| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ناجي نهر

 

 

 

 

الثلاثاء 9 /10/ 2007

 

 


العالم الثالث والثقافة المشوهة
 1

ناجي نهر

الثقافة تعنى الوعي ، العقل ، الأدراك ، الفكر ، الروح ، موسوعة العلوم النظرية والتقنيات العملية وما يماثلها من أفكار نظرية وتطبيقية ,لكن مصدر الوعي لا زال مختلف عليه بين جميع المدارس الفكرية والفلسفية ولا زال يثير أسئلة مربكة تتطلب من الجميع عدم الخوف والتردد فى طرحها والحوار الجرئ حول مكنوناتها بهدف الوصول الى توحيد الأجابات العلمية المقنعة لتلك الأسئلة من أجل إدامة إستمرارية حركة التقدم والتجديد ميسرة وبلا دماء . ,فنحن حينما نكتب أو نقرأ أو نرى ونسمع بحثآ أو خبرآ عن معلومة اوتطور تقني وتكنلوجي لأي مادة مهما كان نوعها ينبغي علينا عدم التطرف والمبالغة فى وصفها وتقييمها لأن المغالات بكل شئ مخالف لقوانين التطور والتغيير النسبي الدائم ,ويمكننا فقط التدقيق فى المعلومة وفحصها ومعالجتها وتطهيرها مما فسد منهُا ثم تطويرها لتتناسب مع مستجدات وحاجات بنائنا اللاحق ,فللزنابق الفاسدة كما قال العم (شكسبير) رائحة أشد فسادآ من الأعشاب الضارة . وسر التخلف المعيب فى بلدان العالم الثالث هو إبتعادنا عن تطبيق هذا القانون !!.
وثلما لا يمكن الكلام عن التطور والتجديد فى بلدان العربان التى تشكل الرقم الأكبر فى دول العالم الثالث بمعزل عن تجديد الثقافة بأعتبار أن الثقافة تشكل حجر الزاوية واللبنة الأولى فى كل بناء ,فاذا كانت اللبنة المختارة قوية ومتماسكة المكونات ومهيأة بشكل علمي ومدروس بما يتتناسب مع هدف البناء وسعته وثقله وظروفه المناخية والأجتماعية وما سيطرأ علية من متغيرات ذاتية وموضوعية أصبح نجاح البناء التطوري مضمونآ ودليلآ بينآ على وعي الأنسان الذي يقود عملية البناء التطوري الصاعدة ,وبعكسه ستحل الكوارث والأزمات المدمرة فى البلد المتخلف ,ولكن السؤآل المتقدم هو ,ما السبب الذي يستهوي البعض ويدفعهم الى إختيارالطرق المتعرجة المناقضة لهذه المسلمة الواضحة والمشروعة والمطلوبة من الأكثرية ؟؟؟؟؟ إن هذا يحدث ,للأسباب التالية : -
1 - تسلط الحكام الأستبداديون فى العالم الثالث الذين يرون فى سعادة شعوبهم خطرآ على أنظمتهم ,لتصورهم الشيطاني الحاذق بأن السعادة تدفع الأنسان الى تتبع المعرفة والعلم ,وتسمو بوعيه وتصلب إرادته ومعارضته للشائنات والفساد وهذا ما لا يرغبه الحكام !!! ,لذا ظل هؤلاء الحكام يتابع واحدهم الآخر فى سياق روتيني صارم لايحيدون عنه فى البناء الثقافي مستندين على الموروثات الفكرية القديمة جدآ فى بلدانهم ,من بدايات العصر الحجري وما تلاه من العصور القبلية والعشائرية والعرقية وسار خلفهم على منوالهم ونهجهم ولم يحيدوا عنه قيد إنملة وإقتبسوا منه ثوابته الأساسية وكانوا متمسكون فى هذا التقليد بجد وأمانة وقناعة متناهية وحريصون على التمسك بهذه الموروثات كل الحرص كما وكانوا حريصون على إختيار من يخلفهم وفق توفر شروط الحاكم المتسلط فيه من حيث قناعته الكاملة بالموروثات وبالتجربة المهنية للسلف وتسليم الراية الثقافية للخلف لقادة على شاكلة وطراز الأجداد ,ولقادة من الذين يمتلكون القدرة والعبقرية فى فنون الظلم والأستغلال من الذين يتفوقون على مواطني بلدانهم بشدة البأس والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه التفكير بتغيير الموروث ولو بحرف واحد وأعتبارالتغيير من الموبقات والخزي والعار والكفر والإلحاد ,فقد كانوا يحيطون تلك الثقافة بهالة من التقديس إمتدت الى هذه اللحظة !!!!! .
2 - وخلال تلك الحقبة الزمنية الطويلة والقاسية المنصرمة التي تعاقبت فيها تلك الثقافة الموروثة لم تتحكم فى رقاب الشعوب طبقة محددة المعالم والصفات والشروط من التي يستطيع الباحث والمؤرخ تسميتها بالطبقة أو تنطبق شروط ومقومات الطبقة الأجتماعية عليها ,بل كان المتحكمون بالناس أفراد أو شرايح صغيرة يمكن تسميتهم طغم مستبدة تمتلك الأموال والجاه ووسائل الأنتاج ومحاطة بالنفعيين والأنتهازيين والعصابات المسلحة على مختلف أشكالها مثلما دار التاريخ على العراقيين ليريهم اليوم نماذج من أمثال إولئك القراصنة وهم يتكالبون على الفطيس والكراسي الهزازة وتعج بهم المؤوسسات على نطاق الدولة أوخارجها بما فيها مؤوسسات القضاء وصروح العلم المختلفة !! والمفارقة التى ترها شديدة الوضوح أن مختلف الحكام وعصاباتهم السابقون منهم واللاحقون يتاجرون بالدين ويحكمون بأسمه !!!!.
3 - لم يظهر فكر علماني جرئ قادر على إستقطاب العلمانيين فى تنظيم مرحلي موحد لنشر الوعي الجديد والتصدي للحرب الثقافية الدموية الشرسة التي يقودها السلفيون بمخططات الجريمة المنظمة وبعنف لا مثيل له طوال التاريخ المنصرم , وربما يعود السبب فى ضرواة العنف التكفيري الجديد الذي نلمسه اليوم الى شعور القوى السلفية بقرب نهايتها وإحساسها بتزايد الوعي العلماني لدى الشعوب وتسارعه بشكل مذهل وعجيب ومترابط التأثير بالتطورات التقنية المذهلة التى يتوقع الأختصاصيون أنها ستحسم الكثير الكثير من المسائل والأشكاليات المربكة وستجيب على الأسئلة المختلف عليها منذ إلوف السنين . ,وتبقى المفارقة الأهم هي أننا برغم الأعتراف بأن ليس من السهل على الناس التحرر من الأفكار والآيديولوجيات الموروثة بلمح البصر ,لكن المؤسف حقآ أن تجد بعض المدعين بالتطور ومن حملة الشهادات العالية الذين كثيرآ ما يتفرعنوا على طلابهم فى الأمتحانات ,لا زالوا من أشد الذائدين عن حمى وحياض هذه الموروثات البغيضة والضارة مثلهم كمثل فلاسفة الثورة الصناعية وجماعة المحرك الذي لا يتحرك !!!!. يتكلمون ويكتبون ويتعاملون مع العلم فى كل لحظة لكن عقولهم ظلت ميتافيزيقية مؤومنة بالشعوذة والغيبيات !!! فالعلم ليس محفوظة أطفال كما يدرس فى الملالي بل هو عمل تطبيقي مؤثر فى تغيير الثقافة والسلوك بتغير الزمان والمكان .
4 - إن السلاح الفتاك بيد القوى السلفية على مد العصور هو المتاجرة بالدين ولكنهم بذات الوقت أساءوا إليه كثيرآ من خلال الجرائم الكبرى التي إرتكبوها ضد الناس والطبيعة وهي جرائم بشعة وحاقدة برغم كل عمليات التجميل الجارية عليها وستظل مستهجنة ومرفوضة و محرمة فى شرايع السماء والأرض , فالشعوب قد وعت دوافع وأسباب هذه الأعمال الحيوانية المتوحشة التي تتحكم بعقول هذه القوى الشريرة وحكمت ببطلان ما يدعون وتوصلت من خلال تجاربها اليومية الملموسة الى أن السبب الأول والأخير فى هذه الثقافة المجرمة والتمسك الصارم بالفلسفة الميكافيلية ( الغاية تبرر الوسيلة ) كان ولم يزل من أجل المحافظة على المصالح الفردية والفئوية والتربع على كراسي الحكم للمحافظة على تلك المكاسب والنزعات الأنانية اللاإنسانية واللاأخلاقية المخجلة فى حب الجاه والتسلط ,وكانت ردود تلك ألأفعال والممارسات الحقيرة على الشعوب إيجابية دفعتها الى تشديد قبضتها على العلم كى تحرر إرادتها من الشعوذة المخادعة قبل أي شئ آخر,ولكي تتمكن بعد ذلك من أن تسموا فى الدين الى منزلته العبادية التأملية السامية وتفصله عن الدولة والسياسة ومتعلقاتها وتطهره من النوازاع المبتذلة والتشريعات الوضعية المتناقضة الأحكام والرؤا والتافسير المتعددة الأجتهادات والأحكام ,كما فعلت الشعوب قبلها فى غرب الكرة الأرضية ,فأنفتحت عليها أبواب السعادة المادية والروحية على مصاريعها ,وبذلك فقط يمكن لشعوب العالم الثالث المظلومة أن تتدرج فى تبوأ مكانتها الحضارية بين الأمم والشعوب عن وعي علمي جدير بالتقدير والمهابة .

- يتبع -