|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأربعاء  21 / 8 / 2013                                 رشيد غويلب                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

اليسار الالماني والأوربي يفقد احد رموزه المهمة
وفاة القائد الأشتراكي لوثر بيسكي

رشيد غويلب

توفي في الثالث عشر من آب الحالي الشخصية اليسارية الاوروبية المعروفة، الرئيس الأسبق لحزب اليسار الألماني لوثر بيسكي، قبل أربعة أيام فقط من عيد ميلاده الثاني والسبعين، وإثر إصابته بمرض لم يمهله طويلا.

ولد بيسكي في 17 آب 1941 في مقاطعة شليسفيغ- هولشتاين في غرب ألمانيا. وعند بلوغه الثامنة عشرة في عام 1959 انتقل للعيش في جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة. درس الفلسفة في جامعة هومبولد في برلين الشرقية، وعلوم الثقافة في جامعة كارل ماركس في مدينة لايبزغ، وحصل في عام 1969 على شهادة الدكتوراه في مجال وسائل الإعلام والشبيبة، لقاء أطروحته الموسومة "نقد وسائل الإعلام البرجوازية". وفي عام 1986 أصبح بروفسورا ثم رئيسا للمدرسة العليا لعلوم السينما والتلفزيون في مدينة بوتسدام، وبقي في هذا الموقع حتى انهيار التجربة الاشتراكية في عام 1990. وكان حريصا على منح طلابه مساحة حرة في ممارسة الإبداع، ودخل بسبب ذلك في مماحكات مع المسؤولين عن قطاع الثقافة والإعلام حينها، وكان بعضهم ينظر إليه باعتباره "رفيقا غير مريح".

برز على المسرح السياسي بعد كلمة ألقاها في 4 تشرين الثاني 1989 أمام نصف مليون متظاهر في وسط العاصمة برلين، وطالب فيها بالحفاظ على جمهورية ألمانيا الديمقراطية، مع تجديدها وبناء الاشتراكية المتلازمة مع الديمقراطية. وفي كانون الأول 1989 انتخب عضوا في قيادة حزب الاشتراكية الديمقراطية، الذي خلف الحزب الاشتراكي الألماني الموحد. وهذا الأخير حكم جمهورية ألمانيا الديمقراطية حتى نهايتها.

وفي عام 1993 انتخب بيسكي رئيسا للحزب الجديد وظل يقوده حتى عام 2000 . وبعد تعرض الحزب في عام 2002 إلى هزيمة انتخابية عاد في عام 2003 إلى قيادته مجددا بعد ان ناشده رفاقه المساعدة على تجاوز الأزمة.

انتخب في 2005 عضوا في البرلمان الألماني الاتحادي، وتحالفت أحزاب اليمين والوسط في حينه لمنع انتخابه نائبا لرئيس البرلمان الألماني. وفي عام 2007 وفي المؤتمر التأسيسي لحزب اليسار الألماني، بعد توحد حزب الاشتراكية الديمقراطية في شرق ألمانيا مع المبادرة من اجل العمل والعدالة الاجتماعية في الغرب، انتخب بيسكي رئيسا مناوبا إلى جانب اوسكار لوفانتين، وبقي في موقعه هذا حتى عام 2010.

ولعب بيسكي دورا أساسيا في تأسيس حزب اليسار الأوروبي، لقناعته الراسخة بضرورة وجود سياسة يسارية جامعة في أوروبا، وأصبح لعدة سنوات رئيسا للحزب، وبمبادرة منه دخلت الأحزاب المنضوية في الحزب في عام 2009 انتخابات البرلمان الأوروبي على أساس برنامج انتخابي موحد، وبعد الانتخابات أصبح بيسكي نائبا في البرلمان الأوروبي، ورئيسا لكتلة اليسار فيه. وفي عام 2012 استقال من جميع مهامه الحزبية والبرلمانية لأسباب صحية.

عرف بيسكي بسعيه الدؤوب لمد الجسور بين شرق ألمانيا وغربها، وكان يساريا جذريا متحررا من القيود العقائدية، وشخصية جامعة قادرة على الحوار وطرح البدائل الممكنة. وهذا ما ساعده على النجاح في قيادة حزب يسار متعدد التيارات والمنابر في ألمانيا، كذلك قيادة حزب اليسار الأوروبي، الذي يضم أكثر من 40 حزبا شيوعيا ويساريا.

وغداة وفاته قال ماتياس هون السكرتير التنفيذي لحزب اليسار الألماني انه "كان مصدر الهام لنا ومن دونه لا يمكن الحديث عن حزب اليسار الألماني، أو الأوروبي في الـ 23 سنة الماضية". ولم يفت قادة أحزاب المعارضة الأخرى الإشادة بسجايا الفقيد، فزعيمة حزب الخضر الألماني كلاوديا روت أشارت إلى ان بيسكي "كان أوروبيا عن قناعة ومهتما بمناقشات موضوعية ونزيهة"، واعتبره مارتن شولز القيادي في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني ورئيس البرلمان الأوروبي "شخصية عظيمة، ويمثل موته خسارة كبيرة لليسار الواقعي الأوروبي". يذكر ان الفقيد التقى في مناسبات عدة، وفوداً قيادية من الحزب الشيوعي العراقي، في إطار العلاقة الثنائية بين الحزبين، وكان حريصا دوما على إعلان تضامنه مع الحزب والقوى الديمقراطية العراقية ضد الدكتاتورية المنهارة، وكذلك خلال السنوات التي تلت سقوطها.






 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter