادر الطبية قرابة 150 ما بين طبيب ومسعف طبي ومن الصحفيين حوالي سبعين صحفياً وكادراً إعلامياً.

لم يأتِ وعد بلفور المشؤوم الذي مرّت ذكراه ال106 السيئة قبل أيام من فراغ, فقد سبقه إعداد إعلامي في الصحف والمجلات وفي الكنائس والمعابد وتم تشكيل العديد من اللجان وصناديق التبرعات والتمويل لتعبئة الشعب الإنجليزي واليهود لإقامة دولة اسرائيل في فلسطين, إذ لم يعد هناك ما يحول دون تحقيق مشروعهم الآثم ذلك؟ فتركيا السلطان عبدالحميد الذي وقف لهم من سابق بالمرصاد أصبحت رجل أوروبا المريض وما يُقال عن تركيا يُقال أسوأ منه عن الفلسطينيين والعرب ومن أقوالهم " البدو المولعون بالحرب يجب أن يطردوا, أما العرب الفلاحون فيوضعون في أراض خاصة بهم كالهنود الحمر في أمريكا الشمالية". وتمعّن ماذا قال بلفور نفسه صاحب الوعد المشؤوم " ليس في نيتنا حتى مراعاة مشاعر سكّان فلسطين الحاليين, سواء كانت الصهيونية على حق أم باطل فإنها متأصلة الجذور في التقاليد القديمة والحاجات الحالية وآمال المستقبل, وهي ذات أهميّة تفوق بكثير رغبات وميول السبعمائة ألف عربي الذين يسكنون هذه الأرض القديمة". وعلى أساس هذه المفاهيم غير الإنسانية تحوّل هذا الوطن القومي لليهود إلى دولة يهودية عنصرية عسكرية توسعية أحتلت حتى اليوم وما زالت تحتل أراضي من فلسطين والأردن وسورية ومصر وتخطط لعمل قناة بن جوريون تحل محل قناة السويس وتهدّد بذلك الأمن القومي العربي في أكثر من جبهة. هذه هي دولة اليهود المغتصبة لحقوق الشعب الفلسطيني من أراض ومزارع وممتلكات وأوقاف, اعتمدت في بناء دولتها على سلسلة من المجازر الوحشية مروراً بحروبها مع الدول العربية ولكنها مستندة على دعم شامل ومطلق من الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ إدارة ترومان الذي اعترف بها فور إعلان قيام دولة اسرائيل عام 1948م, ولكن ربما سيكون آخر هذه الحروب لهذه الدولة المجرمة هي معركة غزة العزة والكرامة في 7 أكتوبر 2023م.

لقد قامت دولة الكيان الصهيوني على اجتماع جملة متناقضة من الأساطير الدينية والعلمانية والعنصرية مثل شعب الله المختار وأرض الميعاد وشروط المجيء الثاني للمسيح وهرمجدون. والغريب في الأمر أن ثيودور هيرتزل منظّر دولة اسرائيل وهو الذي ولد عام 1860م في عاصمة الدولة المجرية بودابست, عندما اقترح علم الدولة فحدّده باللون الأبيض وبه سبعة نجوم ذهبية اللون حيث ترمز المساحة البيضاء إلى الحياة الجديدة النقية بينما ترمز النجوم إلى الساعات الذهبية السبع التي يتكون منها يوم العمل. أما الذي حصل بعد ذلك فكان خلاف أحلام ذلك الصهيوني الآثم, فإن تصميم العلم أصبح اللون الأبيض تتوسّطه النجمة السداسية وعلى جانبيها بطول العلم شريطان أزرقان للدلالة على أن دولة إسرائيل الكبرى هي من الفرات إلى النيل وذاك ما يسعون إليه ولكنه لن يحصل أبداً.
 


المكلا في 4 نوفمبر 2023م


* نائب رئيس جامعة حضرموت السابق
 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter