|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأثنين  2 / 9 / 2013                                 رشيد غويلب                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

هل ستغير الأزمة السورية مسار الانتخابات الألمانية ؟
فرص جديدة ل - حزب اليسار-

رشيد غويلب

ثلاثة اسابيع فقط تفصلنا عن الانتخابات العامة في المانيا، التي ستجري في الثاني والعشرين من ايلول المقبل. وهناك زيادة في عدد ناخبي اللحظة الاخيرة، الذين لا يتبعون حزبا او تحالف بعينه، مقارنة بجميع الانتخابات البرلمانية السابقة، وتشير استطلاعات الرأي الى ان نسبتهم تصل الى 40 %.

ولا شك ان ذلك يجعل التوقعات صعبة. وتلعب الاحداث الآنية دورا مقررا في تحديد وجهة هذه الجمهرة الواسعة من الناخبين، مثل تداعيات الازمة الاقتصادية - المالية، خطط الغرب المعلنة والتحضيرات الجارية لتوجيه ضربة عسكرية لسوريا.

وتشير آخر استطلاعات الرأي، اجرتها القناة الاولى في التلفزيون الالماني الى حصول الاتحاد الديمقراطي المسيحي على 42 %، وحليفه الليبرالي الحر على 5 %، ما يعني ان التحالف اليميني الحاكم يتمتع بشعبية أكثر من أحزاب المعارضة الاجتماعي الديمقراطي، الخضر، وحزب اليسار. فالحزب الاجتماعي الديمقراطي حصل وفق الاستطلاع المذكور على 22 - 24 % ، وبهذا يعود الحزب الى واحدة من اسوأ نتائجه في كانون الاول عام 2009. وحزب الخضر يحصل حاليا على 11 - 12 %. ويحسن حزب اليسار من حظوظه بحصوله على 8 - 10 %، وهي أفضل التوقعات التي حصل الحزب عليها في العامين الاخرين، والتزايد المستمر في عدد المصوتين للحزب في الاشهر الثلاثة الاخيرة يؤشر حالة من الاستقرار. ولا تدل مجريات الحملة الانتخابية ان الاجتماعين الديمقراطين وحلفاءهما الخضر يحققون كسبا على حساب التحالف الحاكم، ولذلك هناك قناعة في اوساط احزاب المعارضة والناخبين، على حد سواء ببقاء المستشارة ميركل في منصبها.

ويسعى حزب اليسار في حملته الانتخابية الى تعزيز الجهد المبذول لتجاوز سياسة الليبرالية الجديدة التي يعتمدها التحالف الحاكم. ويجعل خطاب مراكز القرار في البلدان الغربية، المحرض على الحرب، مواقف حزب اليسار الداعية الى رفض العسكرة والحروب اكثر وضوحا، والتجارب المريرة الماضية في افغانستان والعراق، لم تحقق تقدما في حل المشاكل والازمات المتتابعة في البلدين، وتزاداد القناعة بالحجج التي يسوقها الحزب ضد التوجه لضرب سوريا. ووصف بيرند ركسنغر رئيس حزب اليسار نداء النقابات "بإنه يشبه برنامجا لأغلبية من يسار الوسط مضيفا: «هذا البرنامج… يتضمن حدا أدنى للأجور ومعاشات عادلة وأمنا اجتماعيا وإنهاء تقليص الخدمات الاجتماعية، سيكون هذا الحد الأدنى للبرنامج الذي ندعمه". وتوجه ركسنغر بعرض علني الى الحزب الاجتماعي الديمقراطي وحزب الخضر: " «من المستحسن أن تساهم النقابات خلال السنوات القادمة في العمل على أن تكون هناك أغلبية أخرى قادرة على حكم البلاد… ليس هناك شخص آخر أنسب من النقابات لهذا التنسيق".

ومن جانبه اكد رئيس الكتلة البرلمانية للحزب غريغور غيزي : "نحن في قيادة الحزب متفقين، ان انصاف الحلول كتقديم دعم لحكومة اقلية ، موقف غير مسؤول، ويسبب خسارات للحزب، وبدوننا لا يمكن للحزب الاجتماعي الديمقراطي ان يسمي مستشار المانيا القادم، وهذه حقيقة بسيطة جدا". وفي الواقع ان الحزب الاجتماعي الديمقراطي وحزب الخضر يرفضون التعاون مع حزب اليسار في الدورة البرلمانية المقبلة، فهل تستطيع النقابات والمنظمات الاجتماعية الاخرى اغتنام الفرصة، واحياء مناقشة جادة تتوج ببديل لسلطة الليبراليين الجدد؟ لا سيما ان نداء النقابات الانتخابي يتحدث عن وجود اغلبية في المجتمع ترفض سياسات الليبرالية الجديدة. ويدعم استطلاع الراي الذي نظمته القناة الاولى في التلفزيون الالماني هذه الموضوعة: "57 % يطالبون باجور وظروف عمل مناسبة، وضمان مستقبل المتقاعدين. و47 % يطالبون بضمان مستوى معيشي يحفظ كرامة الانسان، و 42 % يؤكدون اصلاح النظام الضريبي. ان النداء الانتخابي للنقابات يتضمن مواقف واضحة تدعو لتغيير سياسي في الدورة البرلمانية المقبلة".

وما تزال هناك اكثرية داخل الحزبين الاجتماعي الديمقراطي، والخضر، ترفض التعاون مع حزب اليسار على صعيد البرلمان والحكومة الاتحاديين، فان هذا يعني عدم توفر مزاج مجتمعي، لحد الآن، يسمح بانفتاح الحزبين نحو تبني عملية اصلاح جذرية مع حزب اليسار، وساهمت، بذلك ايضا جزئيا، تيارات، رافضة للتعاون، داخل حزب اليسار نفسه. ولكن رئيسي الحزب المناوبين بيرند ركسنغر وكاتيا كيبنغ، وضعا معايير جديدة للتعامل مع الحزب الاجتماعي الديمقراطي: "ينبغي التعامل الايجابي مع المقترحات التي تذهب في الاتجاه الصحيح، من خلال تعامل ايجابي ملموس داخل البرلمان، استمرار نقد التناقض بين الاقوال والافعال. واستكشاف امكانيات لاكثرية اجتماعية، عبر تجاوز الخطب البلاغية، تفتح الافاق لسياسة مغايرة بشكل واضح". وتحدد قيادة الحزب توجهها بالقول: "نحن مستعدون للمشاركة في حكومة يسارية تعمل على :

1- اعتماد مبدأ السلام في السياسة الخارجية، وتعمل على الايقاف الفوري لتصدير الاسلحة، وترفض المشاركة في التدخلات العسكرية في البلدان الاخرى.
2 - ضمان دخل شهري للمواطنين لا يقل عن الف يورو شهريا، ويشمل هذا (الاجور، التقاعد، والمساعدات الاجتماعية).
3 - فرض ضرائب شجاعة على الثروات".

ويعتقد رئيس الكتلة البرلمانية لحزب اليسار غريغور غيزي بامكانية الوصول الى اتفاق مع الاجتماعين الديمقراطيين بشان الحد الادنى للأجور، ويمكن بالطبع تعديل المبلغ صعودا. وهذا التحول نحو المبادرة لخوض صراع مع الحزب الاجتماعي الديمقراطي، يثير جدلا داخل حزب اليسار، ولكن اذا ما استطاعت قيادة الحزب في الاسابيع والاشهر المقبلة، توفير قناعة داخله بشأن التعامل مع ما يسمى بالخطوط المانعة، يمكن ان يفتح ذلك مدخلا لسياسة اصلاح جذري تصبح مادة لمناقشات مجتمعية واسعة باتجاه تحقيق التغيير السياسي.

لقد خسر حزب اليسار خلال السنتين الفائتتين عددا من الجولات الانتخابية في المقاطعات الغربية، يمكن ارجاع الكثير منها الى المناقشات الضارة داخل الحزب وبين التيارات المكونة له بشأن امور تنظيمية، وموضوعات فكرية، استثمرها اليمين، ووسائل الاعلام المرتبطة به لتقليص نفوذ الحزب، والحد من تاثيره السياسي.ولهذا فان تحقيق نجاح انتخابي في الانتخابات العامة المرتقبة، هو شرط ضروري لتأكيد الدور الهام، الذي يلعبه الحزب، بعد ان نجح مؤتمره المنعقد في صيف 2012 ، وقيادته الجديدة، في عودة الحزب الى ممارسة الفعل السياسي في القضايا التي تمثل جوهر اهتمام الناس ومصالحهم، بعيدا عن الانشغال بالذات واضاعة وقت ثمين في مناقشات فكرية وتنظيمية لا تخلو من المناكدة.

احتجاج لحزب اليسار ضد الحرب المرتقبة : "القنابل لا تصنع السلام"

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter