|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  22  / 3 / 2016                                أ.د. سيار الجميل                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

قصف جامعة الموصل يوم امس : ثنائية الانسحاق والشماتة
تساؤلات صارخة بوجه اهل العراق !

أ. د. سيّار الجَميل *
(موقع الناس)

تناهت الى السمع والبصر يوم امس الاخبار المزعجة المسموعة والمرئية عن الموصل وقصف الطائرات لابنية جامعة الموصل ، وما الحق ذلك القصف المخيف من دمار واسع النطاق ليس بالجامعة حسب ، بل بكل ما يحيطها من ابنية واسواق وبيوت وشوارع ومناطق حيوية تكتظ بالناس .. باختصار ، لي تساؤلات واضحة اطرحها على الناس والمسؤولين العراقيين في مقدمتهم الذين ثبت للعالم كله ، دورهم جميعا في الكارثة التي حلت بالموصل منذ سنتين .. وكأنها ليست مدينة عراقية ، ويقطنها سكان عراقيون ، وكان لها دورها التاريخي والحضاري في بناء العراق الحديث ..

أسأل : من قام بقصف جامعة الموصل يوم امس قصفا ساحقا ماحقا ، هل هي طائرات التحالف الدولي ؟ هل هي طائرات ما يسمى بالتحالف ( الوطني ) ؟ هل هي طائرات جاءت من دولة مجاورة من دون هوية ؟

أسأل : هل تريدون سحق داعش ومن هم وراء داعش ؟ ام تريدون قتل الابرياء وتدمير البنية التحتية للموصل بهذه الطريقة ؟ وكنتم قد قصفتم على امتداد الايام السابقة مدارس وبنوك ومؤسسات مدنية في الموصل بنفس الطريقة ؟ هل تريدون تدمير وتخريب مدينة تعدّ الثانية في العراق من حيث الاتساع وحجم السكان ؟ ام تريدون اخراج داعش ؟

أسأل : بعض من يسمّون انفسهم بـ " عراقيين " ويرفعون مجرد شعارات يوهمون بها انفسهم ، هل من الاخلاق في شيئ ان تتشمّتوا على طريقتكم البذيئة وتتلذذوا باساليبكم غير الاخلاقية بسحق الموصل ، وشتم اهلها وسبّهم ونسائهم بطريقة مقذعة لا يمكن ان يتخيلها عدو من الاعداء ؟ ماذا تريدون من كل هذه الشتائم والسباب والطعون والاتهامات التي تطلقونها بشكل عام على كل اهل الموصل ؟ والجميع يدرك من كان وراء حدوث الكارثة في سقوط الموصل ؟ ان ما قرأناه يوم امس من كلام شنيع أتى على لسان الالاف من العراقيين ضد الموصل واهلها ونسائها يعد فجيعة اخلاقية بكل المقاييس . أين تربّى هؤلاء الناس ؟ من علمهم كل هذا الحقد الاعمى ؟ من زرع فيهم كل هذه الكراهية ؟ اين تعلموا مثل هذا الكلام البذئ ؟

أسأل : هل سمعنا بأية ادانة على ما يجري وما يقال بحق شعب اعزل كامل في الموصل واقليمها ، منه مليون مهجّر ومنه اكثر من مليونين من البشر وقد وقعوا تحت البطش ؟ هل صاح احد المعممّين الكبار بكلمة ( لا ) ؟ هل اطلق نداءات شديدة القوة بايقاف هذا السيل من السباب والشتائم ؟ هل قام بالقاء خطبة جمعة ينصح الناس بأن يكونوا اهل عقل ، واهل اخلاق ، واهل تعامل حسن مع بني جلدتهم، بأن يكفوا عن كلّ هذا الشتم والسبّ والاذى والقاء التهم والتشمّت الذي البسوه البسة طائفية ، وكأن ابناء العراق هم اعداء الّداء منذ الازل ؟ هل قام لفيف من المثقفين والاعلاميين العراقيين ( وهم كثر ما شاء الله ) بتوعية الجهلة والمتخلفين والمتهتكين بأن يكفوا لسانهم ويرتفعوا باخلاقهم كي يحسنوا معاملة ابناء شعبهم ، ام أنهم اثروا الصمت حتى اليوم ؟

أسأل : اين دور المسؤولين العراقيين ان كانوا بمسؤولين حقا عن العراق واهله من الحالة غير الاخلاقية المتدنية التي اوصلوا العراق اليها ، وخصوصا اولئك الذين يتزعمون الكتل والاحزاب والتيارات .. توقفوا قليلا وتأملوا ما الذي احدثتموه ليس في العراق وحده ، بل ما صنعتموه عند العراقيين من انقسامات وعداءات وثارات ستبقى تلاحق العراقيين لازمنة يكسّروا عظام بعضهم الاخر .. حتى غدت مدنا عراقية كاملة لن ترفضكم وحدكم بل ترفض الانتماء للعراق ! ان من يعامل بهذه الطريقة ، ويرى ان الجميع قد آثر الصمت عن هذه الآثام ، فسوف لن يقبل الوقوف تحت مظلة واحدة !

واخيرا : يا اهل الموصل جميعا ، وانتم طيف تتعدد فيه الالوان والاديان وكل العناصر ، اهيب بكم وانتم تواجهون هذه المحنة التاريخية وفي غمرة هذا التحدي المصيري ، ان تكونوا يدا واحدة ازاء كل هذه الاصوات المنكرة التي تأتي من بعض بني جلدتكم وهم يشمتون بكم ، وان تواجهوا المحنة الصعبة بقلوب قوية ، واخلاقيات عالية ، ولا تنحدروا ابدا لما يريده خصومكم الذين يهددونكم بالويل والثبور ، فانتم اقوى منهم .. انكم دوما كما علمنا التاريخ اقوى من كل الشدائد .. الله معكم ، ستتحرر الموصل ، وسينفتح تاريخ جديد امامكم عمّا قريب بعد ان تنفّك مدينتكم من اسرها بحول الله . حفظ الله الموصل أم الربيعين وحرس اهلها النجباء ، واعادها مدينة حيوية ونشيطة وهي تتوسط اقليمها الرائع اقليم نينوى العريق بكل طيفه ، مبارك يوم نوروز الجميل وهو يبدأ ربيعا جديدا في تلك الربوع الساحرة الخضراء .. وسامح الله كل الاخوة العراقيين الذين يريدون شرّا بالموصل وبأهلها ويا للاسف الشديد .



نشرت في العربي الجديد ، لندن يوم السبت 21 آذار / مارس 2016  ، ويعاد نشرها على موقع الدكتور سيّار الجميل
www.sayyaraljamil.com

https://www.facebook.com/sayyar.aljamil/posts/10205991740018060
 

* مؤرخ عراقي
 


 


 





 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter