|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الثلاثاء 20 / 8 / 2013                               د.  ناجي نهر                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

التقدم والتخلف

لماذا تقدموا وتخلفنا ؟
(1)

د. ناجي نهر

سؤال صغير بعدد كلماته، لكن اوراق الدنيا سوف لن تكف للاحاطة بتفرعاته والاجابة الكاملة عن تفاصيل احداثه التاريخية الموثقة بعلمية ، فقد سبق لي قبل ما يقرب من عقد من السنين الماضيات ، ان اجبت على هذا السؤال بحسب معلوماتي المتواضعة ، واكرر الآن الاجابة عنه باختصار، وبأسلوب مبسط ، لكي تعم الفائدة بأهميته فى تغيير الحال من سيئ الى حسن. فخلاصة اجابتي اليوم ، انهم تقدموا (الشعوب الغربية) عندما اكتشفوا سر تخلفهم ، وغيّروا ما بأنفسهم من سوء، وتخلفنا نحن (مجتمعات العالم الثالث) بسبب اصرارنا على الجمود على ثقافتنا السلفية القديمة الضارة بمجتمعاتنا جدا جدا .

فلقد كان اكتشاف الشعوب الغربية لسر تخلفهم ، لم يتعدى [الخلط بين ثقافة الدنيا والآخرة] والجمود على هذه الثقافة الوفا من السنين صاغرين، فأصابهم التخلف والارباك من حيث يعلمون ، او لا يعلمون ، فضلوا جراء ذلك طوال تلك السنين متخلفين ، ويعانون الامرين ، حتى ضاقوا ذرعا ونفذ صبرهم على التحمل جراء تداعيات ما كانوا به يعتقدون ، فلم يبق امامهم سوى ان يتجرأوا على تغيير ما في انفسهم من افكارسلفية وثقافة متخلفة، فقرروا بشجاعة المناضلين [فصل ثقافة الدنيا عن ثقافة الآخرة].

ولذا فانا هنا انتهز هذه الفرصة للاهابة بكل المناضلين العلمانيين للمزيد من التضحية والعمل العلمي المبرمج فى توعية مجتمعاتهم ، بنهج متواصل وهادف ، لانقاذ شعوبهم بسرعة من ثقافة الخلط بين ثقافة الدنيا وثقافة الآخرة ، واختزال زمن القهر والمعاناة بالاستفادة من تجربة الشعوب الغربية الناجحة ، بفصل الدين عن السياسة.

فالشعوب الغربية حينما وضعت اصبعها على الجرح ، وفصلت ثقافة الدنيا عن ثقافة الآخرة ، تجلت لها بوضوح اهمية الانسان ومكانته الحاسمة فى قيادة دفة الحياة ، ومواصلة تطورها ، فكان ما كان من تطور عجيب ومذهل على مختلف الاصعدة الفكرية والتقنية ، تجلى بنقاوة صفات الانسان البعيدة عن التعالي على الغير والادعاء الوسخ والمفرط بالعنجهيات الشاذة والتمسك فقط بعمل الانسان المتدرج السمو ، وعلومه المبرهن على صحتها وفائدتها بالمقاييس المختبرية وسوح الميادين العملية المكشوفة.

وبالمناسبة سيصدر بعد ايام كتابي الجديد موسوما بهذا العنوان: (العمل مأثرة الانسان فى تطويرالحياة وبناء الاوطان). ولذلك ايضاً تجد مختلف علماء الاجتماع يؤكدون على اهمية عمل الانسان فى تطوير الحياة ، وعلى ضرورة الاعتراف بحقوق الانسان كاملة وغير منقوصة ، وفي اقل تقدير كما جاءت بنصوص وثائق الامم المتحدة من توفير الحرية الكاملة للانسان ، بإعتباره اثمن رأسمال فى الوجود ، لكيما يزداد عطاءاً ثراً على مختلف المستويات والتخصصات.

وايضاً كما نرى اليوم من تطبيق عملي ملموس للثقافة الجديدة ، حيث يسود ثقافة الشعوب الغربية احترام حقوق الانسان دون استثناء وبلا رتوش مصنعة كاذبة او مخادعة . و كما يلاحظ ايضا ان الشعوب الغربية تسودها اليوم مُثل انسانية عالية مختلفة عن الماضي المتوحش ، حيث كانت الثقافة السائدة حينذاك تحط من قيمة الانسان فتختزله وتحوله ، من انسان قائد للحياة ومطوّر لها الى عبد حقير لمتصور وهمي ، بمدى سعة خيال المتصور اللامحدودة ومتناقضاتها المتقاطعة الضارة . ولذلك تجد الشعوب الغربية بعد تخلصها من هذه الاوهام ، جادة بأحترام الانسان وحقوقه واحترام كافة الدساتير والقونين التي سنت من اجل تطبيق هذه المبادئ الانسانية الجديدة، وتطبيقها بكل صدق وجدية وانضباط ، بغض النظر عن الاختلاف فى العرق والثقافة ، وان هذا الاحترم ملزم للجميع ومتطور الى امام..

يتبع

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter