| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

صائب خليل
saieb.khalil@gmail.com

 

 

 

السبت 25/4/ 2009



إبراهيم علاء الدين: الكذب بأناقة

صائب خليل

ليس إبراهيم علاء الدين أنيقاً في ملابسه وشكله فقط، وإنما أيضاً في اختيار كلماته وجمله، لكن المتمعن في محتوى تلك الكلمات يصحو فجأة من سحر تلك الأناقة، ليجد أمامه وحشاً مرعباً، وليكتشف أن ما يميز إبراهيم علاء الدين هو بلا مجاملة "الكذب"، أو إن شئت الدقة فهو: "الكذب الأنيق". فلننظر مثلاً كيف يناقش إبراهيم علاء الدين القضية الفلسطينية.
تأملوا هذه الأناقة الفظية والخلقية لإبراهيم: "وكغيرنا دعونا العلي القدير ان يلهم بعض من نصبوا انفسهم قادة على الشعب الفلسطيني ان يلهمهم الله ولو لمرة واحدة في العمر القدرة والحكمة لرؤية المصالح الوطنية للشعب الفلسطيني". (1)

ليس "من نصبوا أنفسهم قادة على الشعب الفلسطيني" في جملة إبراهيم علاء الدين ذات ربطة العنق الأنيقة، إلا الجهة التي فازت في إنتخابات نزيهة بـ 76 مقعداً من 132 مقعداً من مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني (2*)، وهو ما يتيح لأية جهة في العالم أن "تنصب نفسها" بكل فخر واعتزاز، كقائدة ديمقراطية منتخبة من شعبها! لقد اعترفت الحكومة الفلسطينية السابقة بهزيمتها في انتخابات سليمة وقدمت استقالتها للرئيس السابق عباس (2). أليست عبارة "من نصبوا أنفسهم" محاولة لخداع القراء إذن، ولتجاهل فوز ديمقراطي ساحق؟ (3) اليست ببساطة: "كذب" تم تمريره في جملة أنيقة؟
ليس للجهة التي ينتخبها الفلسطينيون حق في الحكم حسب ديمقراطية ابراهيم، لكنها "تتوهم" كونها ممثلة للشعب الفلسطيني، ولذلك فهي تحاول "الوثوب إلى المقاعد القيادية" (1)، بل هي, ويا للوقاحة، ترفض دمج "مليشياتها المسماة بـــ القوة التنفيذية" في اجهزة "الامن الوطني" الفلسطيني وتسخرها "لتنفيذ برنامجها" (4) (التي انتخبها الشعب الفلسطيني على أساسها)!

ويعترف ابراهيم بأن السلطة "الوطنية" تعتقل أنصار السلطة "الشريرة" المنتخبة، لكنه يدعو الآخرين أن ينظروا إليها كمشكلة أمنية سياسية، وليس إنسانية. لأن "اصرار حماس على اطلاق معتقليها نابع من حرصها على استكمال برنامجها الانقلابي"....
ما يثير استغرابي يا أخ علاء هو لماذا تلجأ حماس إلى "ألإنقلابات" ولديها أكثر من نصف المقاعد في المجلس التشريعي؟ وهي ليست الأولى في غزة فقط وإنما في الضفة الغربية أيضاً؟ أما كان بإمكانهم الحصول على السلطة من خلال حقهم الديمقراطي؟ لكن يبدو أن الإسلاميين الأشرار لا يستسيغون الحكم إلا من خلال الإنقلابات...اليس كذلك؟
يأخذك ابراهيم في سطور فنية بين الحقيقة والـ....الفن...فهو يحلل المشكلة هنا بدقة: " لانه اذا استجابت فتح وحلفائها لمطالب حماس فهذا يعني انتهاء فتح سياسيا على الاقل بهزيمة برنامجها السياسي، واذا وافقت حماس على برنامج فتح فانها تعلن عن وفاتها بهزيمة برنامجها السياسي". (4) لكنه لا يستنتج أن حماس المنتخبة محقة في عدم استجابتها لمطالب فتح التي رفضها ناخبوها، وأن هذه هي المسيرة الديمقراطية الطبيعية، وأن على فتح أن تعترف بهزيمتها بدلاً من الإصرار على السلطة حتى لو على جسد الديمقراطية المذبوح، بل يرى أن على فتح التي يسميها "القوى الديمقراطية" هنا، ربما سخرية، او فناً...أن لا "تتنازل" لأن "اي تنازل من القوى الديمقراطية مهما كان صغيرا فانه تنازل لصالح الاستبداد والطغيان"، لذا فيجب الإطاحة بالحكومة المنتخبة لإنقاذ الديمقراطية، وإلا فأن التراخي عن ذلك من شأنه "الاطاحة بكل ما يمت للديمقراطية بصلة بما فيها الانتخابات التي سيتم الغائها في حال تمكن قوى الاستبداد من الفوز بالسلطة لتفرض مكانها الشريعة الاسلامية كمصدر وحيد للتشريع والحكم وادارة الدولة". (4)

إذن يجب أن تسفر الإنتخابات عن فوز من يسميهم أبراهيم "القوى الوطنية" وإلا سيكون من المناسب إلغاؤها...على الشعب أن ينتخب من يراه ابراهيم مناسباً, وإلا فيجب رفض خيار الشعب....إنها ديمقراطية جميلة يمكن إقناع حتى صدام حسين نفسه بها.
أما الحديث عن "الشريعة الإسلامية كمصدر وحيد..." الخ فهي تدل على موهبة خارقة لابراهيم، فالبعض  يلجأون عادة إلى مثل هذه الإفتراضات قبل الإنتخابات، أما علاء فيدفع إلى آفاق أخرى أكثر رحابة وطموحاً، فيأتي بهذه الأقوال حتى بعد فوز حماس وعدم فرضها "الشريعة الإسلامية كمصدر وحيد للتشريع والحكم وإدارة الدولة" كما يقول.
بل يستمر في مقالة أخرى فيحذر من حماس لأن"عقيدتها ترفض الديمقراطية من حيث المبدأ، ولا ترى فيها الا وسيلة تتعامل معها لمرة واحدة فقط للقفز الى السلطة، وبعدها سيكون الغائها اول قرار يتخذه الخليفة." (5)
هذا بالرغم من أن حماس استلمت السلطة فعلاً بعد انتخابها, وتآمرت عصابة عباس عليها بدعم من عصابات "ثقافية" من مثل عصابة ابراهيم، ورغم ذلك فهي لم تلغ الديمقراطية، ولو أنها فعلت لما كان بالإمكان لومها على احتقار مثل تلك الديمقراطية التي لا يخجل أبراهيم من التحدث بلسانها.

وفي مكان آخر يكتب إبراهيم: " والاخطر من ذلك هو ما يتعلق بالجوهر الديمقراطي وما يتعلق بالمساواة بين مكونات الشعب الفلسطيني حيث ترفض حماس تمثيل المسيحيين بنسب حرة في المجلس التشريعي".
وحقيقة هذه "النسب الحرة" هي أن حماس رفضت نظاماً للتمثيل النسبي، وهو خلاف بينها وبين غيرها من الفصائل كأي خلاف بين مجاميع الأحزاب المرشحة لإنتخابات في أي بلد، وفضلت عليه نظاماً رأت أنه يناسبها أكثر في الإنتخابات (6) . وعلى أية حال فلم يشرح لنا إبراهيم لماذا اعتبر تفضيل حماس لنظام ديمقراطي على آخر، قضية خطيرة، ولم ركز على المسيحيين؟

ألا يفهم القارئ من هذا بأن حماس تضطهد المسيحيين وحقهم الديمقراطي؟ لننظر إلى حقيقة الأمر، ولندع المسيحيين أنفسهم يتكلمون: "وفيما يخص أوضاع أبناء الطوائف المسيحية في غزة بعد سيطرة حماس على القطاع، قال الأب مانويل: "إن المسيحيين يمارسون حياتهم الطبيعية دون مُضايقة من أحـد، ولا تدع حماس فـرصة إلا وتؤكد فيها عن تقديرها لنا".
وأردف يقول: "في غزة نعيش (المسيحيون) كمواطنين فلسطينيين مثل المسلمين.. لنا نفس الحقوق وعلينا نفس الواجبات.. وعلاقتنا مع حماس مميزة جدًّا.. ونحترم بعضنا البعض".
ويدلل راعي كنيسة اللاتين بقوله على متانة هذه العلاقات بأنه "بعد نشر صحيفة دنماركية للصور المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في سبتمبر 2005، وما تبعها من ردود فعل غاضبة في أرجاء العالم، شعر بعض مسيحيي غزة بشيء من الخوف على أرواحهم".
لكن حماس، بحسب الأب مانويل، "سارعت إلى إرسال عناصر الأمن لحمايتنا وحماية مؤسساتنا من أي ردة فعل قد تحدث، بالرغم من أننا لم نطلب ذلك".
وبتكليف من رئيس الوزراء المُقال أجرت وزارة الإسكان عمليات ترميم وصيانة واسعة لمباني كنيسة "دير اللاتين" و"مدرسة الراهبات الوردية" عقب الأضرار التي لحقت بهما خلال أحداث الاقتتال الداخلي بين حركتي حماس والتحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في يونيو الماضي.
"هذا شيء طبيعي باعتبارنا جزءًا من غـزة أن يصيبنا ما يصيب غيرنا.. حاول البعض تشويه العلاقة بيننا وبين حماس واتهام عناصرها بالاعتداء على الكنيسة.. لكن هذه المحاولات باءت بالفشل.. فالمسيحيون في غزة هم مصدر نظام ومساعدة لإخوانهم المسلمين".. (7)

وفي مكان آخر (7-1) يذهب الأرشمنديت الأب الدكتور عطا الله حنا الناطق الرسمي باسم الكنيسة الأرثوذكسية في القدس والأراضي المحتلة، إلى أبعد من ذلك بكثير، فيصف الإستشهاديون بالأبطال، كما تنقل - محاورات المصريين- عن لسانه: " إن الكنيسة الأرثوذكسية على اتصال و تنسيق دائم مع كل الحركات الإسلامية في فلسطين، معترفا للمرة الأولى بانضمام شبان مسيحيين إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لدحر الاحتلال الصهيوني.
وأضاف أنه يؤيد العمليات الاستشهادية ضد الصهاينة ، لأنها جزء من المقاومة المشروعة ضد الاحتلال. وأكد أن الشعب الفلسطيني لا يملك جيشا أو طائرات أو دبابات لكي يدافع عن نفسه ، و سلاحه الوحيد هو المقاومة بالعمليات الاستشهادية . و وصف الاستشهاديين بأنهم أبطال و ليسوا انتحاريين ، كما قال إن المجتمع الاستيطاني الصهيوني كله عبارة عن عسكريين أو مستوطنين صهاينة اغتصبوا الأرض و يعملون كل ما في وسعهم لإذلال الشعب الفلسطيني و مصادرة حقوقه المشروعة . الشبان المسيحيون ينضمون للواء حماس - والسلاح الوحيد هو العمليات الاستشهادية.

أن قلب الأمور تماماً، رأساً على عقب، يتطلب موهبة بلا شك، لكنها موهبة لم تعد نادرة، ألا تتذكرون بوش وهو يصيح متحسفاً: "أين مانديلا العراقي"؟ وكأن مانديلا العراقي سيكون عوناً له، في الوقت الذي كان مانديلا يعبر عن أشد احتقاره لبوش شخصياً!
والحقيقة أن ابراهيم، لو كان حريصاً على "حقوق المسيحيين" في الديمقراطية والحياة لوجه نقده إلى إسرائيل التي طالما اشتكى المسيحيون من جورها عليهم، بل شاركهم في ذلك الجور إدارة بوش المغرقة في مسيحيتها، (7-2) فاشترطت عليهم موقفهم السياسي، وعاقبت من لم يتخذ الجانب الذي تفضله إسرائيل (8)
هذه المقالة حصلت في الحوار المتمدن على 100% أعطتها لها جميع الأصوات الـ 18!

ويستمر إبراهيم علاء الدين في التنقل بين مغالطاته الأنيقة ودعوات صريحة الوحشية للتخلص من حماس بأي ثمن كما فعله قبله مبارك وعصابة لصوص عباس ودحلان، فيتبنى موقف إسرائيل من الصراع، فهو سعيد بالضرر الذي أصاب حماس نتيجة المذبحة الإسرائيلية ويدعو الآخرين لأنتهاز الفرصة فيقول: " واذا لم تدرك القوى السياسية وفي مقدمتها قوى اليسار الفلسطيني، خصوصا تلك التي تلعب على اربعة حبال ان حماس في وضع بائس ومرير وهي قد خرجت للتو من هزيمة عسكرية تكبدت فيها خسائر مادية هائلة وخسائر معنوية كبيرة خصوصا في قطاع غزة. اذا لم تدرك ذلك فسوف تخرج من المولد بلا حمص. فحماس بعد مذبحة غزة هي غيرها قبل المذبحة، انها محطمة القوى مضربة مشتتة، وهذه فرصة امام حركة فتح وقوى اليسار لمحاصرتها واجبارها على الخضوع للمصلحة الوطنية الفلسطينية"(1)....هذه المصلحة كما يراها ابراهيم و ...إسرائيل بالضبط: إنه حمّص ملوث بالدماء, وعلى جثة الديمقراطية.

وحين يتخلى إبراهيم عن بذلة خطابه الأنيقة، فإنه يكشف عن نفسية مختلفة تماماً، فقتل الأطفال الفلسطينيين حسب رأيه ليس بسبب وحشية إسرائيل بل "المرأة الفلسطينية المتوحشة" التي "نزعت عاطفة الامومة" منها وحولتها الى "وحش كاسر لا يأبه بموت ابنائه، مثلها مثل تلك الوحوش التي تأكل ابنائها." وهي "لا تصلح سوى ان تكون غربانا تزعق بالموت وترقص على الاشلاء ويسعدها الانين ويفرحها الوجع الانساني مهما كان شكله".(9) ...ليس من السهل أن تجد الكثيرين من وساخة المنطق هذا، حتى في إسرائيل نفسها، يتحدث بهذا الشكل عن أمهات يمزقهن ألم فراق أولادهن تمزيقاً...إنما أردن لهم حياة كريمة.

لايعترف ابراهيم بأنه يتخلى بهذا الموقف عن الديمقراطية، بل بالعكس، فيكتب وهو يذوب حرصاً على الديمقراطية: "لكن المشكلة الاكثر اهمية من كل ما سبق ذكره بل يمكن ان تكون هي المشكلة الجذرية التي للاسف لا تسلط عليها اجهزة الاعلام الضوء ولا يتطرق لها معظم المراقبين والمتابعين والكتاب والصحفيين الفلسطينيين والعرب المتابعين للشأن الفلسطيني هي مشكلة الديمقراطية. (4)
واستغرب كيف يمكن ان يجري حوارا ديمقراطيا مع فريق لا يؤمن اصلا بالديمقراطية..؟؟؟ "
ليبلغ فن ابراهيم قمته القصوى في عبارته التالية: "فالديمقراطية تعني ان الشعب هو مصدر السلطات"
ويبقى أبراهيم على قمة حبل بهلوانات الكلام المشقلب:
"فالديمقراطية تعني حكم الشعب لنفسه ولها ركنان اساسيان حكم الاغلبية وحماية حقوق الاقليات والافراد، وتتضمن مفاهيم ومباديء تضمن عدم تمكين الاقلية من تعطيل الحكم وشل مؤسسات الدولة" دون أي أثر لخجل ممن كان يتحدث قبل سطور عن ضرورة استلام أقليته للحكم!!

أما "صندوق الإقتراع" فلا يذكر ابراهيم منه سوى أنه"هو الذي جاء بالنازية الى السلطة، وهو الذي جاء بالفاشية الى السلطة بايطاليا، وهو الذي يأتي بالكثير من الديكتاتوريين الى السلطة في انحاء كثيرة من العالم.. فصندوق الاقتراع لا يجب الا يقترب منه الا من يؤمن اساسا بالديمقراطية بمفهوهما الشامل......وأنت يا صاحبي، هل تؤمن بالديمقراطية بـ"مفهومها الشامل" الذي يفهمه أبراهيم؟ هل لك حق في الإقتراب من صندوق الإقتراع؟
يكمل ابراهيم خطته للحل: "وعلى الديمقراطيين ان يقيموا وحدة فيما بينهم ، مهما كانت هناك خلافات او تباينات او حتى تناقضات بين برامجها السياسية او عقائدها الفكرية. لكن يجب ان يجمع بينهم الايمان بالديمقراطية بشكل شامل. (4) (أي يجب أن يتحد الديمقراطيون من أجل الإنقضاض على الحكومة المنتخبة).

خاتمة
هل هناك بعض الحقيقة فيما يقول ابراهيم؟ وهل هناك خطر حقيقي على الديمقراطية من حماس يستوجب تشويهها وتشويه المنطق بهذا الشكل من أجل الوقاية من هذا الخطر؟ هل أن حماس انتخبت بشكل غير سليم، وهل أنها شديدة العناد والإصرار على السلاح كطريق وحيد لتحقيق طموحات الشعب الفلسطيني؟ هل يحق لعباس أن يتصرف كما فعل، بل هل هناك في الدستور الفلسطيني ثغرة أتاحت لعباس تجاهل السلطة المنتخبة والإستمرار في منصبه بعد نهاية ولايته؟ هل هناك ولو نصف حقيقة أو ربعها يختفي بين تلك السطور ؟
الحقائق تقول بالعكس، فحكومة أحمد قريع قدمت استقالتها فور هزيمتها (10)، وبروح ديمقراطية, ولم تتحدث عن أية انتهاكات للإنتخابات, وكيف تنتهك الإنتخابات ضد صاحب السلطة؟
أما عن حق عباس في الإستمرار في السلطة فيمكننا فحصه بوضوح تام في نصوص الدستور الفلسطيني، لنكتشف أن عباس لعب دوراً إجرامياً يضع صاحبه تحت طائلة أقسى القوانين طراً في البلدان الغربية الديمقراطية (11)، لكنها ومعها أميركا وإسرائيل وأبراهيم علاء الدين، يصرّون أن يحتل هؤلاء في الدول النامية والعربية بشكل خاص، وغصباً على شعوبها، كرسي السلطة وليس الزنزانات التي يختارونها لهم في الغرب.

ورغم اختلافي الإيديولوجي مع حماس، لكن الحقائق تجبر من له أي وازع صدق على الإعتراف بأن حماس لم تكن متشنجة على مبادئها أبداً، فإضافة لدعوتها لفتح للمشاركة في الحكومة، دون أن تكون مضطرة لذلك ديمقراطياً على الأقل، فأن حماس اعلنت التزامها بالإتفاقات التي عقدها المسؤولون الفلسطينيون السابقون مع إسرائيل(12)، واعلنت استعدادها لشكل من التفاهم مع إسرائيل أسمته "هدنة" طويلة الأمد، رغم أن بعض ذلك يقف على تنازل حاسب البعض حماس عليه, واتهموها بالتراجع كغيرها عندما تستلم السلطة. بل وسجلت حماس بعداً ديمقراطياً متميزاً حين حرصت قيادتها التي استلمت الحكم على التخلي عن مناصبها في حركة حماس، من أجل أن لاتختلط السلطتان! (13)، لكن ذلك لم يكن يعني شيئاً بالنسبة لأميركا وإسرائيل والغرب التابع لهما، فلا يخجل خافيير سولانا، المنسق الأعلى للسياسة الخارجية للإتحاد الأوروبي، والمعروف بقربه من أميركا وإسرائيل، من التهديد بوقف المساعدات في حال فوز حماس في الإنتخابات (14) ، وهو نفس الدور الذي لعبته أميركا في التهديد بالجوع لشعوب أوروبا التي خرجت تواً من الحرب العالمية الثانية، إن هي لم تنتخب الحكومات التي تريدها أميركا. لكن ذلك يبقى ديمقراطياً بلا شك في نظر ديمقراطية ابراهيم علاء الدين " الشاملة"!

لا أتصور ابراهيم علاء الدين سعيد بدوره في الدفاع عن مجموعة لاحدود لفضائحها ولا نهاية فلم يتوقف الأمر عند فضائح السرقات العملاقة لأموال شعب مدقع كشفتها سلطة حماس المنتخبة وغيرها (15) و (16)، ولا حتى فضائح التسلح الإسرائيلي والإعتقال والتعذيب، التي تجهد "السلطة الوطنية الفاسدة" في إنكار بعضها، أو رفض التعليق عليها، وإنما تستمر الفضائح في المواقف العلنية التي استلم أمثال إبراهيم علاء الدين مهمة إيجاد خطط للدفاع عنها، لكي تتمكن من الإستمرار في ممارسة فسادها وفرض نفسها.
هذه المهمة ليست سهلة، فمثلاً, ولنأخذ من آخر الأخبار شيئاً: حين خرج وفد المجلس التشريعي من أجتماعات إتحاد البرلمانيين الدوليين في أثيوبيا عند إلقاء كلمة ممثل إسرائيل، ورفعه صور الضحايا الفلسطينيين في غزة في وجهه، قال ممثل عباس إن ذلك " أعطى انطباعا سيئا عن الشعب الفلسطيني وشوه وجهه الحضاري"!!
والأدهى من ذلك أن وفد برلمان عباس "الوطني" صوت ضد مشروع دعوة عربية لنزع السلاح النووي لإسرائيل في ذلك المؤتمر!!(17) .

وفي الوقت الذي واجهت إسرائيل وحلفائها من حكومات، الضغوط من شعوب تلك الحكومات حول مؤتمر مناهظة العنصرية في دربان في جنيف قبل يومين اضطرت معظم هؤلاء إلى عدم حضور المؤتمر، في فضيحة سياسية مدوية، فأن عباس تبرع بشطب القضية الفلسطينية من بيان المؤتمر! (18)
وفي الخبرين تتجلى "وطنية" السلطة الوطنية بأبهى صورها، فهي ترى "الحضاري" هو من لا يحتج على القتل، حتى لو كان القتيل شعبه نفسه، وهي لاتجد ضرورة لبحث العنصرية الإسرائيلية ضد مواطنيها الذين تدعي تمثيلهم، كما أنها تعتقد على مايبدو أن السلاح النووي الإسرائيلي في صالح الفلسطينيين وقضيتهم!
عن مثل هذه الطروحات، وعن مثل هؤلاء البشر، يتوجب على هؤلاء أن يدافعوا ويبرروا ويراوغوا ليزيدوا تيهان هذه الأمة الغارقة في مصائبها وضياعها، فيزيدوها تيهاناً وضياعاً...إنها مهمة شاقة بلا شك، ولا يفتخر بها.

في فلم "فرانسيس" عن اليسار في أربعينات وخمسينات أميركا المكارثية، يستغفل صحفي شاب الممثلة فرانسيس ليسجل لها سراً أقوالاً ستكلفها الكثير فيما بعد، فتنظر إليه الممثلة اليسارية وتقول: "تبدو شاباً ذكياً...الم تستطع أن تجد عملاً اكثر شرفاً من هذا؟".



روابط
(1)
ابراهيم علاء الدين - اليسار والمولد والحمص
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=166754
(2*) محمد سعدي حلس - دراسة في انتخابات قائمتي فتح وحماس ما قبل التشريعي وما بعدة
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=99197
(2) شفاف الشرق الأوسط - مسؤولون في فتح يعترفون بفوز حماس بأغلبية مقاعد التشريعي
http://www.metransparent.com/old/texts/fateh_admits_hamas_victory.htm
(3) خلافا لكل التوقعات حققت حركة «حماس» فوزاً ساحقاً على حركة «فتح» في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية
http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&article=345303&issueno=9922
(4) ابراهيم علاء الدين - حماس لا تؤمن بالديمقراطية فكيف تحاورونها ..؟؟
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=165701
(5) ماذا تريدون .. دولة وطنية ديمقراطية أم دينية استبدادية
http://erada.elaphblog.com/posts.aspx?U=468&A=7155
(6) النظام الانتخابي الفلسطيني الجديد
http://www.islamonline.net/Arabic/news/2006-01/18/article02.shtml
(7) http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1199279363784%20&pagename=Zone-Arabic-News/NWALayout
(7-1) http://www.egyptiantalks.org/invb/?showtopic=122
(7-2) لم يمض وقت طويل على انتخاب جانيت ميخائيل، المربية المتقاعدة ، لرئاسة بلدية رام الله، التي ينظر إليها كعاصمة سياسية للسلطة الفلسطينية، لتعرف إذا ما كانت الولايات المتحدة الأميركية اتخذت موقفا منها ومن مجلسها البلدي بسبب تحالفها مع "حماس"،
http://www.elaph.com/ElaphWeb/Politics/2006/1/119895.htm
(8) أميركا تقاطع حلفاء حماس المسيحيين
http://www.elaph.com/ElaphWeb/Politics/2006/1/119895.htm?sectionarchive=Politics
(9) ابراهيم علاء الدين - المرأة الفلسطينية المتوحشة
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=166445
(10) صحيفة 26سبتمبر - زلزال حماس الديمقراطي!
http://www.26sep.net/newsweekarticle.php?lng=arabic&sid=24535
(11) http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/27phl.htm
(12)
http://www.elaph.com/ElaphWeb/AsdaElaph/2006/2/125494.htm?sectionarchive=AsdaElaph   
(13) : وقفات مع تجربة "حماس" الديمقراطية
http://dar3my.blogspot.com/2007/06/blog-post.html
(14) http://www.dw-world.de/dw/article/0,,1829708,00.html
(15) الزهار يكشف عن فساد قيادات في فتح !
 http://www.aljazeeratalk.net/forum/archive/index.php/t-55755.html
(16) تقرير حول الفساد في دوائر منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينيه
http://www.aljazeeratalk.net/forum/archive/index.php/t-86902.html
(17) برلمان محمود عباس يصوت ضد مشروع عربي لنزع سلاح الكيان الصهيوني النووي!
http://www.alfikralarabi.org/modules.php?name=News&file=article&sid=4602
(18) مفوضة حقوق الإنسان :"السلطة وافقت على شطب القضية الفلسطينية من بيان مؤتمر مناهض للعنصرية
http://www.albian.ps/ar/portal/19e4e638-5046-4d19-869b-33e4893e3a58.aspx


23 نيسان 2009
 


 

free web counter