|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  20  / 7 / 2017                                 د. صباح قدوري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

أراء حول الإستفتاء (الريفرندوم) في إقليم كردستان العراق

د. صباح قدوري
(موقع الناس)

في إجتماع 7 حزيران/يونيو 2017، في منتجع صلاح الدين في أربيل، وبرعاية السيد مسعود البرزاني الرئيس المنتهية ولايته قبل أكثر من سنتين مع ممثلي الاحزاب الكردستانية، باستثناء (حركة التغيير والجماعة الإسلامية) تم تحديد يوم 25 أيلول/سبتمبر 2017 لإجراء الإستفتاء في إقليم كردستان العراق. ومع العد التنازلي للموعد، حيث يؤكد السيد مسعود البرزاني في مناسبات عدة، بأنه حان الآن الوقت المناسب لهذا الإجراء ولا رجعة فيه.

من منظورنا، يمكن توصيف هذا الوقت على الصعيدين الداخلي / الذاتي والخارجي/ الموضوعي، كلآتي:

أولا: الصعيد الداخلي

1. الشراكة المتقاسمة بين الحزبين الحاكمين الديمقراطي والإتحاد الوطني الكردستاني وهيمنتهما على عملية إتخاذ القرارات الفعلية والمصيرية في الإدارة الفيدرالية، مما سبب في تعطيل المؤسسات القضائية والتشريعية والتنفيذية وحتى السلطة الرابعة الإعلامية من ممارسة أداءها ومهمامها بالوجه المطلوب.

2. عدم ممارسة الديمقراطية الحقيقية في الحياة اليومية وأختزالها فقط بالإنتخابات، ويجب أيضا الأخذ بنظر الأعتبار مصالح الاقلية وخاصة في القضايا المصيرية، وعدم اعتبارها خونة وعملاء، كما يروج لها اليوم في الثقافة السياسية لدى بعض الاحزاب السياسية بالإقليم. التمسك بالسلطة وعدم إقرار مبدأ التداول السلمي للسلطة.

3. أزمة حقيقية في العلاقات السياسية بين الأحزاب الكردستانية، وإنتهاج السياسة الديماغوجية في التعامل بينها، وخاصة المشاركة منها في إدارة الحكم.

4. تعطيل مسودة الدستور وعدم إنجازها رغم مرور فترة طويلة، وذلك تمهيدا لطرحها على الاستفتاء الشعبي وإقرارها قبل التفكير باستفتاء على الإستقلال.

5. تفشي الفساد المالي والإداري وهدر المال العام في المفاصل الإدارية والحزبية وفي كل القطاعات الإقتصادية، وخاصة في القطاع النفط والغاز.

6. تفاقم الأزمة بين الإقليم والحكومة الإتحادية لاسباب: توقف صرف حصة الاقليم من الموازنة الاتحادية منذ أكثر من سنتين، مشكلة انتاج وتصدير النفط من الإقليم ومستحقات شركات النفط الاجنبية العاملة في الإقليم، معالجة مسألة المناطق المتنازع عليها وفق المادة (140) من الدستور العراقي، وغيرها.

7. يعاني إقليم كردستان من المشاكل المالية والإقتصادية الكبيرة والمتنوعة: تدني مستوى الخدمات الأساسية وضيق العيش للمواطنين، إ رتفاع معدلات البطالة، وتفاقم المديونية الداخلية والخارجية، التأخر وصرف جزء من رواتب الموظفين، تفاقم نفقات محاربة الإرهاب (داعش) وعصاباتها والمشاكل الإدارية والمالية واللوجستية للنازحين والمهجرين، إضافة الى المشاكل الإجتماعية الكبيرة.

8. حسب معلوماتي المتواضعة ومتابعاتي للقضية الكردية في إقليم كردستان العراق، ففي حالة إجراء الإستفتاء، يمكن ان تكون المشاركة والنتيجة بأقلية ضعيفة في هذا الظرف، بسبب عدم توافق الاطراف السياسية المشاركة في العملية السياسية على رؤية موحدة تجاه المسألة وآليات تنفيذها، في الوقت الذي نرى اليوم أن البيت الكردي وخطابه السياسي غير موحد تجاه كثير من الأمور والقضايا السياسية والإقتصادية والإدارية والعسكرية التي يمر به الإقليم منذ فترة من دون إيجاد حلول لها، مما سبّب وقوع الإدارة الفيدرالية في أزمة حادة ليس من السهل الخروج منها في الوقت الحاضر، مما ستنعكس هذه الحالة بلا شك سلباً في مجمل النظام السياسي والإقتصادي والإجتماعي، وتعرقل مسيرة بناء إقليم جديد ومسايرة تطوره المستقبلي.

ثانيا: الصعيد الإقليمي والدولي

1. التدخلات الإقليمية السافرة والمباشرة من تركيا وايران وبعض الدول الخليجية كقطر والسعودية في شؤون السياسة الداخلية للإقليم. وهناك عدوان عسكري مباشر من ايران وتركيا داخل المدن والقرى الحدودية للإقليم والمجاورة لهاتين الدولتين، وإستخدام أراضي إقليم كردستان العراق لضرب فصائل حركة التحررالكردية من مناطق اخرى لكردستان، بذريعة محاربة الإرهاب والتسلل الى أراضيهما. أقامت تركيا عدد من القواعد العسكرية على أراضي إقليم كردستان بحجة تقديم دعم لوجستي وتدريبات وإستشارات وخدمات عسكرية لقوات البيشمركة في محاربتها ضد (داعش) ومنظماتها الإرهابية، والدفاع عن المكون التركماني في كركوك وتلعفر وفي أجزاء اخرى من إقليم كردستان والمناطق المتنازع عليها. العلاقة الاقتصادية المتينة غير متكافئة مع ايران وتركيا، وخاصة مع الاخيرة في مجال النفط وتسويقه وتهريبه.

2. أبدت كل من ايران وتركيا والعراق الأتحادي ومعظم الدول العربية والإقليمية رفضها لإجراء عملية الإستفتاء والإنفصال عن العراق بحجة الدفاع عن وحدة العراق وعدم تقسيمها، وعدم إقرار كل من ايران وتركيا أصلا بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي وقوامه حوالي (30) مليون نسمة فيهما.

3. أما على الصعيد الدولي والعالم، فأن الولايات المتحدة الامريكية القريبة من الشعب الكردي، لا تؤيد إجراء هذا الاستفتاء في الوقت الحاضر، وعبرت بشكل رسمي عن موقفها للقيادة الكردية، وكذلك الحال بالنسبة الى انكلترا . كما أن معظم دول الوحدة الأوربية ليست مع هذا الإستفتاء في الوقت الحاضر، وأبلغت السيد مسعود البرزاني بموقفها، عندما تواجد حضوره في بروكسل قبل أيام لكسب تأييدها.

ختاما، على ضوء المعطيات المذكورة اعلاه ، فان الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الكردي ـ بما في ذلك حق الأنفصال وتشكيل دولة وطنية مستقلة، هي قضية مبدئية لا جدال عليها. وبين ممارسة هذا الحق في الظرف الملموس.

عند إقرار نتيجة الإستفتاء بنعم، وإكتساب إدارة الإقليم الشرعية من الشعب، عليها أن تبادر بفتح حوار بناء والتعاون المشترك وفق صيغة عمل جديدة مع العراق الإتحادي. وتفعيل المادة (140) من الدستور حول تسوية مسألة المناطق المتنازع عليها ورسم الحدود الحقيقية والصحيحة للإقليم، وإتخاذ الإجراءات اللازمة لإعلان الأستقلال في الوقت المناسب، والإنتقال الى صيغة الكونفدرالية مع جمهورية العراق والتي هي صيغة أكثر تطورا من الفيدرالية الحالية. وتتطلب هذه المرحلة جهوداً حقيقية وكبيرة لتقوية العامل الداخلي/ الذاتي من الجوانب السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والتنظيمية والقانونية، مع مشاركة الجماهير في عملية إتخاذ القرارات المصيرية، ودعم بناء المؤسسات الإدارية والقضائية والدستورية الرشيدة، وإقرار ضمان الحريات العامة والخاصة للمواطنين وأحترام خصوصيات الكردستانيين وممارسة الديمقراطية الحقيقية، وتقوية النظام الإقتصادي من خلال تبني التنمية الوطنية الشاملة المستدامة يتحقق فيها نوع من العدالة والرفاء الإجتماعيين، وكذلك الاستفادة العقلانية من العامل الخارجي/ الموضوعي.

المتابعة والتنسيق والعمل المشترك مع حركة التحرر الكردية في أجزاء اخرى لكردستان المجزءة بين (تركيا وايران وسورية)، ومتابعة سيرورة تطورها والتفاهم مع هذه البلدان والطلب من المحافل الدولية (هيئة الأمم المتحدة) والوحدة الأوربية لعقد مؤتمر دولي وإتخاذ الخطواط اللازمة للاعلان عن الدولة الكردية وتحديد عاصمتها من بين هذه الدول في المدى المنظور.
 

 




 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter