|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأثنين  9 / 12 / 2013                                 رشيد غويلب                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

جنوب إفريقيا والعالم ينعيان نيلسون مانديلا

رشيد غويلب

أعلن رئيس جمهورية جنوب أفريقيا جاكوب زوما مساء الخميس وفاة رمز النضال ضد التمييز العنصري والرئيس الأسبق لجمهورية جنوب إفريقيا نلسون مانديلا، عن عمر ناهز الـ 95 عامًا في منزله بجوهانسبورغ. وقال زوما إن "الرئيس الأسبق نلسون مانديلا فارقنا (...) إنه الآن يرقد بسلام. لقد خسرت الأمة ابنها الأكثر تأثيرًا".

وقال أيضا: "فلنعرب عن امتناننا العميق لروح عاشت من اجل خدمة الناس في هذا البلد ومن اجل القضية الإنسانية". وأضاف: "إنها لحظة حزن عميق (...) سوف نحبك دائما ماديبا". وكان مانديلا قد غادر في أيلول الفائت المستشفى في بريتوريا، حيث كان يعالج منذ قرابة الثلاثة أشهر، إلى منزله حيث تلقى العناية المكثفة نفسها التي كانت تقدم له في المستشفى.

واتفق الجميع في العالم، على اختلاف مشاربهم السياسية أن وفاة مانديلا خسارة فادحة للإنسانية، وهذا يتفق مع الدور المتميز الذي لعبته هذه الشخصية الأممية الفريدة عبر عقود طوال من النضال الصعب تحول خلالها مانديلا إلى إيقونة للصمود والتجديد والريادة في الكفاح المسلح، ووراء قضبان السجون، وفي عالم السياسة والدبلوماسية العالمية، وفي مبادراته واهتماماته الإنسانية في السنين الأخيرة من عمره. لقد قاوم هو ورفاقه الحكومة العنصرية البشعة في سنوات ما بعد الحرب العالمية وانتصروا عليها.

لقد كان مانديلا رمزا للنضال التحرري لشعب جنوب إفريقيا المضطهد، وكان تأثيره واضحا في جميع أشكال النضال السياسي، العسكري، والأخلاقي، التي طورها واعتمدها المؤتمر الوطني الإفريقي. وادي تأثيره الى تعزيز المقاومة المشتركة لجميع المناهضين لنظام الفصل العنصري، وحولها الى حقيقة ملموسة، وكذلك الى تعزيز التحالف مع الحزب الشيوعي في جنوب إفريقيا. لقد كان القائدان الشيوعيان كريس هاني وجو سلوفو من بين أقرب الرفاق الى نفسه.

لقد دعا مانديلا دوما الى النضال المشترك بين القوى المختلفة، بغض النظر عن التباينات الفكرية والسياسية. وكان هدفه هو الوصول الى بديل يستند الى منظور اشتراكي، كما هو مثبت اليوم في دستور جنوب إفريقيا. لقد حقق وعزز الوحدة بين قوى النضال الرئيسية الثلاث المؤتمر الوطني الأفريقي، الحزب الشيوعي، والنقابات.

الكثيرون ممن يكرموه اليوم، من رموز وقادة اليمين في العالم، كانوا يصفوه خلال سنوات سجنه الطويلة بالإرهابي، وكانت بلدان الناتو، والأنظمة التابعة لها تزود نظام التمييز العنصري بأحدث الأسلحة وأدوات القمع، ولم تقم الأنظمة اليمينية بالتضامن ضد الحصار المفروض على النظام العنصري البائد. لقد تلقى شعب جنوب إفريقيا التضامن من البلدان الاشتراكية السابقة، ومن القوى اليسارية والتقدمية في العالم، ومن المنظمات الإنسانية، وكل من عزت عليه قضية حرية الإنسان وكرامته.

وصدرت في جميع قارات العالم الخمس بيانات نعي واحتفاء بالفقيد الكبير، وفي وطنه، والى جانب ما اتخذته الحكومة من إجراءات، اصدر المؤتمر الوطني الإفريقي بيانا ضافيا نعى فيه قائده، والشخصية الأبرز والأكثر تأثيرا في تاريخ الحزب. واصدر الحزب الشيوعي في جنوب إفريقيا بيانا أعلن فيه للمرة الأولى، وكما جاء في بيان المؤتمر الوطني الإفريقي، أن مانديلا كان عضوا في الحزب الشيوعي، وكان حتى اعتقاله في آب عام 1962 عضوا في اللجنة المركزية للحزب "الى لحظة اعتقاله في آب 1962 لم يكن مانديلا فقط عضو الحزب الشيوعي السري في جنوب إ?ريقيا، بل كان عضوا في لجنته المركزية. وبالنسبة لنا في الحزب الشيوعي، سيظل الرفيق مانديلا رمزا لمساهمة الحزب الشيوعي الضخمة في النضال التحرري لشعب جنوب إفريقيا. وبعد إطلاق سراحه في عام 1990، ظل الرفيق مانديلا حتى أيامه الأخيرة صديقا كبيرا و قريبا جدا للشيوعيين. وأضاف البيان في موقع آخر منه: "ويرى الحزب الشيوعي ضرورة تحويل وفاة مانديلا ، الى فرصة لجميع والذين ما يزالون عالقين على الطريق أو في عصر هيمنة البيض أن ينتهزوا الفرصة الثانية للقبول بمبدأ حكم الأغلبية ودعم الديمقراطية في جنوب إفريقيا".
محطات حياة زاخرة بالنضال:

18 تموز 1918: ولد مانديلا في قرية مفييزو في منطقة ترانسكاي (جنوب شرق) وهو ابن لعائلة ملكية من سلالة ينتمون إلى شعب خوزا. وأطلق على اسم كريستيان نيلسون من قبل أحد معلميه.

1939 : سجل مانديلا في جامعة فورهير، وهي مؤسسة التعليم العالي الوحيدة في جنوب إفريقيا، التي تسمح للسود في حينه الالتحاق بها.

1941: طرد مانديلا من الجامعة بعد تضامنه، باعتباره ممثل الطلبة المنتخب، مع الإضراب الذي أعلنه الطلبة، للتعريف بظروف الدراسة السيئة في جامعتهم.. وبعد مرور عام، أكمل دراسته عن طريق المراسلة.

1943 : انتمى مانديلا الى المؤتمر الوطني الإفريقي بقيادة والتر سيسولو. وفي العام التالي، تزوج مانديلا ابنة عمه ايفلين ماس، وأنجب منها ولدان وبنت. وبعد سنوات قليلة أسس مع صديقه أوليفر تامبو منظمة شباب حزب المؤتمر الوطني الإفريقي.

1952 : مانديلا يصبح رئيس حملة المقاومة السلمية لقوانين الفصل العنصري. و في نفس العام يعتقل لأول مرة في إحدى التظاهرات، ويحكم عليه بالسجن لمدة تسعة أشهر، مع وقف التنفيذ، ولكنه يظل تحت المراقبة. وبعد ذلك بقليل يفتتح في تامبو، أول مكتب محاماة للسود في جنوب أفريقيا.

1956 : الاعتقال بتهمة الخيانة العظمى، وتستمر محاكمته ثلاث سنوات.

1957 : يطلق سراحه المشروط باستمرار المراقبة، وقبيل طلاقه من زوجته الأولى يتعرف على نومزامو وينفريد (ويني)، التي يتزوجها في عام 1958 وينجب منها بنتين.

1961 : تعلن براءته من تهمة الخيانة العظمى، وفي كانون الأول من نفس العام يصبح قائد الجناح المسلح، حديث التأسيس، للمؤتمر الوطني الإفريقي.

1962 : اعتقال مانديلا والحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات لدعوته للإضراب، ومغادرته البلاد دون موافقة، وبعد عام يتهم مع مجموعة من أعضاء المؤتمر الوطني الإفريقي بالتخريب.

1964 : يحكم على مانديلا والمتهمين اللذين كانوا معه، في ما يسمى بمحاكمة ريفونيا ، في 12 حزيران، بعقوبة الإعدام، تخفف الى السجن مدى الحياة، وينقل الى سجن جزيرة روبن أيسلندا الواقعة قبالة ساحل كيب تاون .

1982 : وعلى اثر الحملة العالمية المتصاعدة لاطلاق سراحه، ينقل مانديلا الى سجن بولزمور في مدينة كيب تاون.

1988 : ينقل مانديلا الى سجن فكتور فيرستر، وتبدأ موجة من الزيارات تقوم بها أحزاب المعارضة، والحكومة العنصرية أيضا، تمهيدا للمفاوضات.

1990 : يعلن رئيس جمهورية النظام العنصري فردريك دي كلارك، في 11 شباط، إطلاق سراح مانديلا غير المشروط، والاعتراف بشرعية المؤتمر الوطني الإفريقي. وفي آذار يصبح مانديلا نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، وفي العام الذي يليه يصبح زعيما للحزب. ومن موقعه هذا يقود المفاوضات لتحقيق التحول السلمي للسلطة.

1992 : يطلق مانديلا زوجته فيني.

1993 : يحصل مانديلا مناصفة مع دي كليرك جائزة نوبل للسلام.

1994 : في 27 نيسان يفوز المؤتمر الوطني الإفريقي في أول انتخابات ديمقراطية في جنوب إفريقيا، وفي 10 مايس يصبح مانديلا أول رئيس اسود لبلاده.

1997 : مانديلا يسلم منصب رئيس حزب المؤتمر الوطني الإفريقي لثابو مبيكي

1998 : يتزوج مانديلا غراسا ماشيل، أرملة الرئيس الموزمبيقي السابق سامورا ماشيل.

1999 : يفوز المؤتمر الوطني الإفريقي مجددا في ثاني انتخابات ديمقراطية، ويتنازل مانديلا عن رئاسة الجمهورية لـ ثابو مبيكي.

2009 : يلقي مانديلا أخر خطاب سياسي له في إحدى فعاليات الحملة الانتخابية للمؤتمر الوطني الإفريقي، ويذكر بالالتزام بمكافحة الفقر.

2010 : آخر مشاركة عامة لمانديلا خلال فعاليات كأس العالم، التي حصلت بلاده على فرصة تنظيمها، نتيجة لجهوده، وبسبب تأثيره الشخصي.

2012: في كانون الأول يرقد مانديلا في احد مستشفيات بريتوريا، لعدة أسابيع لمعالجة التهاب الرئتين، وحصى في المرارة.

2013 : يعود مانديلا في حزيران ثانية الى المستشفى بسبب التهاب الرئتين. وبعد خروجه من المستشفى يتلقى مانديلا العناية الطبية المركزة في منزله في يوهانسبرغ.

سيبقى مانديلا في ذاكرتنا، وفي هويتنا السياسية، وسيظل مكانه محفوظا، كمناضل كبير من اجل الإنسانية، ومن دعاة مستقبل اشتراكي، وشريك قوي ودائم لقوى اليسار في العالم. وللحفاظ على ارثه النضالي علينا مواصلة النضال من اجل عالم أفضل، على طريق تجاوز الرأسمالية، وبناء بديل اشتراكي.
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter