|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  17  / 11 / 2015                                نوري جاسم المياحي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

معاناة الشعوب سببه النفاق السياسي

نوري جاسم المياحي
(موقع الناس)

في البداية لابد لي ان اعترف بحقيقة هي انني اتناول مواضيع ليست من اختصاصي .. فانا لست بباحث اجتماعي .. ولكني كانسان عراقي اعايش مأساة مجتمعنا وشعبنا العراقي والعربي وما أصاب العالم من فوضى ستؤدي بالبشرية الى الهلاك .. وأتخوف واخشى المصائب التي تنتظر أطفالنا في المستقبل القريب والبعيد ..

فأجد ان من الضروري لفت انظار المختصين والباحثين والمخلصين من الساسة للتصدي بالفحص والتحليل للمشاكل الاجتماعية العراقية والعربية لمحاربتها وعلاجها

فمن خلال تجربتي الطويلة في الحياة كعراقي وكمواطن درجة ثانية .. وجدت ان العراقي يتميز بالمغالاة في النفاق السياسي والاجتماعي والى درجة ينفرد عن بقية البشر بمفاهيمه وسلوكه الاجتماعي ولاسيما في السياسة والتعامل مع الحاكم .. وصناعة الاصنام والديكتاتوريين ..

اليوم لا يختلف اثنان عن ان العراق وشعبه يمران بأتعس واسوأ المراحل في تاريخ العراق الديني والسياسي والاجتماعي وحتى الاقتصادي .. والمواطن المسكين ضائع في دوامة من التبريرات والتحليلات التي تتفنن في الضحك على عقول الناس البسطاء ..مما ينطبق عليه القول (بين حانة ومانة ضاعت لحانا)

واصبح المواطن المسكين ضحية لتقلب التبريرات والاطماع او تغير الألوان والوجوه والمواقف .. ففي كل ساعة ويوم تجد السياسي يخرج على الفضائيات ليمدح هذا او يشتم ذاك .. وفي الواقع الكذب سلاحهم ..ف كم من سياسية امثال (حسنة ملص) تنوح وتتباكى (وتخرمش الخدود) وكم من سياسي فطحل الفطاحل من أمثال (خلف ابن امين) يملآ الدنيا خطابا وتصريحات (وكأنه وحيد وفريد زمانه).. وهم يتلونون (والعياذ بالله) كالحرباء .. هؤلاء هم من نكب شعب العراق .. ودمر العراق .. بدناءة النفس والوضاعة والاتجار بالمبادئ والقيم والأخلاق ..

السؤال الذي طرحته على نفسي .. ما صفة هؤلاء ؟؟ الجواب .. وبعد الفحص والتدقيق .. وجدت ان التسمية التي تنطبق عليهم .. هي النفاق وقادة المنافقين .. وهل هذه الصفة سيئة او حميدة .. فوجدتها ملعونة وخبيثة وهي رأس البلاء ..

وهل هي ظاهرة مستجدة ام قديمة؟؟؟ ... فتبين لي بعد نبش قبور كوكل ثبت لي انها قديمة .. قدم ما يعرف بالتقية مع بدء الدعوة الإسلامية ..

وهل هي عراقية صرفه ... او عربية ... او إسلامية ... او عالمية ؟؟؟ فوجدت انها ظاهرة عالمية ولكنها تتفاوت من شعب لأخر وحسب شدة القمع والظلم عند الحكام ..

وبما ان الشعب العراقي كان دائما محتلاً ومغلوباً على امره ومفعولاً به من زمن الكسروية الفرس وحتى يومنا هذا نجد ظاهرة النفاق عندهم اكثر من غيرهم

والسؤال الأخير ... ما هي أسباب هذا المرض وتحوله الى وباء أصاب العراقيين ... وكيفية علاجه ؟؟ والجواب على هذا السؤال واضح وبسيط ...

المرض هو النفاق السياسي أي التملق للقوي على حساب الضعيف .. وبكلمة أوضح انك تجد الناس تظهر للحاكم غير ما تبطن اما لمصلحة شخصية او اتقاء لشرور الحاكم ... ولهذا نجد دائما ان القائد السياسي محاط بشلة من المقربين من منافقين ودجالين لا هم لهم الا مدح الحاكم وترويج جبروته وطغيانه اما الضحية فهم أبناء الشعب الفقراء ... فلتجنب غضب الحاكم او حزبه القائد يضطرون الى العمل بالتقية كما سمي وعرف في الإسلام (وعند كل المذاهب والفرق والطوائف وليس عند الشيعة فقط كما يروج لهم خصوهم) أي بالتقية ...

وللانصاف التاريخي ... ان الشيعة لكونهم من اتباع آل البيت المظلومين دائما وعبر العصور من الحكام فهم اكثر من غيرهم تعرضوا للقمع والقتل والاضطهاد ليس لانهم على خطأ وانما لأغراض سياسية بحتة وتصب في صالح النظام الحاكم آنذاك عادة .. فلهذا نجدهم اكثر شيوعا في تطبيق التقية في سلوكهم السياسي واليومي والحياتي وحتى بما يخص الشعائر الدينية .. وحسب شدة وشراسة النظام الحاكم وقمعه .. والامثلة على ذلك كثيرة لا مجال لتعدادها .. وللأمانة التاريخية فاتباع السنة او غيرهم ليسوا ببعيدين عن التقية كالشيعة .. ومن يريد التأكد من هذه الظاهرة ... الرجوع لكتب التاريخ وسيجد الإجابة ..

الخلاصة ... نجد ان النفاق بكل اشكاله .. مرض وبيل يدمر المجتمعات وما اوصلنا في العراق واقطار العرب الى هذه الدرجة من الانحطاط والانحلال .. الا قمع الحكام ودجل السياسيين ... على حساب الشعوب التي تضطر لعدم إظهار ما تبطن ، أي اتباع مبدأ التقية وبالمصطلح الحديث النفاق السياسي لكي تعيش بسلام ... واعتقد ان الحل للخروج من هذه الورطة والمصيبة هي بنشر العدالة والانصاف والمساواة بين الناس ... عندها نجد ان الناس لا تحتاج التقية وترفض النفاق و(سياسة الوجهين)

ومن هنا نجد في الدعوات الفاشلة لمصطلح الديمقراطية في المصطلحات السياسية الشائعة اليوم هي الدعوة لتطبيق الديمقراطية في الأنظمة الحاكمة ولكن في الحقيقة والواقع .. الانظمة الديمقراطية شوّهت وزيفت المعنى الحقيقي للديمقراطية وان اول من يحارب الديمقراطية (حكم الشعب بالشعب) هم الحكام انفسهم أي دعاة الديمقراطية ..

ومن لا يصدقني فعليه بمراقبة سلوك الأنظمة التي تفتخر بديمقراطيتها كإسرائيل وبريطانيا والولايات المتحدة التي استغلت جريمة غزوة منهاتن لتدمير البرجين في نيويورك .. لتدمير أفغانستان والعراق ولقتل شعبيهما ..

واليوم جاء الدور على فرنسا لتعلن الحرب على العراق وسوريا بحجة محاربة الإرهاب (واقسم بالله ان الإرهاب هو صناعة غربية صهيونية معادية للعرب والإسلام) ... والا ما معنى وجود الفيلسوف الفرنسي والصهيوني العالمي وعراب ثورات الربيع العربي هنري برنارد ليفي على ربى تلال وجبال كردستان العراق ؟؟؟ وفي هذا الظرف الحرج ؟؟؟

هذا الرجل لا يتواجد في مكان الا والمصائب تحل في البلد الذي ينزله .. فهل يدرك ساسة العراق هذه الحقيقة المرة ... ام هم ملتهين بنفاقهم بإدانة واستنكار جريمة باريس التي قتل فيها 129 فرنسي نصفهم عرب ومسلمون ... ويتناسون ما يقتل يوميا في العراق وسوريا وليبيا واليمن ... انه النفاق السياسي العراقي والعربي والإسلامي ..

اللهم احفظ العراق وأهله أينما حلوا او ارتحلوا ...

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter