|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأثنين  9 / 12 / 2013                            صادق محمد عبد الكريم الدبش                     كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

 الموت المجاني يلاحق الناس في مدن وقصبات وطن الحضارات

صادق محمد عبد الكريم الدبش

مللنا الموت بمفخخاته وعبواته وانتحارييه ، مللنا كواتم الصوت وعمليات الخطف والذبح على الطريقة الاسلامية ؟!!!
مللنا الرعب والخوف والجوع والظلم والفقر والعهر الذي يضرب باطنابه كل شئ في وطننا الذبيح .

مللنا رائحة البارود والجثث المحترقة والمتناثرة على قارعة الطرقات وعلى سطوح المنازل وفي السواقي والترع وعند المساجد التي من المفترض ان تكون في منأى عن هذه التراجيديا التي تتكرر مشاهدها وفي اوقات مختلفة من اليوم وعلى طول العام .

مللنا التشكي والشفقة والأسى من الصديق قبل العدو، مللنا من كل شئ وفي كل شئ ومن اجل اي شئ !!....من البؤس والخنوع والذل والرهبة والانحطاط ...ومن حياة لا يمكن لاي مخلوق مفكر او مفتكر ان يطلق عليها اسم الحياة ؟....

نعم هذا هو حقيقة ما يجري منذ سنوات في وطن اسمه العراق !...ولكن رغم قتامة هذه الصورة المظلمة والبائسة والكارثية ...رغم كل هذا لن يمل الموت من ان يحصد العشرات من الارواح البريئة وغير البريئة ومن مختلف الاعمار ومن كل الوان الطيف العراقي وفي المكان والزمان الذي يشاء ، فلا مرد له ولا وازع وبالطريقة التي يشتهيها ، وبعرس دموي وبصور ستبقى عالقة في اذهان وعقول الملايين ، والذين هم شهود وضحايا لكل الذي جرى ويجري ، وقد نحتاج الى عقود من السنين لمعالجة هؤلاء الشهود لتخليصهم من درن ما لحق بهم من امراض وعلل نفسية وجسدية واجتماعية ، ليعودوا اصحاء !...هذا اذا تمكنا من معالجتهم .

كم غريبة هي الحياة التي عاشها ويعيشها شعبنا وخاصة خلال العقد الاخير من هذا القرن !...تصوروا... تدار شؤون البلاد والعباد بأسم الدين والشريعة الاسلامية ، ومن قبل أحزاب وامراء اسلاميون ، وتقام الاحتفالات والمراثي والمهرجانات وعلى طول العام باسم الدين وتحت عباءة الدين ، وكل من ينبس ببنت شفة او يبدي رأياً مخالفاً يعتبر زنديقا ومتهرطقا تحل عليه اللعنة ، ويحق عليه غضب وكلاء الله في البلاد! قبل ان يحل غضب الله عليه يوم يقوم الاشهاد ؟ ! .

يتم نحر الناس وقتلهم بأسم الدين وتحت عباءة الدين !!، ومن قبل المتدينين والمتأسلمين من أمراء ومفتيين ودعاة ووفقا للشريعة وكل على هواه !!!، حتى عندما يتم نحر هذا الذي يصدر عليه حكمهم الالهي !!! فيتم الذبح على الطريقة الاسلامية !!!!! مقرونة بثلاث تكبيرات !! حتى تتم شرعة الله !! ، وعززوا نهجهم وسلوكهم هذا بفتاوى واحكام اصدروها وفرضوها على الناس !، والويل والثبور لمن يخالفها او ينكر الاقرار بشرعيتها !؟ .

هذا الذي يجري في بلدنا ، وهو واقع مرير .....وجماعتنا النشامى والغيارى ، الاتقياء الورعين !..الذين تكاد لا تستطيع ان تسمع صوتهم اذا حدثوك من شدة ورعهم وتقواهم !، ويبدون اشد الحزن على كل الذي يجري ، فيصدرون الاستهجانات والاستنكارات والتأوهات !، ويتذرعون الى بارئهم يطلبون الرحمة للموتى والشفاء للمصابين ومواساة المتضررين !.

دولة قائمة على عدد من الكانتونات العرقية والطائفية والمناطقية والعشائرية والحزبية ( في القاموس والعرف السياسي نحن ليس لدينا دولة قائمة ) ، لدينا عدد من السلطات ومراكز القوى والتي تشكل هيكل السلطة ، والمبنية على المحاصصة التي اهلكت الدولة والمجتمع على حد سواء ، تم قيام مؤسساتنا الامنية والعسكرية والمخابراتية بالطريقة نفسها ، بل أسوأ من ذلك بكثير ، فأضيف الى الاسلوب ذاته ، الرشوة والقبول في صفوف هذه المؤسسات عن طريق شراء القبول والمراكز والتعينات ووفق فلسفة الطائفة والحزب والمنطقة ، وغاب الشرط المهم والاساسي ، وهو الكفاءة والمهنية والوطنية ، وبمثل هكذا تشكيلة لا يمكن ان يستتب الامن حتى لو زدنا هذا العدد بأضعاف مضاعفة .

المواطنة هي اس كل شئ في البلد المتحضر ، وغيابها يعني أقرأ على الدنيا السلام .

الفساد والافساد هو العنصر المدمر لحاضر ومستقبل البلاد والعباد ، فكيف اذا كان رب البيت هو الحرامي ! .. فما العمل ؟ ...علينا ان نقرْأ كتاب ما العمل ! ، ان الفساد يدخل الى الدولة كل ما هو سيئ ورديئ ومدمر ، ويخرج من الدولة كل ما هو خير وسليم وحريص وامين ومخلص ، وشتان ما بين الثرى والثريا .

التركيبة الفكرية والسياسية والتنظيمية للقوى السياسية المتربعة على دست الحكم ، هي تركيبة غير مؤهلة لادارة الدولة والمجتمع ،ولا يمكنها ان تكون مؤهلة طال الزمن ام قصر ، لأنها قوى متخلفة وضد منطق التأريخ والتطور الطبيعي للمجتمع ، وهي معادية للديمقراطية والتقدم ولحقوق الانسان وللمرأة ولكل ما هو انساني والتعويل عليها وعلى تغيير نهجها ودفعها لتبني الديمقراطية ودولة القانون والمؤسسات ، وتكون المواطنة هي الفيصل والمعيار في التعامل مع الناس ، فهذه اطغاث أحلام (وعشم ابليس بالجنة !) .

وهذه ليست سبة لقوى الاسلام السياسي ، ولا من باب التحريض او الدعاية الانتخابية !، ولكن جوهر وحقيقة الاسلام السياسي ( هي قوى معادية للتقدم والديمقراطية وللامن والسلم الاهليين ، ولحقوق الانسان وللمواثيق والاعراف الدولية ، هذه فلسفتها وهذا هو فكرها ، ومن يعتقد عكس ذلك فليأتني بالدليل ، ,ولكن قبل ذلك ان ينظر الى ايران والسودان وغزة وافغانستان والقاعدة وجبهة النصرة ، والاخوان المسلمون ، وما يجري في ليبيا وغير ذلك

لو كان المتربعون على السلطة ديمقراطيون !....لأنتجوا لنا مفوضية مستقلة للانتخابات بحق وحقيقة وليست مفوضية محاصصة وتشريف ؟، ولانتجوا لنا قانون انتخابي عادل ينصف الجميع ويشرك الجميع ؟ ولا يتم تفصيله على مقاسهم وحسب رغباتهم وأهوائهم ؟، لو كانوا حقا ديمقراطيون لقاموا بتشريع قانون للأحزاب ، ينظم عملها ويراقب ايراداتها وبرامجها بما ينسجم مع مصالح العراق العليا ، وليمنع التداخل بين الوطنية الحقة والارتباط بالاجنبي ؟، لو كانوا ديمقراطيون حقا لقاموا بالتعداد العام والذي هو مطلب ملح ويصب في مصلحة العراق وتقدمه وتطوره ، والذي من خلاله يتم وضع الخطط والبرامج التنموية والخدمية والمشاريع الكبرى لتقدم البلاد والعباد ، والذي يحدد كذلك عدد اعضاء مجلس النواب ؟ .

لو كانوا حقا ديمقراطيون لرفعوا الحيف والظلم الذي يقض مضاجع الملايين من الارامل واليتامى والمعوقين والعاطلين عن العمل والمهجرين والمهاجرين الذين يجوبون ارض الله الواسعة بحثا عن الاستقرار والامان والعيش الكريم ؟ .

سؤال قديم جديد متجدد يطرح نفسه !!....متى يتوقف مسلسل الموت والدمار ؟...ويسود الامان والسلام في بلد السلام؟ ...هذا السؤال يجب ان يجيب عليه القائمون على امن البلاد والعباد !....وأن أعياهم الجواب ، وضاقت الحيل بيدهم ، وخانتهم احابيلهم !.. فما عليهم ألا طريق واحد ، ألا وهو المغادرة وترك السلطة لاناس قد يكون بمقدورهم النهوض بمسؤولية هذا البلد لانتشاله مما هو فيه .

بعد ظهر هذا اليوم ضرب الموت اطنابه ناحية بهرز ، الناس كانوا يجلسون في مقهى لينالوا شئ من الراحة والاسترخاء ، ولنفض متاعب الحياة عن كاهلهم لبعض الوقت ، واذا بسيارة مركونة بالقرب من هذه المقهى ، فتنفجر , محدثةً دمارا وخرابا وموتا للجالسين والمستطرقين في الشارع العام والمتبضعين من المحلات القريبة ، وراح ضحيتها ما يزيد على العشرة من الضحايا وعشرات المصابين ، وقد اصيب الناس بالهلع والوجوم من شدة وهول الفاجعة ، ليس لدينا ما نقوله سوى المواساة لاهالي الضحايا والمصابين ، والرحمة للشهداء ، والشفاء للمصابين ، والاستنكار والشجب لهذه الاعمال المجنونة (على كل عود صاحب وخليل ....وفي كل بيت رنة وعويل ، .. وفي كل عين عبرة مهراقة ... وفي كل قلب حسرة وعليل ).

ان على الضمائر ان تفيق من غفوتها ، وتستعيد رشدها ، ويعمل الجميع لايقاف حمامات الدم وانهار الدماء الزكية التي تجري في كل مدن العراق ، وليعلم الجميع بأن الدماء العراقية ليست معروضة للسمسرة والتجارة بها في سوق النخاسة ، فأن هذه الدماء ستتحول يوما الى نار تلضى لتحرق سافكيها ، وكما قال سيد الشعر وأيقونة العراق الجواهري :

أتعلم أم أنت لا تعلم .... بأن جراح الضحايا فم
 

9/12/2013
 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter