| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. نبيل الحيدري

 

 

 

                                                                                الجمعة 18/3/ 2011



المجلس الأعلى الإسلامى العراقى فى الميزان
(2)

نبيل الحيدرى

لقد وصلت الحلقة الأولى إلى بداية المرحلة الثانية وهى إلتقاء المصالح والزواج المؤقت بين محمد باقر الحكيم من جهة وبين الإسلاميين الآخرين كحزب الدعوة من جهة أخرى. ظهر ذلك فى الإستقبال الكبير للحكيم فى طهران وقم عند أزمة القيادة المزمنة للحركة الإسلامية العراقية فى إيران. إنها الفتنة التى يسقط فيها الإسلاميون عادة وهى حب القيادة والزعامة الى الدرجة الصنمية التى تعبد الصنم من دون الله فالإسلامى قد يكون مستعدا أن يسحق كل المبادئ تحت قدميه من أجل السلطة والمال والنساء والدنيا. لكن هذه العلاقة والزواج المؤقت قد أصابها الفتور الكبير وانفسخ الزواج المؤقت بعد لقاء الحكيم مع القيادات الإيرانية وولاية الفقيه وذوبانه فى تأييدها إلى درجة الغلو وتخليه عن التزاماته مع رفاقه الآخرين من الدعاة وغيرهم، خصوصا أن الحكيم إيرانى الجنسية والأصل من أصفهان والذوبان فى ولاية الفقيه مما جعل الإيرانيين يرجحونه ويكافؤونه بالدعم والتأييد الكبيرين لدرجة قد تفوق تأييد حزب الله فى لبنان كما قال باقر الحكيم نفسه فى جلسة خاصة .

إستطاع الإيرانيون أن يستفيدوا من الحكيم فى مواقع كثيرة ومشهودة خصوصا للإنفتاح على العرب وفى المؤتمرات والبعثات الدولية وفى الحرب العراقية الإيرانية فلم يؤيد إيران من الدول العربية سوى سوريا البعث لانشقاق البعث نفسه الى اليسار واليمين، العراق وسوريا فضلا عن القذافى الذى دعم الإيرانيين.

كانت الحكومة الإيرانية قد أعطت باقر الحكيم بيتا عظيما فى طهران. الظاهر كان بيتا لتاجر لم يؤيد الحكومة الإيرانية مما جعلها تصادره كما صادرت آلاف البيوت والممتلكات لمن يعارضها بحجة محاربة الله ورسوله. هكذا يستخف ما يسمى بالحكم الإلهى بمصادرة حقوق الناس وأموالهم لكن الله تعالى برئ ممن يتحرك ظلما بنفسه. دعانى باقر الحكيم إلى بيته مرة فتفاجأت بكونه بيتا جبارا طاغوتيا فسألته عن ذلك مستغربا (إن بيت على بن أبى طالب كان بسيطا) وأجابنى (إنه بيت لأحد معارضى الحكومة الإسلامية وقد لجأ إلى دول الكفر) فقلت له (وهل يجوز الصلاة فى مكان مغصوب لايرضى صاحبه) فنظر إلي نظرة متعجب قائلا (لم يسألنى أحد هذا السؤال من قبل) قلت له (لأن حاشيتك ممن لايعترض عليك أبدا كما أنه لايعرض الحقائق. أخرج بنفسك لترى الحقائق ومحنة العراقيين ومعاناتهم فى إيران).

تأسس (مكتب العراق) ثم (المجلس الأعلى للثورة الإسلامية فى العراق) فى 17 تشرين الثانى عام 1982 برعاية مباشرة من أجهزة المخابرات الإيرانية حيث يشرف جهاز إيرانى بحت يسمى(بشتبانى) فضلا عن ممثل ولى الفقيه الذى كان أحيانا على خامنئى نفسه (ولى الفقيه المعاصر) الذى قد يرفض حتى الورقة البسيطة لإذلال العراقيين وطريقة تعامل غير أخلاقية كان يشكو منها الحكيم نفسه مرارا، وهى طبيعة مزمنة للإيرانيين بسبب عقدة النقص عندهم من الشخصية العراقية. علما أنه ليس من حق العراقى فى إيران أن يعمل أو يتزوج أو أى حق آخر.. كانت محنة كبيرة وعظيمة لآلاف العراقيين فى دولة تدعى الإسلام بالإسم فقط وتطبق أعلى أنواع العنف والدكتاتورية والعنصرية والبعد عن حقوق الإنسان، فيكفى أن تهين المقابل بتسميته عراقى وتعنى وقتها فى العرف الفارسى صدامى برؤيتهم. نعم حاول الإيرانيون إستغلال العراقيين كثيرا مثل محاولة تجنيدهم وتجنيد الأسرى العراقيين لما سموهم التائبين لمحاربة إخوتهم العراقيين فى حرب أراد النظام الإيرانى إطالتها خوفا من ثورة شعوبه المتعددة القوميات فى الداخل لكنهم يمكن أن يتحدوا عند الأزمات الخارجية مما يسهل تصفية خصومهم الإيرانيين فى الداخل واتهامهم بالعمالة للخارج كما فعل النظام الإيرانى مع الشيوعيين ومجاهدى خلق وفدائيين إسلام وغيرهم فى تصفيات وإعدامات واعتقالات رهيبة حتى أنها تنكرت للكثير من القوى والتيارات والشخصيات التى اشتركت معها فى إسقاط الشاه لكنها استفردت فى القرار وصفت خصومها بحجة أنهم أعداء لولاية الفقيه.

كان حزب الدعوة يمتلك معسكر الأهواز وقوات الشهيد الصدر وجريدة الجهاد، أما الحكيم فقد فتح مكتب الشهيد الصدر وجريدة لواء الصدر فضلا عن تأسيس لواء بدر واسمه الحقيقى (سباه نوه بدر) وإدخال الأسرى العراقيين فيه كمقاتلين للخروج من جحيم الأسر والتعذيب والإذلال وسوف أكتب عما جرى لهم من الويلات تحت رحمة الطغاة فى الحلقات القادمة.

كانت قيادات (المجلس الأعلى للثورة الإسلامية فى العراق) الأولى هى إيرانية صرفة كاملا أولا محمود الهاشمى الشاهرودى (رئيس القضاء الأعلى حاليا فى إيران الذى يسرع فى إمضاء الإعدامات الكثيرة لمن يعترض على الظلم والظالمين إرضاء لولي االفقيه وجبروتها) ثم على الحائرى صهر على المشكينى (رئيس مجلس الخبراء الذى يختار ولى الفقيه) وكان الحكيم ناطقا رسميا فى دوراته الأولى ولايمتلك القرار الحاسم حيث كان المجلس يضم وقتها الحكيم والدعوة ومنظمة العمل الإسلامى وتيارات أخرى. أرادت بعض قيادات الدعوة استلام رئاسة المجلس لكنها متهمة فى الكويت بتصريحها الإعلامى المعروف (الخمينى حمار تمتطيه الشيوعية) فضلا عن اتهام القيادات العلمائية العليا بالماسونية من خلال الوثائق والمستندات مما حجبها عن القيادة رغم وجود شخصيات إيرانية الجنسية والهوى كفقيههم كاظم الحائرى وقياداتهم من محمد مهدى الآصفى ومرتضى العسكرى وكوادره كعلى زندى الأديب وموسى الخوئى وعماد الخوئى فضلا عن المرتبطين المعروفين بأجهزة المخابرات الإيرانية. كان الصراع بين باقر الحكيم ومحمود الهاشمى وكاظم الحائرى على أشده للسيطرة على الزعامة فى القضية العراقية.

شيئا فشيئا بدأ الحكيم يتولى رئاسة المجلس بعد عدة دورات ويجلب مؤيديه مثل أبى على المولى التركمانى وصدر الدين القبانجى وعبد العزيز الحكيم وهمام حمودى وسامى البدرى ومحمد الحيدرى وأبو ميثم الخفاجى للإستحواذ على المجلس تماما مبعدا كل الخصوم مما أدى إلى خروج الكثير من التيارات الأخرى فضلا عما أشرنا إليه فى الحلقة الأولى حول الشيرازيين وفضائح حزب الدعوة، وعندها بدأ المجلس يصير حكيميا بامتياز مما يجعل القضية العراقية تدخل فى مرحلة جديدة من الصراعات والأهواء.

وللحديث صلة فى الحلقة القادمة.



المجلس الأعلى الإسلامى العراقى فى الميزان (1)
 



 

free web counter