|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  10  / 1 / 2016                                 د. صباح قدوري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الى اين تتوجه اليوم سياسة ادارة اقليم كردستان العراق بمعضلاتها؟!

د. صباح قدوري
(موقع الناس)

بعد أن اخفقت الاحزاب السياسية المشاركة في العملية السياسية والحكومة، وخاصة الاحزاب الاربعة (الاتحاد الوطني الكردستاني، حركة التغيير، الاتحاد الاسلامي، والجماعة الاسلامية) المتفقة علي انتهاء ولاية الرئيس مسعود البرزاني في 19/أب ـ أغسطس2015، من تحديد موعد انتخاب الرئيس الجديد للاقليم، وتقديم اي مرشح بديل لهذا المنصب، وكذلك لم تنجز مسودة الدستور بعد اعادة قراءته مجددا من قبل برلمان اقليم كردستان، تمهيدا لطرحه على الاستفتاء الشعبي لاقراره بصيغته الجديدة لحد الان. اليوم يشهد اقليم كردستان العراق تحديات كبيرة ومسئوليات جسيمة آزاء الوضع الداخلي والعراقي والمنطقة،، يمكن أجمالها كالاتي:

أولا: على الصعيد السياسي

1. محاربة الارهاب الدولي لتنظيم (داعش) وعصاباتها الارهابية، وانعكاساته على زعزعة الوضع الامني والاستقرار في الاقليم.
2. التوترات في العلاقات بين الاحزاب السياسية وخاصة المشاركة منها في ادارة الحكم للاستحواذ على السلطة والمال والنفوذ.
3. سوء التنسيق والعمل المشترك مع الفصائل السياسية لحركة التحرر الكردية في اجزاء اخرى من كردستان.
4. المشاكل الادارية والمالية والنفط ، وتطبيقات قانون 140 من الدستور العراقي بخصوص المناطق المتنازع عليها، وآليات العمل في المسائل العسكرية المتعلقة بالبشمركة ومعداتها في محاربة الارهاب، وخاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة الاقليم مع الحكومة الفيدرالية.
5. الادارة المركزية المشددة في اربيل في الرئاسة وحكومة الاقليم، والتفرد في اتخاذ القرارارات المهمة من قبلهما دون الرجوع الى الاحزاب الاخرى المشاركة في الحكم.
6. تجميد دور البرلمان في إداء وظائفه وواجباته التشريعية والرقابية، بعد منع رئيس البرلمان من كتلة التغيير للحضور واداء واجبه في مجلس البرلمان في اربيل. ومنع ايضا وزراء من كتلة التغيير من مزاولة وظائفهم.
7. الضعف في تطبيق وممارسة الديمقراطية الحقيقية في الحياة الحزبية والادارية، وعدم ممارسة مبدأ التعددية في الانتقال السلمي للسلطة.
8. التدخلات الاقليمية السافرة والمباشرة من تركيا وحلفاتها السعودية وقطر، وكذلك من ايران في شؤون السياسة الداخلية للاقليم.
9. تدخل عضوي بين الهيمنة الحزبية المباشرة واتخاذ القرارات الفعلية في الادارة الفيدرالية، سبب في تعطيل ممارسة المؤسسات القضائية والتشريعة والتنفيذية، وحتى السلطة الرابعة الاعلامية لسلطاتها ومهامها بالشكل المطلوب.

ثانيا: على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي

1. تفاقم الازمة المالية والتنموية، وهناك ركود اقتصادي ونقص في السيولة النقدية، وتفاقم مديونية حكومة كردستان للبنوك التجارية والقروض الخارجية بحدود (20) مليون دولار مع المستحقات المالية المتأخرة للشركات النفطية العالمية في الاقليم، بسبب انخفاض اسعار النفط، وبالتالي العوائد الناجمة عنه، وسوء الادارة.
2. عدم استلام الاقليم حصته ال (17%) من الميزانية الاتحادية، بسبب عدم حل الاشكاليات الموجودة بين الاقليم والحكومة الفيدرالية، بخصوص النفط وعائدات الاقليم الاخرى.
3. تفاقم نفقات الحرب على الارهاب، والمشاكل الادارية والمالية للنازحين والمهجرين.
4. دفع رواتب كثير من منتسبي الموسسات الادارية مرة واحدة كل اربعة اشهر، وذلك لعدم أستلام الاقليم لحصته من الموازنة الاتحادية، وسوء الادارة فيه اضافة الى الفساد.
5 . سوء الادارة وعدم الالتزام بمعايير الكفاءة والخبرة والنزاهة في اختيار من يشغل اي موقع في اجهزة الادارة الفيدرالية، وتفشي ظاهرة الفساد الاداري والمالي في المفاصل الادارية والحزبية.
6. تدني مستوى توفير الخدمات الضرورية والاساسية للمواطنين في مجالات الماء والكهرباء والمشتقات النفطية والصحية والتعليمية والامن الغذائي وحماية السلم الاهلي.
7. بقاء الطابع الريعي لاقتصاد الاقليم على المداخيل الناتجة من بيع وتصدير النفط بالدرجة الاساسية، ويجد تعبيره في الضعف الشديد لمساهمة قطاعي الزراعة والصناعات التحويلية والخدمات الانتاجية في تكوين الناتج المحلي الاجمالي.
8. نقص الشفافية في موارد الاقليم المختلفة وتحديد أوجه انفاقها والافصاح عن البيانات المتعلقة بذلك.
9. ارتفاع معدلات البطالة وخاصة بين الشباب والنساء ، وتصل بحدود (25 ـ 30)% من قوة العمل، وذلك بسبب الركود الاقتصادي والازمة المالية التي يعاني منها الاقليم، ووجود اكثر من مليون موظف يستلمون الرواتب من حكومة الاقليم رغم عدم وجود حاجة فعلية لعدد كبير منهم ويعتبر ذلك بطالة مقنعة ايضا.
10. ظهور فجوة كبيرة بين الفقراء والاغنياء نتيجة تزايد حدة الاستقطاب الاجتماعي. وتركز الثروة في أيدي الفئات المتنفذة في قمة الهرم الحزبي والاداري العام، مما عزز من التفاوت القائم في المجتمع.
11. تحرير سياسة الاسواق والاسعار باشكال تتنافي مع السياسات الاقتصادية التنموية ، وغياب أو ضعف المحاسبة والشفافية في الادارة والاداء، في اضعاف الطبقة الوسطى، التي هي قاطرة التنمية، وظهور تفاوت في مداخيلها.
12. غلبة النشاط الاقتصادي ذي الطبيعة الاستهلاكية، يرافقه تدني النشاط الانتاجي الذي يساهم في خلق القيمة المضافة وتكوين التراكم الرأسمالي في المدى المنظور.
13. الاعتماد المفرط على أستيراد السلع الاجنبية واغراق الاسواق المحلية بها. مع تدني الانتاج المحلي مما جعله غير قادر على الصمود امام منافسة هذه السلع من حيث السعر والنوعية.
14. تفتقر العقود مع شركات النفط الاجنبية العاملة في الاقليم الى الشفافية العالية. وهي عقود المشاركة في الانتاج والارباح والملكية. ووفقا لبعض البيانات الاولية، فان هذه العقود تمنح الشركات المذكورة ولمدة طويلة قد تزيد على (20) سنة ، حصة ارباح عالية من النفط المستخرج وبكلفة زهيدة مقابل تطوير الحقول النفطية في الاقليم.
15. تزايد ظاهرة الهجرة بين الشباب من الاقليم نحو اوربا، وبخاصة في الآونة الاخيرة بسبب اشتداد صعوبة الحصول على فرص العمل، وتفاقم ظاهرة الفساد السياسي والمالي والاداري، مع استمرار نهج الهيمنة للاحزاب المتنفذة في الاقليم.

ثالثا: ما المطلوب من الادارة الفيدرالية

على ضوء المعطيات المذكورة في النقطتين السابقتين المشار اليهما اعلاه، ومن اجل بلورة رؤية شفافة واستراتيجية واضحة المعالم للحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية القائمة في الاقليم، مما يستوجب على الادارة الفيدرالية القيام بجملة من الاصلاحات السياسية والتغيرات البنوية في أقتصاد الاقليم، نوردها (باختصار شديد)، وعلى سبيل المثال لا الحصر، كالاتي:

1. يتطلب قبل كل شئ من ادارة الاقليم التوجه لاعادة تقييم سياساتها الداخلية والخارجية، والتشخيص بالدقة والامانة الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والامني السائد في الاقليم الحالي، وتحديد الاهداف التي ينبغي تحقيقها آنياً وعلى المدى المنظور، ومن ثم اقتراح السياسات التي من شأنها تحقق الاهداف المرسومة.
2. إجراء اصلاحات جذرية في سياسة الاحزاب المشاركة في العملية السياسية والحكومة، تجاه الاوضاع المزرية التي يمر بها الشعب الكردي في الاقليم. وانهاء الخلافات فيما بينها على اسس الحوار البناء، وحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية السائدة في الاقليم، وفي مقدمتها تخفيف معاناة الشعب من الفقر، وتوفير الخدمات الاساسية، وممارسة الديمقراطية الحقيقية، والحد من الفساد الاداري والمالي، والتصرف بالموارد المالية بشكل عقلاني وبشفافية عالية تصب في خدمة التنمية.
3. معالجة ظاهرة البطالة عن طريق تأمين فرص العمل اللائقة للجميع، وتقليل الفوارق الطبقية، من خلال تشغيل اكثر للطبقة الوسطي لتوسيع حجمها، وتقليص حجم الفئة الفقيرة وممن هم تحت خط الفقر.
4. اعتماد سياسات أقتصادية واجتماعية شاملة للجميع لتحقيق مبدأ العدالة الاقتصادية والاجتماعية، بهدف تقليص التفاوت الكبير في مستويات الدخل وتراكم الثروات بين الافراد وبين مناطق الاقليم
5. رفع الوعي العام والمستوى الثقافي والحضاري للمجتمع، وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني في ممارسة الديمقراطية والمشاركة الفعالة في صنع القرارات والرقابة الشعبية.
6. تأمين نظام الضمان الاجتماعي لمساعدة الفقراء والعاطلين عن العمل.
7. المسئولية الاجتماعية تجاه البيئة وحمايتها من التلوث والدمار.
8 . ضرورة تفعيل وتطبيق مبدأ اللامركزية الادارية والمالية لمحافظات الاقليم.
9. الاسترشاد باركان ومبادئ الحوكمة في ادارة المؤسسات على اسس : الديمقراطية الحقيقية والشفافية والنزاهة والمسؤولية والافصاح عن المعلومات ومحاربة الفساد المالي والاداري.
10. ان مقومات تطوير صيغة الفيدرالية الحالية، لتصبح نواة لقيادة حركة التحرر الكردية على صعيد كردستان الكبرى مستقبلا، واعلان استقلال كردستان ليس فقط بالاقوال وانما بالافعال ايضا. ويتوقف ذلك بدرجة كبيرة على تقوية العامل الداخلي، والاستفادة العقلانية من العامل الموضوعي، ودور ومشاركة فعلية وفعالة للاحزاب الكردية في العملية السياسية، خاصة ما يتعلق بعملية اتخاذ القرارات المصيرية، وعلى رأسها مسألة الانتقال من الصيغة الحالية الفيدرالية الى صيغة الكونفيدرالية، وتكون مرهونة بدرجة كبيرة بدعم وبناء المؤسسات الادارية والقضائية والدستورية الرشيدة . ويتم ذلك من خلال أقرار ضمان الحريات العامة والخاصة للمواطنين ، وممارسة الديمقراطية الحقيقية، ورفع المستوى الثقافي والوعي لدى الجماهير الكردستانية، وتقوية النظام الاقتصادي المبني على أقتصاد متنوع ذي صفة انتاجية قادرة على تمويل الميزانية العامة ويساهم في الناتج المحلي الاجمالي بوتيرة عالية من النمو.

ختاما، نرى ان في هذا الوقت الصعب الذي يمر به الشعب الكردي في جميع اجزاء كردستان، حيث الحاجة والضرورة تقتضيان تهيئة مناخ ملائم لعقد المؤتمر الوطني الكردي، وبمشاركة كافة الاطراف المعنية، وذلك لجمع شمل البيت الكردستاني، وتوحيد الخطاب السياسي والنضالي، وايجاد حلول حذرية وموضوعية حاسمة للوضع الكردي في كافة أجزاء كردستان، وذلك لاعطاء زخم اكبر لهذه القضية. والاستفادة العقلانية من التجارب السابقة، التي لم تجلب للشعب الكردي غير الاقتتال والدمار والخراب والويلات والتفرقة. والتأكيد على الطابع الانساني والسياسي والأجتماعي والبعد الاستراتيجي لقضايا ومصالح الشعوب. وايجاد صيغة عمل مشترك مع المنظمات الدولية في الامم المتحدة والوحدة الاوربية وفي المحاور الاقليمية والدولية، بغية عقد موتمر دولي لحل القضية الكردية سلميا وسياسيا في المدى المنظور.


 

 



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter