|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  1 / 2 / 2015                                 نوري حمدان                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الموازنة وحرب داعش

نوري حمدان

قبل وبعد اقرار الموازنة لعام 2015، التي تعاني من عجز يصل الى 20% تقريباً، والمخاض العسير الذي خرجت منه، تحدث مختصون عن اسباب الازمة وتأثيراتها لاحقاً على اقتصاد البلد ومعيشة الناس خصوصاً الطبقة الوسطى والاقل منها ناهيك عن الذين يعيشون دون مستوى الفقر. كل هذه سوف نتناولها في مقالات لاحقة واليوم سوف نتحدث بالتحديد عن تأثير هذا العجز في الاستعدادات لمواجهة (داعش) والقدرة على استعادة الموصل والمناطق الاخرى التي سيطر عليها منذ الصيف الماضي.

الجميع يعلم ان المستلزمات العسكرية لخوض معركة تحتاج الى ميزانيات كبيرة وتشكل نسبة كبيرة في موازنات الدول، ومن المؤكد ان ميزانية وزارتي الدفاع والداخلية والاستعدادات لمعركة استرجاع الموصل قد شكلت نسبة كبيرة ، مما اثرت على الوزارات الاخرى التي طالها التقشف والتي يدفع ثمنها المواطن دون شك، السؤال: هل ميزانية الوزارتين المذكورتين ستمكنهما من خوض معركة ضد (داعش) وتحققا النصر في استعادة السيطرة على الموصل والمناطق من محافظة الانبار وصلاح الدين؟ للبحث عن الاجابة يجب ان نعود الى تصريحات السياسيين العراقيين وغير العراقيين من التحالف الدولي، كذلك من المسؤولين العسكريين العراقيين ومن التحالف الدولي كذلك، مع الوقوف عند رأي الخبراء في الجانبين.

وبداية القول سيكون من حديث رئيس الوزراء حيدر العبادي، في لندن الاسبوع الماضي ، بأن المشاكل المالية يمكنها إعاقة القتال ضد مسلحي (داعش)، على اعتبار ان الازمة المالية قد تسبب عدم شراء الاسلحة والذخائر والمعدات العسكرية، وقال ان انخفاض اسعار النفط كارثي على العراق وهذا ما يبين لنا الازمة التي يواجهها العراق في التسليح، ويؤكد القول السفير لدى الولايات المتحدة الامريكية لقمان فيلي في قوله ان انخفاض أسعار النفط هو العامل الحاسم هذا العام وانه سيتحكم بالهجوم المزمع على الموصل، وبوجود الأموال يمكننا التقدم على ارض المعركة وسنقضي على داعش بالتأكيد، ولكن بدون المال فان المكاسب ستكون مشكوكا فيها، خصوصا وأن الدولة ستنشغل بتأمين مصروفات موظفي الدولة وغيرها من المتطلبات.

وهل ميزانية العراق تهدد حقاً قدرة العراق على محاربة داعش ام هي ذريعة يتخذها السياسيون العراقيون لأخذ المزيد من المساعدات العسكرية من دون دفع ثمنها؟، حيث قال مسؤولون بوزارة الدفاع الأميركية، إن السياسيين العراقيين لايدركون ان طلباتهم بشأن السلاح ترتب عليهم دفع أموال فضلاً عن ان هناك بذمتهم أموالا متأخرة بعد شرائهم معدات عسكرية كثيرة، ويقول تشاك هيغل، وزير الدفاع الاميركي المستقيل ان الولايات المتحدة عليها تلبية احتياجات العراق العسكرية على الرغم من الازمات المالية، بالتالي علينا ان نتصورتأكيد المسؤولون بوزارة الدفاع على استحصال الاموال بدل السلاح من العراق برغم التزام دولتهم بتسليح العراق بحسب الاتفاقية المبرمة بين البلدين .

اذا كتفينا بما صرح به من قبل المسؤوليين العراقيين والامريكان فيجب علينا ان نطلع على ما يقوله الخبراء بهذا الشأن فيرى الخبير الأمني في مركز الدراسات الستراتيجية والدولية انتوني كوردسمان إن المال هو المادة الاساس في توفير احتياجات القوات العسكرية. واذا كان هناك تأخير في إعادة هيكلة وتجهيز وتوريد الأسلحة للقوات الامنية العراقية، فهذا سيكون له آثار كبيرة على مهمة المستشارين الاميركان العاملين في البلد، فمن المؤكد هناك حاجة للأسلحة، ويذكر كوردسمان ان مشاكل العراق المالية أبعد من كيفية تغطية نفقات الجيش وتأمين القدرة لتنفيذ الهجوم على داعش، لوجود ازمات اخرى على بغداد تجاوزها، وهي الالتزام مع الكرد بتوفير مستحقاتهم المالية، وتمتين وتطوير الاتفاق الذي يثير قلق الكثير من المتابعين لأنه معرض لظهور خلاف بين الحكومتين حول العائدات القادمة من الشمال، خصوصا وأن الحكومة الاتحادية مطالبة بتأمين المستحقات المالية للإقليم في ظل هذه الميزانية الفقيرة التي تم إقرارها أخيراً.

كذلك تعيين العاطلين عن العمل من المجتمع السني الذين يتطلعون الى الانضمام لـ(الحرس الوطني)، فضلاً عن تغطية التزامات القطاع العام وتلبية رواتب الدولة ومعالجة الركود الاقتصادي هي المفتاح لضمان الاستقرار المالي داخل البلد، وأن المشكلة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وليس الهجوم على داعش كما يسوّق البعض.

وهناك قول اخر يشير الى ان حتى لو تمكن العراق من دفع احتياجات الجيش المالية فهناك مشاكل ستحدث في حال تم شن الهجوم على الموصل، وهي تأمين الرواتب للضحايا الذين سيسقطون في ارض المعركة، لان التقارير تشير الى ان العراق سيقدم ضحايا كبيرة في حال تمت استعادة الموصل، فيجب تعويضهم وتوفير لهم الخدمات العامة وهذا ما يصفه الخبراء العسكريين بالنصر النهائي هو اعادة الحياة بشكلها الطبيعي وعدم ترك اي منفذ لاعادة مجاميع مسلحة تدعي المطالبة والدفاع عن حقوق المهمشين كما حدث في الاحتجاجات التي طالب بها ابناء هذه المناطق والتي كانت اغلبها مشروعة لكن الحكومة لم تستجب ووصل الحال الى ما هو عليه الان.

ولابد من ذكر ان التحديات التي يواجهها العراق هي نتيجة للسياسيات الطائفية والفساد وسوء الادارة وضعف تهيئة التنمية البشرية وعدم توظيف السكان بشكل صحيح، فضلاً عن الانقسام الواضح بين المجتمعات العراقية على اسس طائفية جعلت البلد يحتقن بالحقد الطائفي الذي انفجر اخيراً ليخلف هذه الازمة التي يصعب الخروج منها بسهولة.

خلاصة القول الخروج من الازمة يجب ان يكون ذو ثلاثة محاور الاول عسكري وفيه يتطلب توفير اموال كثيرة لشراء الاسلحة والذخيرة لتمكن الجيش من تحقيق النصر العسكري وكذلك حل موضوع الحشد الشعبي في الحرس الوطني على اساس وطني دون تمييز، اما الثاني وهو مكمل للاول في تحقيق النصر الكامل كما ذكرنا سلفاً يجب تعويض الضحايا من المناطق التي يجري فيها القتال والمناطق التي لحق بها الضرر جراء الاعمال العسكرية والهجمات التفجيرية التي قام بها مسلحوا (داعش)، والثالث وهو الاصعب والذي يتمثل في اعادة النسيج الاجتماعي للشعب العراقي وهذا يعتمد بالدرجة الاساس على عدم التمييز بين المواطنين واعتماد اساس المواطنة في التعامل مع كافة ابناء البلد، وهذا ما لا يمكن ان تحققه موازنة عام 2015.
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter