|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  23  / 6  / 2023                                 د. سالم رموضه                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



 العمارة الطينية بنت بيئتها في وادي حضرموت

د. سالم رموضه *
(موقع الناس)

منذ أن ضُمّت مدينة شبام حضرموت والمناطق ذات القيمة الثقافية والطبيعية في وادي حضرموت ضمن لائحة التراث العالمي الإنساني عام 1982، تم الإعداد لحملة عالمية لحمايتها بمساعدة منظمة التربية والثقافة والعلوم، اليونسكو. دُشنت هذه الحملة في مدينة شبام في 22 ديسمبر 1984م بواسطة المدير العام لليونسكو وقتها السيد أحمد مختار أمبو السنغالي الجنسية، تحت شعار:
"لحماية مدينة شبام ومدن وادي حضرموت"

هدفت هذه الحملة لتحفيز النوايا الصادقة محلياً وعالمياً لإعادة التأهيل والحفاظ على هذا الموروث الثقافي والمعماري والأثري والذي يعد الآن مسؤولية الإنسان المتحضّر في عالم اليوم.

وقد بُذلت مساعي حكومية سابقة منذ عام 1980م بمساعدة منظمة اليونسكو كذلك لإعداد خطة عمل لحماية وإعادة تأهيل مدينة شبام، وكذلك بقية مدن وادي حضرموت. وعلى هذا الأساس أرسلت اليونسكو بعثات فنية لدراسة تلك المواقع على الطبيعة في عام 1982م وكذلك في عام 1983م. أخذت خطة العمل المشار إليها شكل برامج تنمية اجتماعي واقتصادي إقليمي متكامل، يهدف إلى تنشيط القطاعات المختلفة للحياة الاقتصادية والثقافية في المنطقة وفي نفس الوقت إلى تأهيل وصيانة المباني الرئيسية لمدينة شبام ومدن وادي حضرموت.

ولمساعدة الجهات الحكومية في تسليط الأضواء على الجوانب العلمية ودراسة مختلف الجوانب الفنية والاجتماعية للعمارة الطينية في شبام ومدن وادي حضرموت، انعقدت عدة ندوات ومؤتمرات علمية على هامش الدعوة العالمية لجعل مدينة شبام ومدن وادي حضرموت ضمن قائمة التراث العالمي الإنساني.

ربما من خلال استعراض أهم هذه الفعاليات والأنشطة العلمية وهي كثيرة, يتّضح تماماً مدى الاهتمام الوطني والدولي لهذه المدينة التاريخية والتي وصفتها المنظمة نفسها بأنها:
"من أجمل ما بلغه الإنسان في فنون العمارة والعمران"

ابتدأت هذه الفعاليات والأنشطة العلمية وما صاحبها من معارض صور وورش عمل بالندوة العلمية لصيانة مدينة شبام وآثار وادي حضرموت خلال الفترة من 22 إلى 23 فبراير 1988م في رحاب كلية التربية, جامعة عدن وبتنظيم قسم التاريخ بالكلية والذي كان يترأسه المرحوم الأستاذ الدكتور صالح علي باصرة الذي أصبح فيما بعد رئيساً لجامعة عدن ثم رئيساً لجامعة صنعاء حتى أصبح أخيراً وزيراً للتعليم العالي والبحث العلمي. وكانت آخر فعالية علمية هي النية لعقد مؤتمر ثاني حول:
"العمارة الطينية وتطلعات الألفية الثالثة للحداثة والاستدامة"

في رحاب جامعة حضرموت ولكنه تأجل عدّة مرات للظروف السياسية التي مرتّ بها البلاد, ومازالت تمر بها للأسف الشديد. فيما يلي تلخيصاً لأهم عناوين هذه الندوات والمؤتمرات العلمية وبيان أهم التوصيات المنبثقة عنها:

1- الندوة العلمية حول صيانة مدينة شبام وآثار وادي حضرموت
انعقدت هذه الندوة العلمية في الفترة من 22- 23 فبراير 1988م وتركّزت حول:
صيانة مدينة شبام وآثار وادي حضرموت وقد نظّمها قسم التاريخ، بكلية التربية، جامعة عدن. وتطرقت بعض الأوراق العلمية والدراسات المقدمة في الندوة إلى جوانب الحفاظ على الموروث الحضاري للعمارة الطينية وتوثيقها عبر إنشاء مركز علمي يعني بهذا الأمر.

2- المؤتمر العالمي حول العمارة اليمنية – التطور والآفاق
انعقد هذا المؤتمر في رحاب كلية الهندسة، جامعة عدن، خلال الفترة 16-19 ديسمبر 1991م وأوصى المؤتمر بضرورة إنشاء مركز للعمارة الطينية واختيرت منطقة وادي حضرموت ليكون المركز في إحدى مدنها.

3- المؤتمر العلمي الأول – العمارة الطينية على بوابة القرن الحادي والعشرين
وفي هذا المؤتمر الذي نظمته جامعة حضرموت في مدينة سيئون خلال الفترة من 10-12 فبراير 2000م, شارك فيه كثير من الباحثين من خارج الجمهورية اليمنية

وخلص المؤتمرون إلى جملة من التوصيات لعل أهمها فيما يتعلّق بالبيئة:
- الاهتمام بترميم القصور والمباني التابعة للدولة مثل قصر سيئون وقصر الرناد بتريم وإعادة تأهيلها نظراً لقيمتها التاريخية والفنية الفريدة والاعتناء بالبيئة العمرانية المحيطة بها.
- الحد من ظاهرة البناء العشوائي في المراكز المدينية الطينية وسن التشريعات المحلية اللازمة بما يضمن الحفاظ على البيئة من التلوث الطبيعي والاصطناعي.
- دعم مشروع تأسيس مركز العمارة الطينية بمدينة الحوطة الذي تتولى تنفيذه حالياً الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية وعلى جامعة سيئون أن تنشئ كلية خاصة بتصاميم البيئة والعمارة المحلية في وادي حضرموت تكون حاضنة لهذا المركز.
- وضع برنامج للتدريب على الصناعات الحرفية والبنائية وتطويرها وربطها بمركز العمارة الطينية والاستفادة من خبرات الجيل السابق، ودعمها في إطار مشاريع التنمية الحضرية والريفية.

وما زالت مدينة شبام التاريخية في منتصف وادي حضرموت تحظى لليوم باهتمام دولي نظراً لمكانتها التراثية الفريدة ونمطها المعماري الطيني المتميّز بين مدن العالم.



المكلا في 20 يونيو 2023م


* نائب رئيس جامعة حضرموت السابق
 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter