|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأحد  4 / 10 / 2009                                 رشيد غويلب                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 
 

في الذكرى الستين لتأسيسها
إننا لسنا نموذج للآخرين كما ان الآخرين ليس نموذجا لنا

ترجمة و إعداد: رشيد غويلب

احتفلت جمهورية الصين الشعبية في الأول من تشرين الأول الجاري بالذكرى الستين لتأسيسها وبهذه المناسبة أجرت جريدة حزب اليسار الألماني نيوز دويج لاند ( ألمانيا الجديدة ) ، لقاء مع الرفيق هانز مودرو الرئيس الفخري السابق لحزب الاشتراكية الديمقراطية و رئيس مجلس الحكماء في حزب اليسار وآخر رئيس وزراء في جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة، واحد أهم المساهمين في استمرار الحزب وتطوره بعد انهيار النظام الاشتراكي.
زار الرفيق مودرو الصين لعدة مرات خلال الخمسين سنة الأخيرة كان أخرها في أيلول الماضي، فارتأت الجريدة الاستماع لقراءته لستين عاما من عمر جمهورية الصين الشعبية.

بعد زياراتك المتكررة للصين ماهر برأيك الأهم خلال هذه السنوات الستين ؟
كان تعداد سكان الصين عندما زرتها للمرة الاولى أواخر عام 1959 وأمضيت فيها أربعة أسابيع، 700 مليون نسمه تقريبا اليوم سكانها يزيدون على مليار و ثلاثمائة ألف نسمه، وكانت الصين تعاني في نهاية الخمسينيات من المجاعة، حاليا لا وجود لهذه المجاعة رغم ان المرء لا يستطيع ان يغفل الفقر الذي يعاني منه الكثيرون كذلك لا يغفل آثار الخروج من المرحلة الإقطاعية.
رغم إن المدن الكبيرة المتنامية بسرعة وبناياتها الشاهقة قد لا تعجبني بالضرورة ، لكنها شاهد مقنع على حجم الاستثمار، الهائل ويمكنني القول باختصار إن ما يهمني هو إن جمهورية الصين الشعبية موجودة و إنها تعيش تطورا مذهلا وهي تركز على الاشتراكية ذات الخصائص الصينية.

تاريخ الصين مليء بالتحولات والتقلبات في فترات مختلفة، إذا اعتمدنا المجاملة في صياغة السؤال فما تعليقك؟
إذا أراد المرء أن يكون دقيق المعاينة سيجد إن جميع البلدان قد مرت بتحولات و تقلبات عديدة ، الثلاثون عاما الاولى من عمر جمهورية الصين الشعبية تميزت بعملية إلغاء النظام الإقطاعي و الصداقة مع الاتحاد السوفيتي وبالابتعاد أحيانا و الاقتراب أحيانا أخرى من الولايات المتحدة الأمريكية ، كما تميزت هذه السنوات باطلاق يد المخابرات إلى حد ممارسة الإلغاء والتدمير للثقافة و المثقفين ، إن الثورة الثقافية تركت صورا وذكريات سيئة جدا.
في أعوام 1978 /1979 بدأ تطور لا يمكن مقارنته ليس فقط مع المراحل القديمة من تاريخ الصين الممتد إلى 5 ألاف سنه، بل لا يمكن مقارنته مع التطور الحديث لمناطق أخرى ، فلقد تجاوزت معدلات النمو الاقتصادي في الثلاثين سنه الاخيره نسبة ال10%. بالتأكيد إن النمو الاقتصادي وحده لا يكفي لضمان نمو المجتمع على جميع الاصعده فهنا يلعب تطور جوانب أخرى دورا هاما كالاستثمار و توظيف واستخدام الموارد الطبيعية، وكذلك التطور في سياسات الحفاظ على البيئة ونظام التربية والتعليم والنظام الصحي، وهذه التحديات جميعا تنمو في الصين بمستوى عال وبسرعة لم نشهدها من قبل.


موقع للبناء في شنغهاي

ما ألذي يميز الحزب الشيوعي الصيني عن "أشقائه" من الأحزاب الشيوعية الأوربية السابقة؟
الحزب الشيوعي الصيني لا يزال قائما بينما الكثير من هذه الأحزاب قد انحلت وغادرها أعضاؤها بشكل جماعي كما حدث هنا للحزب الاشتراكي الألماني الموحد، و عجز قيادات هذه الأحزاب ساهم في الإسراع بهذه العملية، في حين استطاع الحزب الشيوعي الصيني من خلال تغير قيادته على مراحل و عبر أجيال متعاقبة الحيلولة دون ذلك، و بالإضافة الى هذا تخلي الحزب عن نظرية ماو حول الثورة الدائمة والاستمرار الدائم للصراع الطبقي داخل الحزب، وركز على الإصلاحات في مجتمع اشتراكي، أما إلى أي مدى تستطيع أشكال ملكية الدولة والمجتمع مواجهة ضغط الاقتصاد الخاص وإيقافه عند حدود الضرورة فهذا ما سنراه مستقبلا. إن نظام الحزب الواحد الذي يعتمده الحزب الشيوعي الصيني ينبغي ان يبنى على أوسع مشاركة للقوى الديمقراطية في مجتمع اشتراكي ولكن ليس هنا خطأ أكبر من نصيحة من لا يعلم.
الحزب الشيوعي الصيني يعتمد خططا وافقا زمنية مختلفة على خلاف الحزب الاشتراكي الألماني الموحد الذي كان يعمل لأفق واحد، فهو يريد مثلا حتى ذكرى تأسيسه المئوية في عام 2021 الوصول بالمجتمع الى حالة من الرخاء المتواضع ،وحتى في حلول الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية يريد الحزب الوصول بحصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الى مستوى الدول متوسطة التطور. قد يبدوا هذا متواضعا ولكنه في الواقع يمثل الهدف الذي يمكن ان يضعه حزب يواجه اكبر التحديات في عالمنا.

كيف تفهم القيادة الصينية النماذج الأخرى للاشتراكية كالنموذج الذي يجري اليوم تطويره في بلدان أمريكا اللاتينية ؟
لقد بحث الحزب الشيوعي الصيني عن طريقه الخاص على صعيد النظرية و التطبيق، وقد ارتكب الحزب أخطاء و حقق تقدما، كما يقيم حزب نفسه ذلك، فهم يقولون إن ما حققه ماو وسعى إليه كان في جزء منه ايجابيا و في جزئه الأخر كان خاطئا من أساسه، ولكنهم يربطون بشخص ماو استعادة الروح الوطنية والثقة بالنفس ويعطون لذلك أهمية كبرى.
اليوم يعتبرون الحزب ألنواة القائدة لبناء للاشتراكية على الطراز الصيني وهم يقصدون بذلك: إننا لسنا نموذج للآخرين كما ان الآخرين ليس نموذجا لنا.
لا تتدخل الصين سياسيا في شؤون البلدان الأخرى ولكنها أيضا لا تكتفي بدور المراقب، فلقد رأيت للتو التضامن الصيني في كوبا حيث تسير قافلة مكونة من ألف حافلة محملة بأجهزة و أدوات الصيانة، كما ان الصين تحتفظ بعلاقات وثيقة مع فنزويلا.
ان نقاشا عاما حول اشتراكية القرن الحادي و العشرين غير بارز للعيان وعلى الذي يريد أن يخوض فيه عدم تجاوز جمهورية الصين الشعبية.

كيف يمكن للمرء ان يتعامل،برأيك، مع مشاكل و نواقص الصين؟
الصينيون منفتحون على المناقشات الموضوعية التي تتناول قضايا حساسة و لدي انطباع أنهم يعرفون ان التطور الاقتصادي و الاجتماعي في مناطق الأقليات القومية وحده لا يحل المشاكل كما إن النظر إلى النواقص والمشاكل فقط لا يعطي صورة لجمهورية الصين الشعبية.

ان من لا يريد ان يفهم ويلاحظ البعد الأخر للتطور الجاري في الصين سيظل متخلفا عن متطلبات العيش المشترك على هذه الأرض.


طريق الشعب 39 في 4/10/ 2009



 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter