|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  12  / 12 / 2019                                 د. صباح قدوري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الإنتفاضة الشعبية مستمرة حتى تحقيق النصر

د. صباح قدوري
(موقع الناس)

دخلت إنتفاضة الشعب العراقي المجيدة شهرها الثالث منذ إنطلاقها في الأول من تشرين الأول/ اكتوبر 2019، مطالبة بإجراء التغيير والإصلاح الشاملين في بنية النظام السياسي والاقتصادي القائم علي اسس: المحاصصة المقيتة ومنهج الحكم الطائفي، وإستشراء نظام الفساد المالي والإداري، وتبديد المال العام ونهب ثروات البلاد، والصراع المحموم على السلطة والنفوذ بين المتنافسين، وتفريغ المؤسسات الحكومية والإدارية المتمثلة بالسلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) وحتى السلطة الرابعة الإعلام من أحترام أستقلالها وسيادتها وشفافيتها ومصداقيتها وفق اسس الإدارة الرشيدة، وتكريس سياسات التهميش والإقصاء وتدهور الخدمات والأوضاع المعيشية، وتفاقم نسبة البطالة والفقر واللآمساواة في المواطنة والعدالة الإجتماعية من لدن الحكومات المتعاقبة منذ الإحتلال عام 2003 والى اليوم، وجعل من العراق دولة فاشلة بكل معنى الكلمة.

وأمام هذه اللوحة السوداوية للنظام الحالي، أنطلقت هذه الانتفاضة السلمية الى الشوارع والساحات في عموم العراق، وبأوسع مشاركة من أطياف وفئات المجتمع العراقي، عابرة المحصاصة المقيتة على الأسس الدينية والطائفية والاثنية والحزبية الضيقة، مطالبة بالتغييرالجذري وبرحيل النظام وجميع أركانه، ليحل محله نظاما مبنيا على أسس المواطنة والوطنية والتساوي بين المواطنين في الحقوق والحريات ووفق مبدأ العدالة الاجتماعية والاقتصادية، ولتوفير عيش مشترك يجمع افرادا احرارا ومتساوين.

واليوم تحولت هذه الإنتفاضة الى ثورة الشعب العراقي بكافة مكوناته وأطيافه، إلا أنها جوبهت بالعنف والقمع الدموي المفرط، مما سبب وقوع تضحيات جسيمة وشجاعة في صفوفها، وقدمت مئات من الشهداء والاف من الجرحى والمعوقين لمواجهة هذا العنف ضدها من النظام وأعوانه في الداخل والخارج وجميع مؤسساته، وذلك قربانا من أجل توفير حياة كريمة وآمنة ومستقرة وغد مشرق لأبناء العراق من هذا الجيل والأجيال القادمة.

وهنا لابد من الإشارة الى تعنت رئيس الحكومة في تقديم إستقالته في وقت مبكر من إندلاع هذه التظاهرات بحجة الإلتزام بالدستور، الذي لم تلتزم الحكومات المتعاقبة به منذ إقراره من الشعب في عام 2005 وحتى الان!، وكذلك موافقة الكتل السياسية على ترشيح البديل. وفي نهاية المطاف أضطر للتجاوب لمطاليب المتظاهرين والمرجعية الدينية لتنفيذ الإستقالة. كذلك دور ضعيف وغير مهني وأخلاقي لرئيس الجمهورية في ممارسة صلاحياته الدستورية لإيجاد حلول صائبة وعقلانية لهذه المسألة لا قبل ولا بعد إستقالة رئيس الحكومة وحتى اليوم، بغية تجنب كل ما حصل من الأضرار البشرية والمادية عن ذلك. كما كان للبرلمان العراقي ايضا دور خجول وغير مهني ولا أخلاقي في إتخاذ قرارات صائبة لهذه المسألة، ومحاولة إيجاد وطرح بعض حلول ترقيعية كما تسمى بالإصلاحات في الدستور وقانون الإنتخابات والمفوضية المستقلة للإنتخابات وهيئة النزاهة، وذلك لإسكات صوت المنتفضين بأمل تراجعهيم عن الحراك الشعبي وإنهائه.

لقيت هذه الثورة تضامنا واسعا من القوى والشرائح الإجتماعية المختلفة من داخل العراق وخارجه، وإدانات وإستنكارات محلية ودولية عبر السفارات الإقليمية والدولية والمنظمات الأممية لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية والأمم المتحدة لجرائم الحكومة وحلفاءها، وطالبت الجهات المسؤولة بالكف عن هذه الممارسات اللإنسانية ضد الثوار، والكشف عن هوية المذنبين وإحالتهم الى العدالة لينالوا عقابا صارما عن أفعالهم الشنيعة.

تحاول الكتل السياسية الحاكمة توظيف كل إمكانياتها ومؤسساتها الإدارية والأمنية وميلشياتها لتمسك بسلطتها الفاسدة ولن تسلمها بسهولة وبدون ثمن الى الشعب، لذا ستحاول إستخدام كل الوسائل الممكنة بما فيها القمع الدموي المسعور. وتماطل في إتخاذ الإجراءات اللآزمة والسريعة لتنفيذ مطالب الثوار العادلة والألتفاف عليها بهدف تدويلها. ولكن كل هذه المحاولاث الإجرامية القذرة واللإنسانية لا تفيدها، لان الثورة قامت على أسس متينة وسليمة ومحقة وعادلة لا يمكن لاي قوة تزعزها والنيل منها، فهي مستمرة وتكبر يوما بعد يوم وتتقدم صوب النجاح والنصر الاكيدين إن عاجلا أم آجلا، ويكون الموت والغزي والعار لعصابات الطغمة الحاكمة.

على الثوار في الساحات وكل عراقي شريف منخرط في هذه الثورة الجبارة كل من موقعه أن يتخذ الحيطة والحذر من تدخل إلأنكلو/ امريكي المباشر وفق سياستها (الفوضى الخلاقة) التي مارستها عند إحتلال العراق لمحاولة إعادة ترتيب أوضاع السلطة بوجه أخر تبقى عميلة تلتزم بتنفيذ السياسة الأمريكية والأوربية في العراق والمنطقة والمحافل الدولية. وكذلك تدخل إلأيراني السافر والمنتشر في كافة مفاصيل الدولة العراقية، ومحاولتها إجهاض التظاهرات وقمعها بالأسلوب الدموى بالتعاون مع ميلشيات بعض الكتل السياسية حتى لو كلف ذلك مزيداَ من الضحايا بين المتظاهرين، وذلك لانقاذ النظام الحاكم وإبداله بأخرين من الأحزاب الإسلامية الشيعية والسنية الموالين لها، حتى يظل العراق ساحة لصراع إمريكي/ إيراني، مهما كلفت العراق من الخسارة، دولة وشعبا. وكذلك التدخلات التركية والدول الخليجية لفرض أجنداتها في العراق للبقاء في السلطة خدمة لمصالحها الجيوسياسية في المنطقة.

نقف إجلالا وتكريما لأرواح شهداء الأنتفاضة، ونعزي اهاليهم وعوائلهم ونعزي أنفسنا على خسارتهم ، ونرجو للمصابين والجرحى الشفاء العاجل... والنصر قريب.





 

 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter