|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  21  / 1 / 2015                                 د. ناجي نهر                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

حرت بوصفك يا عراق

د. ناجي نهر

وحرت بوصف شعبك وبسالته، وحرت بعنوان هذا المقال ، ما بين ان يكون : ما هو العراق ؟ او: من هو العراقي ؟ فأهتديت الى ان يكون العنوان (حرت بوصفك يا عراق) لكي يكون حقا وصدقا معبرا عن حيرتي وهيبتي من اسم العراق العظيم الممتد من زاخو حتى الفاو!!. اذ كيف لي وانا اكتب عن العراق ان لا اسجد هيبة له ولمقامه!! فالعراق عندي لا يمثل رسما واسما وناسا وتضاريسا على خرائط الاطلسيات و لا يمثل ثروات او وطن ودولة موجودة على سطح كوكبنا فقط ، بل للعراق خاصية واهمية تاريخية وانسانية ودورا يفوق هذا وذاك ،حتى انني اضطررت الى الاستعانة فى التاريخ، ليكون الفيصل عما اكتبه عن العراق .. فالتاريخ يصف العراق باسماء متعددة منها [بلاد النهرين او بلاد الهلالين او الهلال الخصيب او حمير او حمرابي او ارض السواد وغيرها من الاسماء الممتدة من زاخو حتى الفاو!!].

اما خصائص المجتمع الذي سكن العراق فقد ميزهم التاريخ عن شعوب الارض طرا بالكرم والطيبة والوفاء والفروسية وسمو الاخلاق والانسانية وحسن التعامل مع الغير!!. ولكن لن اخفيك يا العراق .. ان حيرة ثانية لا تقل اهمية عن الاولى قد انتابتني ، واثارت فى نفسي الهول والذهول والعجب، تمثلت فى جرأة بعض ساستك المعاصرين على تشويه سمعتك واضعاف مكانتك وسرقة ثرواتك تحت عباءات متعددة وغير مشروعة.. يعتمد الدين فى تبريرها، من دون مبالاة لقدسيته واثره فى نفوس الاكثرية.

فقد شاهدت بأم عيني فى السنة المنصرمة زعيما سابقا لحكومة العراق!! وهو يركض مع الجموع ركضة (طويريج) فأندهشت!!.. وقلت لنفسي : ايظن هذا الصعلوك السارق انه بهذا التمثيل المكشوف والمصطنع للتدين، قادرعلى استغفال العراقيين او الاستهانة بعقولهم وثقافتهم الى هذا الحد!!؟. فلقد بدا لي هذا الصعلوك وهو يركض مع الجموع المؤمنة ركضة طويريج .. وكأنه يمثل رمزا كهنوتيا للشيطان ، لانني كنت اعرفه جيدا وكنت متيقنا من ان سوء صفاته وسلوكه المشين فى الحكم سيوقعه فى الحفرة السوداء التي وقع فيها من سبقه. فلقد علمنا التاريخ البعيد والقريب ان الانتهازيين على اختلاف ازمانهم وفبركاتهم الدوغمائية المصنعة ومعهم كل المروّجون لافكارهم يفتعلون لانفسهم القداسة الكاذبة ليغطوا بها عيوبهم ..

وكنت متيقنا من ان هؤلاء لن يكون بمقدورهم خدع العراقيين، لانهم لن يستحقوا التبجيل والقداسة.. بل الذي يستحق التبجيل والقداسة انما هم اولئك العمال المناضلون المنتجون للخيرات النافعة للارض وما عليها.. وسيكون من البلادة والظلم وعدم الانصاف .. مساواة مناضل اسمر الزنود.. اعتلى جراء نضاله صهوة المشانق او أفنى عمره فى السجون والمعتقلات ومقارعة الطغاة دفاعآ عن حقوق الناس المغتصبة، مساواته بأنتهازي سارق لحقوق الناس المادية والمعنوية. ولكن ما العمل يا عراق فهذه طيبة العراقيين تدفعهم احيانا نحو تقييم خاطئ لحكامهم ، ومع ذلك فالعراقيون اذكياء ايضا ، وسترشدهم معاناتهم الطويلة الى الحلقة المفقودة فى ثقافتهم والمسماة (حلقة النسيان) فما زال البعض منهم لطيبتهم ينسون اجرام ظالميهم وما مر عليهم من محن قاسية.. اما اليوم وبفضل وسائل الاعلام والاتصال المتطورة ، فلا عذر للعراقيين الا ان يدركوا..

ان المحافظة على السجايا الطيبة، لم ولن يتعارض مع التقييم السليم لمقتضيات الحال المزري والتعرف على اسبابه والتعامل مع علاجه بما يتناسب مع المقصرين والخائنين. لذا فان التقييم السليم هو وحده من يجنبنا الضرر من تداعيات الخديعة ، ويميزنا عن غيرنا بالقدرة على التشخيص الصائب لسياسيي الصدفة الذين ما زال بعضهم حتى اليوم يتحكم فى رقابنا ، والذين لن تنفع معهم الممارسات السوية المستندة على سمو الوعي ومكارم الاخلاق. وبالتأكيد سيكون التقييم الصائب لافعالنا واقوالنا، محفزا ودافعا لنا نحو التقدم الى الامام بخطى واثقة لان فى التقييم السليم يكمن سر تطورنا. اما سر سعادة المناضل فيكمن فى رؤية الشعب واعيا لحقوقه وقادرا على صيانتها بعلمية، و قادرا على تبوأ مكانه الاكثر نفعا للانسانية ، و قادرا على جعل شعوذة الظلام تنطفي يوما بعد آخر ، وجبل الاشرار يتهاوى بسرعة قياسية ، وتسمو مكانة العمل فوق افواه المنتفعين منه حية طرية مباشرة ، ليس عليها علامات الاستفهام والتعجب والتورية وما الى ذلك.


وبالتأكيد ستبقى افضل الاعمال وانجحها واثمرها هي تلك التي تصنعها (الجماعة) او يصنعها الفرد ضمن الجماعة فى الهواء الطلق ، وتكون مبرمجة وخاضعة للتقييم وتحت الاضواء الكاشفة. حينئذ سيفخر الانسان بأنه وحده : باني الحياة ومطورها ، وهو الذي بنى الاهرام وناطحات السحاب وهيأ مسلزمات بنائها بكدح مضني ودموع وعرق جبين، واجياله هي التي ستبني الاكثر والاكثر تطورآ واهمية فى المستقبل القريب!!!... فقد تعلم الانسان ان الحروب مدمرة وينبغي مقاومتها بقوة ، وتعلم ان امريكا الرأسمالية هي التاجر الشره والمجرم المحترف الذي يصنع الحروب واسلحتها من اجل الربح ، وانها امريكا التي تزج بالدول الصغيرة وقودا لتلك الحروب، لكي تبقيها متخلفة وتحت رحمتها وسوقا لبضاعتها الحربية.. كما تعلم الانسان انها امريكا وما ادراك ما امريكا!!!! .. فهي لبة الرأسمالية واكثرها عفونة واجراما ، فهي التي خلقت الفساد والمفسدين فى العالم ، وهي التي خفضت اسعار النفط ، وهي التي خلقت داعش وماعش واخواتها!! ، وهي التي يجب محاسبتها على كل قطرة دم نزفت وما زالت تنزف بسببها .. فلا تصدقوها ايها الناس! . .والعنوها الف لعنة ، والف الف لعنة على عملائها !!!.


 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter