|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  8  / 11 / 2016                                 رفعت نافع الكناني                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

كريحه Greha نحتاجك في هذا الزمان الصعب !!

رفعت نافع الكناني
(موقع الناس)

قد يأخذكم العجب من هذا العنوان كما اخذني عندما سمعت به اول مرة . ولكن بعد حين تعرفت عليها ودرست شخصيتها وأعجبت بها أشد الاعجاب . كريحه تعمل ضمن جهاز خطير او ان صح القول ترأس مؤسسة مهمة وكبيرة بأهدافها واتساع مراميها وتشعب غاياتها وغزارة انتاجها . فتشت في ادراج الكتب ومتاهات الزمان فلم اجد شخصية متعددة المواهب تمتلك ولو جزء صغير مما تحمله هذه الشخصية الاسطورية العجيبة

في الحقيقة تم التعرف على هذه المرأة الاسطورة من خلال تعرفي على شخصية عراقية مثقفة وواعيه تعجز الكلمات عن وصف خصاله ورقي اخلاقه ورزانة عقله وما يحمله من علمية اكاديمية باعتباره حامل شهادة عليا في علم الهندسة . هذا العراقي الاصيل يحمل العراق وهمومه على كفه وبين اضلاعه ، بل اصبح العراق وجعا دائما ينبض في قلبه بالرغم من بعده عن وطنه ومفارقا اهله وأحبابه منذ سنين .

عبد الرحمن العسلي الموصلي الاصل والنشأة ، الموصلي الاخلاق والعزة ، الموصلي الجد والاتزان ، كتب لي يوما يعرفني عن ايام طفولته وسنين صباه ودهر شبابه واسطورة زمانه.

(كريحه امرأة من الزمن الجميل)
اتذكر اياما خوالي من طفولتي عندما كنا نسكن في حي بضواحي مدينة الموصل وقبل ان تصل طلائع الثورة المجيدة الى عتبة دارنا لتمد لنا القار الاسود فنرقص فرحا ونحتفل بامتلاك شارع معبد امام بيتنا في الحي الجديد ، الحي الجميل والذكريات الرائعة التي ما برحت تدغدغ مخيلتي بصور هنا وهناك لحي يقبع نصف رجاله تحت قضبان البيريه والبزة العسكرية والنصف الاخر منهم يحومون في الازقة ويرتدون نفس الزي بل انهم يتشابهون في كل شيئ ملتحفين بنادقهم ليتأكدوا من ان جدران الحي وبيوتاته وأشجاره وأطفاله تردد عاش صدام حبيبج يا بلادي !! في خضم هذا الكم الهائل من الشعارات والدراما الثورية التي تحيل اجمل شيئ فيها الى الحرب والبارود والعدو ، أتذكر جارتنا التي لم اعرف اسمها الى الان ب كريحه ولا اعلم هل كان هذا اسم الدلع ام رتبة نسويه اعطتها اياها رئيسة الاتحاد العام لنساء العراق في حينا .

رحمة الله عليها ابتداء لأنها توفيت كما علمت قبل سنوات الا ان هذه الاسطورة التي كتبت هذه السطور لأجلها كانت تتميز بأنها الطبيب والمهندس والجندي والخبازة وحلالة المشاكل وصانعة الاعمال لتلك النسوة اللواتي لا يرون ازواجهن الا بالشهور .. كريحه او
Greha هي ماركة مسجلة في حينا وتقصدها النساء كلما شعر ابناءهن بمرض او احتجن الى حلول لمشاكلهن الزوجية التي لم تنتهي بالطلاق ابدا لان الطلاق لم يكن متوفرا في تلك الايام في مفردات الحصة التموينية كما كان الرجال ايضا يحتكمون اليها لشكوى نسائهم لان كلامها لا يصير اثنين ! كما كانت كريحه رئيسة خلية الازمة في حينا شبيه بخلية الازمة في يومنا هذا !! فكانت الناس اذا صادفتهم ازمة الغاز او الكاز او المعجون او انقطاع الماء او الكهرباء (وهذا جل ما كنا نهتم به لان انقطاع الواي فاي وارتفاع البنزين وغلاء رصيد الموبايل وجشع شركات الاتصالات لم تكن من اولوياتنا)

وان دقت طبول الحرب وما اكثر حروبنا ! وتعرضنا الى ضربة كيمياويه او نووية فكريحه هي المصنعة للأقنعة الواقية والمعلمة لأرشادات السلامة كما انها كانت تقرر من يستلم المحروقات وكميتها ومن ينتظر في الطابور ، بل انها كانت تعرف ما الذي يوزع في الاسواق المركزية ومفردات البطاقة التموينية قبل اشهر من اقرارها من قبل مجلس قيادة الثورة . اتذكر جيدا تجربتي معها عندما كنت صبيا مرضت وسرت الحمى في جسدي ، والوالدة لا تعرف ماذا تفعل ولان الذهاب الى المستشفى كان من القرارات الاستراتيجية . توجهنا طوعا ام مرغمين سيرا على الاقدام ودخلنا دون مس كول او رسالة واتس اب اليها مباشرة وبعد الفحص والتدقيق وصفت لنا خلطة من بعض الامور التي لا نعرف من اين جمعتها وأمرت بغليها لساعات طويلة وتبريدها ثم شربها والدعاء لها .. والحمد لله كانت خلطة لا تبقي ولا تذر فالرائحة كانت سيئة جدا والطعم والشكل واللون يشعرك بان المرض نعمة يبتلي الله بها عباده الصالحين ومقاساة المرض افضل واهون لأننا لم نعش عصر الديمقراطية والتعددية التي تقول لا للوالدة او الوالد وقبل هذا طبعا الأنسة كريحه اولا فكلامهم كان قرارا نهائيا لا رجعة فيه !! اخذت العلاج وشفيت بعد ان انتهت حضانة الفايروس والحمد لله .

لا زلت اتذكر احدهم كان النوم قد هجره منذ زمان ويخاف الظلام والعتمة ، اجرت الكشف الموضعي المكثف عليه بعد ذلك استخدمت له طلاسم وأنواع المكانس والرصاص المصهور وبعد الانتهاء من تجاربها المختبريه وما تتوصل له اجهزة الرنين المغناطيس التي اخذت براءة اختراع اكتشافها وصنعها بجدارة خدمة للمواطن العقائدي ودعما لمسيرة الثورة الظافرة .. كل هذه الفحوصات والتشخيصات وأنواع العلاجات كانت نتيجتها المنهول الرئيسي ، وقد خرجت بنتيجة انه مصاب بالحسد وعليه ان يأخذ وصفة اخرى من الوصفات التي ذكرت والحمد لله شفي ذلك المرعوب من الخوف بعد ان خاف من العلاج ! بقي ان اقول ان خلية الازمات في حينا كانت تقودها الأنسه كريحه الا ان اعضاءها كانوا بأسماء تميل الى الطلاسم اكثر منها الى اللغة العربية ، فام سطوم وام مشاعل وخضورة ونوفه وشرسة وهلم جرا . ختاما عزيزي القارئ يجب ان تعرف ان كريحه بذكائها وفطنتها ودهائها لم تستطيع او تتمكن من تشخيص الفساد والفاسدين ومدى قربهم او بعدهم عن نزاهة الدين وشرف المسؤوليه .
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter