|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  19  / 11 / 2015                                نوري جاسم المياحي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

ظاهرة اللصوص الصغار

نوري جاسم المياحي
(موقع الناس)

الكثير من الشعر العربي او الشعر الشعبي العراقي اصبح اليوم يعتبر دروساً في الحياة بما يتضمنه من حكم وعبر ... فنجد المواطن البسيط يردده مع نفسه ولابنائه كي يتعلموا درسا دون الخوض بمتاهات فكرية تربية معقدة .. وبديهي لمن يريد ان يتعلم ..

اليوم .. يحضرني بيت من الشعر يمكن اعتباره درساً من دروس أهلنا بالحياة اليومية السائدة في المجتمع العراقي اليوم .. الا وهي السرقة واللصوصية وفساد الذمم .. وهو :

اذا كان رب الدار بالبيت ناقرا      فشيمة اهل الدار كلهم الرقص

وللامانة التاريخية فان ناظم هذا الشعر هو الشاعر العراقي البغدادي (1125 -1187 ميلادية) سبط ابن التعاويذي ... حيث قال :

وَقالوا اِستَبانَت يا اِبنَ عُروَةَ ابنتك      فَقُلتُ لَهُم ما ذاكَ في حَقِّهِ نَقصُ
إِذا كانَ رَبُّ البَيتِ بِالدُفِّ مولِــعــاً       فَشيمَةُ أَهلِ البَيتِ كُلِهِمِ الرَقصُ

اليوم هذا البيت من الشعر او هذه الحكمة لم تفارق عقلي في مقارنة بين حدثين ...

الاول يتعلق بمن يحكم ويقود العراق ... والذين امثلهم برب الدار او البيت .. امثال الرؤساء الثلاثة او الوزراء او النواب أو محافظ البنك المركزي او القاضي الأول ... واهل الدار او البيت هم المواطنين العاديين من صغار الموظفين والتجار والكسبة وارباب الحرف ..

الحادثة الأولى او بالحقيقة الفضيحة الأولى التي فجرتها النائبة حنان الفتلاوي قبل أيام في الاعلام العراقي وهي مطالبتها العبادي بالتحقيق في سرقة (10 مليار دولار من البنك المركزي) ... وطبيعي ان هذا المبلغ يعادل ميزانية دولة .. وليس عشرة فلوس ... كما يصفه عراقيو أيام زمان ..

والمواطن يسمع يوميا بسرقات مهولة تدمي القلوب وتزكم الانوف ... ونراها كفقاعة الصابون تنطلق وتكبر وتكبر ... وبعدها تختفي فجأة ... ومن منا ينسى السلسلة الطويلة العريضة من السرقات لكبار الساسة والمسؤولين ؟؟ كلنا يتذكر فضيحة اختفاء 10 أطنان من الذهب في زمن المالكي ... ولفلفت القضية وطمطمت وكأن شيئا لم يكن ..

اما الحادثة الثانية ولو هي تافهة بقيمتها المادية ولكنها كبيرة بمغزاها الأخلاقي والتربوي والتي وقعت معي بالأمس وليس مع غيري وللأسف تكررت عدة مرات الى درجة الوم نفسي معها ... ولأنني لم اتعلم درسا منها ... والسبب بسيط ... انا شخصيا لا اكذب فأتصور كل الناس لا تكذب .. وانا لا أسرق فأتصور كل الناس مثلي لا تسرق ... وهذا ما تربى عليه جيلنا في البيت والمجتمع ...

ذهبت لسوق الخضار واشتريت (علاكه خيار) وعندما فتحتها في البيت فوجدتها ... كلها خيار لا يصلح للأكل .. فرميتها بالزبالة ... وقبلها كيس بصل تجد مظهره الخارجي رائع وعندما تفرغه تجده محشو بصل خايس ... او تشتري كيس بطاطا كل واحدة بحجم كرة القدم من الخارج وعندما تفرغ الكيس تجده محشو بطاطا بحجم (دعبل الأطفال) ..

للأسف هذه الظاهرة انتشرت وشملت كل مجالات الحياة وليس عند البقالين فقط .. تجدها مع باعة الادوية او القصابين او مستوردي اللحوم او الدجاج او البيض او الالبان ... وحتى طحين الحصة ..

والسبب اعزيه لفساد رب البيت او الدار وينطبق علينا المثل (السمجة خايسه من راسها) ... والسؤال المطروح .. ذمم العراقيين افسدها الاحتلال واذنابه ومرتزقة الدين والطائفية والسياسة عامدين .. فمن المداوي والمعالج .. ان كان رب الدار ......فاسدا ؟؟؟ لا أدري ..

اللهم احفظ العراق وأهله ايمكا حلوا او ارتحلوا

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter