|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأثنين  16 / 9 / 2013                            صادق محمد عبد الكريم الدبش                     كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

هل من نهاية للوضع العراقي الكارثي..؟

صادق محمد عبد الكريم الدبش

من خلال مطالعاتي لكثير ما ينشر في وسائل الاعلام المختلفة من مقروء ومسموع ومرئي وفي مواقع التواصل الاجتماعي ... وما لفت انتباهي واثار فضولي اكثر هو نوعية البعض غير القليل من هذا المنشور !... انه يحمل بين طياته الخطورة البالغة، ومقدار تأثيره على الحياة العراقية وبكل تجلياتها وتعقيداتها وارهاصاتها ؟ .. والاكثر غرابة هو التجاهل الفظ واللاابالية المفرطة والقفز على كل هذا، من قبل الدولة المتمثل بسلطاتها ومؤسساتها المختلفة !.. ان كان يصح ان نطلق على العراق دولة ؟.. وتمتلك شروط الدولة حسب القاموس السياسي المتعارف عليه في علم السياسة ! .

وهنا اذكر على سبيل المثال لا الحصر ، كتابات للأستاذ موسى فرج في امور كثيرة مثل النزاهة وعمل المفوضية وامور اخرى ، وما جاء به الاستاذ فخري كريم (رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير لصحيفة المدى .. في مقالات عديدة وبمختلف المواضيع الملحة في الوضع العراقي ومنها مثلا مقال بعنوان (صنيعة عدي يتسلل الى القوات المسلحة)، وكذلك قرأت ما نشر من قبل ما سمي كتائب حزب الله العراقي ، حول دور المخابرات المركزية الامريكية في دعم الارهاب والقاعدة ، والذي نشر خمسة اسماء ادّعى ضلوعهم بالاشراف على كثير من العمليات التي نفذها الارهابيون خلال الفترات الماضية ، وادّعى بأنهم امريكيون يعملون مع القوات العراقية وبحماية امريكية .

وهنالك العشرات مما ينشر، يحمل الكثير من التساؤلات لما يحمل من معلومات لها اكبر الاثر على العراق وامنه واستقراره ووحدته كبلد يعيش ازمات حادة منذ الاحتلال الامريكي وحتى يومنا هذا ، والانكى من كل ذلك هو الاهمال الذي يوحي للمتتبع للاحداث ، بأن الدولة غير مكترثة ولا عابهة بكل الذي ينشر، وكأن هذا ليس من اهتماماتها ، وموقفها لا يوحي سوى بشئ واحد !الا وهو ..  بأن الذي ينشر هو عن بلد اخر وربما يكون خارج منظومتنا الكونية ، لذلك هذا الشئ لا يعني هذه الدولة التي اسمها الدولة العراقية !.

ان الخرق المافيوي الذي استوحته عشرات المقالات، ولكثير من الكتاب والمحررين، وعبر وسائلهم المختلفة ، تبين التغلغل الهائل لمفاصل الدولة المختلفة ، وعبر اشخاص يتبوأون مراكز رفيعة ومتقدمة في مختلف المؤسسات الرسمية للدولة العراقية ، وهاذا يؤشر لحجم الفساد والافساد الذي تمارسه هذه (الفئة) ان تصح التسمية! ،والذي يطال الانشطة المختلفة للدولة على المستويات السياسية والاقتصادية ، العسكرية والامنية ، وهو اختراق فاضح وخرق لسيادة العراق ووحدته وسلامته ، وتهديد للسلم الاهلي .. وهو تخريب متعمد يصب في صالح هذه الفئة النفعية وللقوى الاقليمية والدولية .

ان الشفافية والمكاشفة العلنية لانشطة الدولة المختلفة للشعب من خلال مؤسساتها وخاصة التشريعية ، يعطي مصداقية ووضوح للدولة وخططها وبرامجها ، والتي يجب ان تأخذ بنظر الاعتبار مصالح الشعب العليا عند رسم هذه الخطط.

لن يبقى الناس تاركين الامور على الغارب ، والدولة تعمل بالضد من ارادة الناس ومن مصالحهم وطموحاتهم ، مستغلة الظروف التي يمر بها المواطن ، من شظف العيش ..وغياب الامن والخدمات ، وعمليات التظليل والخداع والمراوغة ، هذه قد تحد من قدرتهم على التصدي لكل من يحاول ان يسلب حقوقهم ويهدد مستقبلهم ومستقبل عوائلهم ، صحيح هذه من المعوقات ولكنها بشكل مؤقت ولا تدوم ابدا .. وعلى الجميع ان يدرك حقيقة الجماهير وفعلها وقوتها على المواجهة والدفاع عما قد يسلب منها .

العراق يعاني من ازمات حادة وبدأت تتعمق ، تاركة اثارها العميقة في حياة الناس .. وقد تكون مدمرة ليس للبنية العامة لمؤسسات الدولة، ولكن كذلك للتركيبة الاجتماعية ، وللنسيج الاجتماعي .. بما في ذلك التركيبة الطبقية للمجتمع نتيجة للتقلبات الاقتصادية غير الطبيعية ، والذي ينتج عنه ظهور شرائح اجتماعية طفيلية لها تأثير سلبي على الحراك الاجتماعي .
 
ليس لهوا ولا ترفا عندما يخرج علينا علماء الادارة ، بأن البناء الاداري له ضوابطه واستحقاقاته، ومن هذه الاسس وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ، والقيام بتأهيله بين فترة وأخرى بما يمكن قد استجد من تطور في علم ادارة الاعمال والمؤسسات ، وما طرأ من جديد في المفاصل المختلفة.

الذي يجري في نظام الدولة العراقية هو عبث وأرتجال ، بغياب التخطيط والبرمجة ، وتحديد الهدف، وما هي اسهل الطرق للوصول اليه، ووفق انجع الضوابط العلمية والفنية والادارية ، وبحدود الامكانيات المتوفرة والمتاحة .

المهنية في الاداء واجبة ومهمة ، النزاهة والامانة والوطنية من مستلزمات الاعمال الناجحة ، ومن يتبوأ مركزا مهما كبر حجمه او صغر، ولا يمتلك هذه المعايير ، لا يمكنه النجاح في عمله، لينهض بمؤسسته ويرتقي بها الى الاعلى ، وحتى نخلق هذا الطاقم من المخلصين والامينين ونحافظ على ادائهم ، يجب ان نمتلك جهاز رقابة صارم وعادل ونزيه ، يقول للمصيب قد أصبت وتستحق المكافأة ، وللمقصر قد أخفقت فوجبت محاسبتك على قدر اخفاقك ، وبذلك وضعنا الخطوة الاولى والصحيحة على السكة ، و نتلافى الفوضى العارمة التي تلف مؤسسات الدولة المتوقفة منذ امد غير قريب ، ونترك خلف ظهرانينا التعامل مع الاخر على اساس العرق والطائفة والمذهب والمنطقة والحزب .

ان اعادة النظر ببناء مؤسسات الدولة وعلى اساس القانون والمهنية وتغليب مصالح العراق العليا ، على المصالح الفئوية والحزبية والذاتية والجهوية ، هو المفتاح لاغلاق الحدود امام كل من هب ودب من دول الجوار والعالم المقتحمين بمخابراتهم واموالهم واعلامهم ، حدود العراق وأمنه وسلامة شعبه ، للتلاعب بمقدراته ، مثلما يحصل الان ، ونتيجة للأسباب التي ذكرناها سالفا .

الجيش والشرطة والامن الوطني واجهزة المخابرات بكل صنوفها ، هذه المؤسسات هي العين الساهرة على البلاد والعباد وفي البر والبحر والجو ، اعادة النظر جذريا ببنائها على اسس مهنية خالصة وليس على اي اساس اخر ، ووفق ضوابط وطنية واخلاقية وبدنية وفنية ، هي الضامن لأعادة الامن والنظام واحترام القانون والعرف من قبل الجميع ، واعادة الخدمة الالزامية هي من مستلزمات وضرورات المرحلة الراهنة ، وهي الوسيلة الناجحة للقضاء على الارهاب وتجفيف منابعه وحواضنه ومصادر تمويله ، وبالارتباط الوثيق مع تعاون المواطن والذي سيكون العين الساهرة مع رجل الامن للحفاظ على امن البلاد من كل الذين يريدون بالعراق الشر والخراب .

وأس المعضلات ورب المشاكل هي التي في بيت الساسة والمتربعين على دست الحكم ، ومن كل الطيف العراقي والاكراد في مقدمتهم والذين يقع عليهم القسط الاكبر في اعادة العافية للعراق وأهله وبكل مكوناته ،.. بسبب معايشتهم لتجربة زادت على عشرين عاماً ، ويتمتعون بالامن والامان ، وهي ميزة اساسية في حياة كل بلد ، على الجميع ان يكون لكل واحد منهم حكمة العاقل والحليم ، وصبر ايوب ، وشجاعة الرجال في ايام المحن ، وان يبحثوا على انصاف الحلول ، وبأيسر الطرق ، ولبداية الخطوة الاولى على طريق الخلاص والانعتاق ، اعود واكرر ..على القائمين ومن بيدهم ناصية القرار ومن لهم التأثير السياسي والاجتماعي ، ان ينظر الى العراق وأهله بعين الحرص والمسؤولية الوطنية والاخلاقية والدينية ، وان ينظر لهذه الضحايا والدم الطاهر الذي يجري انهارا منذ زمن بعيد ، وليحكموا ضمائرهم ولترق قلوبهم على اليتامى والارامل والثكالى ، وعلى الذين ليس لهم تحت سماء العراق اي شئ ، العراق يستحق من الجميع همة ونبل وشهامة ... وكلمة الحق .. وفعل الحق .. والنية الصادقة .. والتفاؤل ، تصنع لنا حياة اجمل .
 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter