|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  28 / 7 / 2015                                 صباح راهي العبود                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

إذا كنت لا تستحي فاكتب ما شئت

صباح راهي العبود

ما أن تحل أيام الدفء الأولى معلنة قدوم الربيع وذبول برد الشتاء القارص إلا وترى العقارب تدب على الأرض لتلفظ سمومها القاتلة على البشر بعد أن كانت حبيسة مختفية تحت التراب .

فلقد لوحظ ومنذ سنتين وبالأخص أبان ذكرى ثورة 14 تموز 1958 المجيدة ظهور حملة على هيئة كتابات في مواقع التواصل الإجتماعي تنفذها نماذج مشبوهة تحاول تبييض صفحة نوري السعيد و تدنيس وتشويه ما جاءت به هذه الثورة العظيمة وقائدها الفذ الزعيم عبد الكريم قاسم من إنجازات على مختلف الصعد الوطنية والقومية والعالمية , وهؤلاء هم أصلاً ممن كانوا أعداءاً لهذه الثورة ( وكثير ممن ورثوا الحقد ) ومنذ الأيام الأولى لإندلاعها من إقطاعيين وكبار الملاك وممن تضررت مصالحهم جراء هذه الثورة وكل القوى الرجعية وأذناب الإستعمار, وكذلك بعض من الضباط الذين حقدوا على الزعيم لعدم منحهم مناصب مهمة بعد قيام الثورة ,أضف إليهم بعض رجال الدين الذين أزعجهم صدور قوانين كقانون الأحوال الشخصية الذي حرر العراقيات ومنحهن كامل حقوقهن, وقانون الإصلاح الزراعي الذي عدوه إغتصاباً لأراضي يملكها الشيوخ الكبار في حين هي أصلاً هبة المستعمرين لهم بعد إحتلالهم للعراق وتشكيل ما يسمى بالحكم الوطني فيه لكسب ولاء الشيوخ لهم (إذ وهب الأمير ما لا يملك لمن لا يستحق) وآخرون.
كل هؤلاء و بعض ورثتهم الذين ساروا على نهجهم من بعدهم يمثلون جبهة غير معلنة ضد الثورة وقائدها.

وهكذا بدأت المؤامرات تُنسج ولعل أولها محاولة قتل الزعيم من قبل صديقه عبد السلام عارف ثم تلتها مؤامرات أخرى حتى تجاوزعددها الأربعين خلال السنوات الأربع والنصف وهي عمر الثورة ,وكان بضمن هذه المؤامرات محاولة إغتيال الزعيم في شارع الرشيد (رأس القرية).

وعودة الى صلب الموضوع الذي نحن بصدده وهو الكتابات الأخيرة التي نُشرت لمحاولة إعادة الهيبة لنوري السعيد وعهده الأسود من خلال الإساءة لثورة تموز التي هزت العالم وقتها وأصبحت مناراً للثوار في كل مكان . فكل الأشراف يعرفون عمالة نوري السعيد ومنذ عام 1921 إذ سلم العراق للإنكليز المحتلين هو وعملاء آخرون وعلى طبق من ذهب ,وبقي مطيعاً مخلصاً لهم ينفذ كل مخططاتهم (حتى في الفترات التي لم يكن فيها هو رئيساً للوزراء) بما فيها ربط العراق بالمواثيق والمعاهدات التي جعلت البلد مقيداً الى يوم الثورة إذ حاصرته الجماهير وحكمت عليه بحكمها الذي يستحق.

وهؤلاء المدافعين الجدد بدأوا يحكون للناس قصصاً ساذجة تتحدث عن طيبة نوري السعيد وبساطته وهو يساوم بائع الفواكه لتقليل سعر العنب,أو يمنح طفلاً مبلغاً من المال (خمسة دنانير) على الرغم من أن هذا الطفل قام بشتمه وغير ذلك دون أن يكلفوا أنفسهم المرور على تاريخه المملوء عمالة لما قام به من ربط العراق بأحلاف عسكرية عدائية كان آخرها حلف بغداد سيء الصيت, وتزييف للإنتخابات,والإمعان في إنتهاك حقوق الشعب والعمل ضد الدستور ووقوفه عقبة بوجه التحولات والتطورات السياسة والإجتماعية السلمية التي تفرضها قوانين التطور, ومباركته لإعدام بعض القادة من السياسيين الأحرار حملة الفكر التقدمي وكل من كان يسعى لتحرير البلاد من تلك الطغمة الفاسدة.

وقد دأب الأعداء بمقارنة فترة نوري السعيد بالفترة القاتلة الحالية وما قبلها لتبدو ناصعة, وهؤلاء (الوطنيين) الجدد هم أنفسهم بدأوا يصّعدون نبرة العداء ضد الثورة واصفينها بالدموية لأنها أمرت بقتل العائلة المالكة كما يدّعون ظلماً ,ثم تطور أمر الإتهام ليشمل الزعيم وبكل صفاقة بإعتباره المسؤول عن ذلك لا بل وطالبوا بمحاكمته!!! .

سنناقش بدءاً موضوع وصف الثورة بالدموية وقتل العائلة المالكة. فعلى الرغم من أن جميع من كتب عن هذا الموضوع لم يقدم أية وثيقة أو مخطوطة أو قرار صادر من الثوار أو أية لجنة من لجان الضباط الأحرار تثبت هذا الإدعاء المسموم فإنهم يصرون على هذا الإدعاء دون أن يقدموا ما يدل على صدق إدعاءهم. ولتوضيح ما حصل نذكر أن المكلف بالسيطرة على قصر الرحاب وهو الرائد عبد الجواد حامد كانت لديه أوامر بحجز الملك وفقاً لإتفاق سابق ووضعه تحت الإقامة الجبرية لمدة إسبوع ثم يُطالب بالتنازل عن العرش ليتم بعدها تسفيره الى خارج العراق دون الإساءة أوالمساس به أو بأي من أفراد العائلة المالكة ,في حين يحاكم عبد الإله ولي العهد (الوصي) ونوري السعيد.

لكن حضور النقيب عبد الستار سبع العبوسي مهرولاً من مكان عمله كآمر لمدرسة تدريب المشاة القريبة من قصر الرحاب باتجاه مصدر الإطلاقات المتقطعة لمعرفة ما حدث , وإنضمامه هو وضباط آخرين الى الثوار الذين كانوا يرقبون تقدم العائلة المالكة مستسلمة قد أفسد الموقف,إذ قام أحد حراس القصر بفتح النار من مكمنه في سطح القصر (وهو الضابط يونس ثابت) فأصابت الضابط مصطفى عبد الله وهو قائد المجموعة المهاجمة وبعض من جنوده مما أربك بقية المجموعة وظنوا أنهم وقعوا في كمين فقام النقيب عبد الستار العبوسي (وربما آخرين معه) بفتح النارعلى المستسلمين دون إنتظار أوامر ممن هو أرفع منه رتبة أو التفكير بالنتائج ,وهكذا حصلت المأساة بسبب حماقة يونس ثابت وتهور أحد المهاجمين مما أزعج الزعيم نفسه وظلت هذه الحادثة تؤرقه الى يوم إستشهاده. فهل إن ماحدث يتحمله الزعيم ؟ وما الهدف ياترى من إثارة هذا الموضوع وإتهام الزعيم باطلاً وفي هذه الأيام بالذات؟
قبل أيا م مضت وأبان إحتفال الوطنيين بالذكرى السابعة والخمسين لثورة تموز الخالدة طلع علينا أحدهم ليعلن وبكل وقاحة أن كل ما يقال عن إنجازات لثورة 14 تموز ( التي يصرون على تسميتها إنقلاباً) ماهي إلا إستكمالاً لما بدأه مجلس الإعمار زمن الملكية. وإننا في الوقت الذي نؤكد فيه بأن كل الشرفاء في العراق يرفضون تلك الإدعاءات لكننا سنناقشها ليطلع الذين لم يواكبوا أحداث لتعرية هؤلاء الذين تم وصفهم وتحديد هويتهم في بداية المقال على الرغم من أن كل الأمور واضحة جلية لما قامت به الثورة من إنجازات.

فمشروع الإعمار الذي أقر عام 1950 هو مؤسسة بدأت عملها عام 1952 لينتهي دوره في عام 1958 إذ تم إلغاؤه بعد قيام الثورة, إنصبت أعماله على تنفيذ مشاريع تخص مياه الأنهار والسيطرة على الفيضانات كمشروع الثرثار وسد دوكان ومشروع المسيب الكبير بما يخدم الإقطاعيين الذين يملكون كل الأراضي والإقطاعيات الزراعية في العراق بغية تعزيز دورهم في خدمة الحكومة العميلة .

كما شمل المشروع أيضاً إنجاز مشاريع أخرى والتخطيط لإنجاز بعض المشاريع الصناعية والعمرانية ومعامل صغيرة محدودة العدد. وهذا لا يعني بكل الأحوال الإستهانة بهذا المشروع لكن إستعراض ما تم إنجازه بمدة ست سنوات ضروري لمقارنته بما تم إنجازه في مدة الأربع سنوات ونيف وهو عمر الثورة .

كما أن الهدف من هذا أيضاً هو الرد إتهام من أنكر الإنجازات التي تمت زمن الثورة الخالدة. منها فتح 2334 مدرسة إبتدائية وثانوية, 776 مدرسة لمحو الأمية, عدد كبير من الكليات والمعاهد العالية والمدارس الأهلية والذي أدى رفع المستوى الثقافي لعموم الشعب , إنجاز مشروع مدينة الطب و22 مستشفى وآلاف المستوصفات إنتشرت على كل مساحة العراق مما رفع المستوى الصحي في العراق بشكل حاد غير مسبوق, تأسيس 42 مشروع إسكان من مدن وقرى عصرية مكتملة الخدمات, إنشاء عدد من السدود ومشاريع البزل والري, تأسيس 43 مصنعاً ومعملاً ومشروع كهرباء (سكر, زجاج, أحذية وصناعات جلدية, ورق, سمنت, مواد إنشائية, نسيج قطني, نسيج صوفي, تريكو, أدوية, مصابيح كهربائية,تعليب......), مشروع قناة الجيش في بغداد,  22 جسر اًو معبراً, حملات تبليط واسعة للطرق الخارجية والشوارع والطرقات الداخلية في المدن ,بناء عشرات من السايلوات في أنحاء العراق, مختبرات علمية مختلفة الأغراض, حفر المئات من الآبار في كل أنحاء العراق، تأسيس العديد من المصارف, فتح مراكز لرعاية الأيتام وكبار السن والمكفوفين والمعوقين والمشردين, بناء مجموعات دور إستراحة في أنحاء العراق,تأسيس الكثير من المخافر الحدودية, إجازة 175 جمعية بناء مساكن, إجازة 875 جمعية إستهلاكية لخدمة المواطنين .

وهناك مشاريع ستراتيجية ضخمة منها معامل :- الفولاذ , الأسمدة الكيمياوية والنتروجينية ,لإنتاج الكبريت و حامض الكبريتيك, اللوازم والعدد الكهربائية, الجرارات الزراعية...... ). وليعلم القراء الكرام أن ما تم ذكره هو غيض من فيض مما أنجز في موضوع الإعمار المدني فقط إذ لسنا الآن بصدد إدراج الإنجازات على الصعيد السياسي أو التي تخص التطور الإجتماعي أو التطور العسكري وبناء المنظومة العسكرية وغير ذلك .

اخيراً ... هل يُعقل إن كل ما ورد ذكره من منجزات قامت بها حكومة عبد الكريم قاسم هي مشاريع سبق وأن خطط لها ضمن مشروع الإعمار ؟؟!!. حقاً إن الذي لا يستحي له أن يفعل ما يشاء .. ويكتب ما يشاء في غياب من يحاسبه على كذب يطلقه أو موبقة يفعلها.

تحية إكبار وإجلال لذكراك العطرة أيها الزعيم لصيق العفة والشرف والتواضع, الذي أحب الناس وأحبوه, نصير الفقراء والمعوزين. وتباً لمن خانك وغدر بك ,وتباً أخرى أشد وأقسى لمن سعى لقتلك أو أمر بذلك, وبصقة على وجه من أطلق النار على جسدك الطاهر ليسجل لنفسه عاراً سيبقى ملتصقاً به الى الأبد. وسيبقى التاريخ يلعن الكاذبين .

لا يمكن للشمس أن تُحجب بغربال.............


 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter