| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ناجي نهر

 

 

 

الأحد 14/10/ 2007



العالم الثالث والثقافة المشوهة
2

ناجي نهر

الحوار ينظف العقول والأفكار من ترسباتها الضارة ويبدل الأنطباعات السيئة بالحسنة والحب والأخوة والصداقة  ويوطد أواصرها يومآ بعد آخر لحد الندم وألأسف على ما سبقها من سلوك لاإنساني . والأكثر أهمية من الحوار الفردي هو الحوار الجماعي خاصة فى عصرنا المتسارع الخطى فى تطور العلوم وتقنياتها والذي يتطلب فيه المشاركة الجماعية الشاملة ,ففي القسم الأول من هذا المقال تمنيت مجرد إمنية لا غير أن يمتلك كل إنسان إرادته الحرة ويطرح بلا تردد أو خوف ما يحمله عقله من علوم وخفايا وأسرار لا زالت محبوسة بلا شرعية ولا موضوعية ,يطرحها على الآخرين كي تتجول بنزهة حب أخوية فى عقولهم وبالتأكيد سينتج منها مقاربات فكرية وثقافية وسياسية وإجتماعية وأمان وسلام يفيد الجميع .
وردآ على هذا الهدف الأنساني المسؤول الذي حتمته ضرورة التطور الحضاري المعاصر والسعي المخلص لإحلال السلام والوحدة الوطنية والأنسانية بين الناس أرسل لي أحدهم رسالة تهديد بألأختطاف والقتل إن أنا إستمريت بمواصلة هذا النهج , ونسى هذا المتوحش أنني مناضل تجاوز عمره النضالي فقط خمسة عقود ونصف وما تبقى من عمره لا يشكل قيمة مساوية لقيمة التوقف عن نشر رسالتي النضالية وقد علمتني سنين النضال العجاف تجاوز ثقافة شذاذ الأرض وممارساتهم الأجرامية .
ويبقى خارج الوعي والتصورالموضوعي وجود أنسان عاقل يكره الحياة والتقدم والتمتع بثمرات جهده وعرق جبينه مهما إدعى ,فلا أحد ومنهم هؤلاء الشواذ من لا يتلهف على قطع المسافات الطويلة بين الدول بوسيلة تسبق سرعتها الصوت أو لا يرضى بدفء فراش الحرير مع نعومة الحسناوات اللواتي كان القدماء يصنعون منهن اللآلهة لا من أجل التعبد بل من أجل صنع الخير والكمال الأجتماعي بين الناس ,فالمرأة إم الخيروالتطور لكن المتخلفون والشواذ يفعلون فى الظاهر بعكس ما يعتقدون وما يحبون وهذا مرض إجتماعي فى إزدواج الشخصيه عرفه الأنسان منذ زمن بعيد .
بدأ الأنسان الشاذ يفعل بعكس ما يفعل الناس ناعقآ خارج السرب منذ ظهور الملكية الخاصة وهي ( إم المصائب والشرور على هذا الكوكب ) وستبقى شرورها محرقة ما دامت حية ، وقد تجلى الشذوذ واضحآ كنور الشمس فى يوم السقيفة الذى سمي بيوم تشويه الحقائق حيث لعبت الملكية الخاصة لعبتها الواضحة وظهرت حاجة مالكيها الى تبوأ السلطة بأساليب مبتذلة للحفاظ عليها ثم على ما تنضحه من أرباح ,وتسلط وجاه على مالكيها الذين وجدوا فى الدين أفضل مدافع وجيه لتبرير أعمالهم الخسيسة الناجمة عن تسلطهم لما للدين من مكانة سامية فى قلوب الناس .
ومن تلك السقيفة صدرت الفتوة الأولى بأجماع المجتمعين تحتها ( الغاية تبرر الوسيلة ) التي إستفاد منها فيما بعد الكثير من المتاجرين بالدين والمجرمين وأبدع فى ذلك اصحاب الفلسفة الميكافيلية والفلاسفة ألأنتقائية والنازيين والفاشيين والمتطرفين القوميين والعفالقة الصداميين ومن على شاكلتهم .
كانت تلك الفتوى من إفرازات وخلق الملكية والمصالح الخاصة لمالكيها الأنانيين ,ولم تكن موجودة فى كتاب الله وأحاديث رسوله وثوابتهما لكنها مررت فى عقول أغلبية الناس البسطاء الساذجين المحكومين بثقافة وآيديولوجا القبيلة والعشيرة والأسياد بشعوذة شيطانية كفؤة ,وكانت تعبير واضح عن دهاء أصحاب المصالح واساليبهم المخادعة ,وقد أستفاد منها عثمان بن عفان ومن على شاكلته من الأمويين وأطلقوا عليها ( تجربة الصحابة التاريخية ) التي تجيز للمسلم الخروج من قيود النصوص القرآنية وثوابت السنة النبوية ,وعلى هديها أصبحت الخلافة حق شخصي لأي كان وليس لها علاقة بالوراثة أو مكانة القربى من النبي , ومعروف للقاصي والداني ما جرته هذه الفتوى من صراع عنيف مخضب بالدم والظلم والإستبداد وفرقة لا يمكن توقع تجاوزها عاجلآ بسبب تضارب مصالح اصحاب الملكية الخاصة أنفسهم وإستمرار تدنى نسبة الوعي لدى الأكثرية .
إن الوضوح الفكري الهادف سيختزل على الشعوب المظلومة المسافات ومشقة المخاض العسير للتغيير , بعكس التعقيد والتكفير والأرهاب الذي سوف لا يفسر بغير الجهل والتعمد المنحط الهادف الى تغطية العيوب والتحايل المخادع على سرقة المكان المرموق من أصحابه بأساليب قرصنية خسيسة , إن القيم الأنسانية والخلق الرفيع يعودان بنا الى الأكثرية الواعية ,ومهما كان الخلاف بين الناس معقدآ وصعبآ إلا أن هناك دأئمآ فسحة لحله فهناك شبه إتفاق يكاد أن يصبح قانونآ من قوانين الحياة السارية والمعترف بها من الجميع هو قانون التعامل الأجتماعي وفض المنازعات بالحوار السلمي المستند على سمة العصر الحضارية وثقافته البعيدة عن المؤثرات والتناقضات الأجتماعية والطبقية والعرقية والعقائدية وإختلاف الوعي .
ولذ فإن الطلائع الواعية تحث الخطى الواثقة نحو التبرك بوجه الديمقراطية الصبوح المبتسم لدولة القانون والمساواتية وهي مؤهلة لدمج مصالحها الخاصة بمصلحة المجتمع والوطن العليا والتمسك بالنهج الديمقراطي المؤوسساتي التعددي إعتمادآ على العلم وتجارب الشعوب الناجحة وتمتلك من المستوى العقلي والتقني والخبر ما لا يمتلكه أنبياء الأزمنة الغابرة فهذه النخب الواعية هى رأس رمح الحركة العلمية الحداثوية التطورية التقدمية وهي تحمل رسالة إنسانية نحو شعوبها وعليها تقع مسؤولية المحافظة على حقوق الفقراء وعدم فسح المجال للقوى الطفيلية والأنتهازية التى تطالب اليوم بالديمقراطية زورآ وبهتانآ من أجل الوثوب الى السلطة بإستغلال أصوات الأكثرية العددية التى تجمعها من خدع البسطاء للحصول على حصة الأسد فى البرلمان كي تتمكن من خنق أصوات الديمقراطيين الحقيقين والأستحواذ على حقوق المعدمين وتسخيرهم كالأنعام حراسآ على ما سرقه الأسياد الصوص من أموال الشعب .
إن العار والشنار الأكبر سيتجسد فى تقهقر الطلائع الواعية أمام القوى الظلامية التى تسعى بأساليب الترهيب والترغيب وسفك الدماء المحرمة فى شرائع السماء والأرض الى إعادة المجتمعات الأنسانية الى ثقافة العصور البدوية وتنشيط دور المرجعيات الكهنوتية الأمية المتخلفة بإعتبارهم وكلاء الله فى الأرض والقادرون على كل شئ والأستغاء عن مليارات العقول البشرية وختمها بالزفت الأسود وهذه هى الكارثة ما قبلها وما بعدها من كارثة .
إن السلفيين الظلاميين يكفرون سلطة الدولة المؤوسساتية الديمقراطية بهدف التسلط بحكم فردي إوتقراطي وحيد الجانب ,تتملكهم فى ذلك نزعة سايسكيولوجية متشددة لحد الشك حتى بأنفسهم نزعة مغالية إنعزالية متحجرة ,فهم متمردون على كل المجتمعات الأنساية عبر التاريخ ,فهم لايعترفون بالمدرستين الفلسفيتن الرئيسيتين المتصارعتين على ( مصدر الوعي ) منذ أن أنقسمت المجتمعات الأنسانية بفعل الملكية الخاصة الى طبقيتين أساسيتين ( أسياد وعبيد ) حيث كانت المدرسة المادية أول المدارس الفلسفية ترجع مصدر الوعي الى المادة وتأثير إنعكاسها فى الدماغ بينما كانت الفلسفة المثالية ترجع الوعي الى قوة خارجة عن دماغ الأنسان هي الفكرة المطلقة ما وراء الطبيعة - ألله - س - وسأناقش الفلسفتان بالقسم الثالث من هذا المقال لاحقآ .
إن السلفيين الجامدين يتقاطعون فى معتقداتهم سلبآ مع وعي الأنسان وقدراته فلا يتركون له أية أثر إيجابي فى الزمان والمكان وهم بذلك يخالفون جميع المعتقدات الأنسانية ويلغون العقل ولا يعترفون بالمتغيرات الحياتية التي يجريها - الله - س - حسب إرادته وقدرته بحسب الفقه الديني والمدرسة المثالية عمومآ,ويصرون بعنف على ثقافتهم وممارساتهم المخالفة لأرادة الله وعباده فيعرقلون بذلك تطور الحياة .
ودعوة مخلصة للنخب المتنورة وكل الباحثين والمفكرين لتشديد نضالهم العلمي وبكل ما إوتوا من كياسة أخلاقية وأنسانية وشفافية ومسؤولية التضامن من أجل الحقيقة والجرأة فى نشرها من أجل دحر الفكر الظلامي الرجعي
وتبؤ المكانة القيادية للعلم فكرآ وممارسة .

- يتبع -

¤ العالم الثالث والثقافة المشوهة - 1
 

 

Counters