|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  1 / 11 / 2017                                 صائب خليل                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

من يضع الأسماء في الاقتصاد؟
وهل هناك شيء اسمه "أزمة اقتصادية" مثلاً؟

صائب خليل
(موقع الناس)

عبارة "أزمة اقتصادية" كما تستعمل في الخطاب الاقتصادي الحالي (الرأسمالي) ليست سوى "تسمية سيئة"، لا تصف ما يحدث، وبالتالي لا تساعدنا على فهمه والبحث عن حل له. وآخر ما أطلق عليه هذا الاسم هو ازمة البنوك التي ابتدأت بقروض العقار الفاسدة والتي انهارت عام 2008. ولو راجعنا هذه "الأزمة الاقتصادية" لوجدنا انها كانت "أزمة" للبعض فقط، اما البعض الآخر (البنوك) فقد خرج معظمهم منها سالماً، بل أن البعض منهم ازداد ثراءاً وقوة. لذلك فالحقيقة انها لم تكن "ازمة اقتصادية" عامة، بل عملية نقل كميات هائلة من المال من الناس العاديين إلى الأثرياء. الاسم الأنسب لها كان: "سرقة"!

لماذا لم نسمها "سرقة" إذن ليساعدنا الاسم الصحيح على إيجاد الحل؟ لأن ذلك الاسم سوف يجعل الناس تتساءل: "من السارق ومن المسروق"؟ وسيكون الحل الطبيعي هو ان نعاقب السارق بالسجن بعد ان نستعيد منه ما سرق، ونعيده الى أصحابه!

صحيح أن "السرقة" تسبب "أزمة اقتصادية" في نهاية الأمر، لكن من غير المنطقي ان نقفز الى النتيجة لوصف السبب. فتخيل لو ان بيت فلان قد سرقوا، وحين تسأل عما حدث، يقول لك أحدهم أن بيت فلان لديهم "ازمة اقتصادية"! ورغم أنه لم يكذب، لكنك كنت ستضحك عليه وتعتبره أحمقاً أو مخادعاً يحاول إخفاء شيء ما.

لماذا لا نضحك عندما يقال لنا "ازمة اقتصادية"؟ لأننا تعودنا ذلك. وحين قبلها الآخرون وسمعناها منهم وقرأناها في الكتب والصحف، افترضنا انها تسمية صحيحة، فتداولناها نحن أيضا وصرنا نفكر بها ونكتب بها، فقمنا بتثبيتها نحن أيضا. صار عالمنا غريبا على المنطق وكاريكاتيري. تخيل عالم حين يسرق فيه بيت أحد، يقول الناس أن لديهم "ازمة اقتصادية"، ثم يمضي كل في طريقه. لكننا لا نضحك من هذا الكاريكاتير ولا نغضب، لأن هذه العبارة أو امثالها من الكثير من الكلمات الحيادية التي تبدو وكأن الحادث كارثة من كوارث الطبيعة ليس لها مسبب محدد، وليس هناك من جدوى من الغضب منها أو محاولة ردع المتسبب فيها مستقبلا.

خذ مثلا عبارة "النمو الاقتصادي".. من الذي "ينمو"؟ "التحسن الاقتصادي" أو "الخسارة الاقتصادية" أو "الرفاه الاقتصادي".. علينا دائما ان نسأل هنا من "يتحسن اقتصاده" ومن "يخسر" ومن هو "المرفه". فما شأن الفقراء إن نما بلدهم اقتصاديا 10% أو لم ينم إن كان نصيبهم منه انخفاض في دخلهم؟ كيف تكون التسمية "نمواً اقتصادياً" صحيحة بالنسبة لهم، وكيف تساعدهم ليفهموا حالهم؟

لكن من المسؤول عن هذا الخلل، ولماذا لا نسمي "السرقة" باسمها، ونضع أسماءاً تحدد من الذي "ينمو" ومن "يهبط"، لنفهم عالمنا؟
لأن من يضع الأسماء في الاقتصاد، لا يريدنا ان "نفهم عالمنا" لا يريدنا ان يخطر ببالنا ان نسأل: "من السارق ومن المسروق".. لا يريد لنا ان نعيد للمسروق أمواله ونسجن السارق..

فمن الذي يحدد الأسماء في الاقتصاد برأيكم؟
 

1 ت2 2017

نشر في : الرأسمالية ببساطة
https://www.facebook.com/Capitalism.Simply


 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter