|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  11  / 12 / 2016                                 نبيل يونس دمان                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



قصة
نجاح كلداني اميركي اسمه
صبري شمعون وهو يعيش الحلم الأميركي

ماني كروز
ترجمة: نبيل يونس دمان
(موقع الناس)

صبري شمعون البالغ من العمر 74 سنة كلداني امريكي، ابتدأ العمل شغيلاً في مخزن صغير بديترويت وانتهى الى حقل العقارات في سان دييغو، والأخيرة حولته الى مليونير وقد وفر مستقبلاً مالياً لعائلته وللآخرين المستفيدين من كرمه.

شمعون جمع عقود العقارات بنفسه منذ وصوله هنا عام 1972 قادماً من ديترويت، متضمنة عمارات سكنية وتجارية في انحاء سان دييغو من (نورمل هايت الى ﭼلا فستا) وأبعد من ذلك.

هو رجل سخي، ولكنه ليس ممن يتباهى عن ما يجنيه، يجعل الواحد يقول، انه أوجد ملايينه بنفسه. من خلال خبرته الثاقبة في العقارات، استطاع ان يضاعف ثروته عدة مرات، وكمثال العقارات التي امتلكها في شارع آدامز بمبلغ 50,000 دولار قبل بضع سنوات والان يبلغ سعرها 700,000 دولار.

" لي ارتباط مع اربعة او خمسة عقاريين" قال شمعون في مقابلة مع مؤسسة آر جي إس في داون تاون المملوكة من رونسون جي شمعون احد ابنائه والذي يعمل مستشار فيها "يعرفون جيداً انا طيب وعادل" ولكن أخبرتهم "انا فقط اريد معاملة حسنة واذا لم تكن هكذا فلا تتصلوا بي" .

الكلداني الكاثوليكي الورع شمعون يتكلم بقوة حول الأمور التي تهمه اكثر - تراث العائلة المسيحية واهمية التعلم للمهاجرين مثله الذي يريد حياة ناجحة لهم في الولايات المتحدة ومساعدة الاخرين قدر المستطاع.

البحث عن الحرية :
"رأيت الحرية كافضل طريق في الحياة" قال شمعون الذي جاء الى ديترويت في الولايات المتحدة عام 1961 مثل الاف غيره من الكلدانيين الذين تركوا العراق لاسباب اقتصادية او الهرب من التمييز والاضطهاد الديني من الأغلبية المسلمة في الشرق الأوسط. ثم انتقل الى سان دييغو الملجأ الأكبر لتجمع جالية كلداني او رئيسي في الولايات المتحدة نسبة الى منشورات وزارة الخارجية الامريكية، الكلدان اصبحوا الاسرع نمواً في لجوء الجاليات الى سان دييغو، شمعون يعيش في الكهون المدينة التي فيها اكبر حجم من السكان الكلدان.

شمعون نشأ في مدينة تلكيف وهي واحدة من عدة مدن مسيحية في شمال العراق تابعة الى الموصل قرب خرائب المدينة القوية نينوى حسب المؤرخة الراحلة ماري. سي. سنكِستوك، بعض افراد الجالية الكلدانية ينقلون قصصاً سمعوها من اجدادهم عن تحول مدينتهم الى الكاثوليكية. حدث ذلك في حوالي 1830 عندما اعترفت بالبابا كرأس الكنيسة.

"الكلدان هم من العالم العربي، لكنهم ليسوا عرباً" مارتن منا رئيس دائرة التجارة الكلدانية الامريكية في ديترويت قال ذلك عام 2011 في مقابلة. هم يعرفون بلغتهم الارامية والتي هي لغة المسيح.

الانتقال الى بغداد ثم ديترويت:
يقول شمعون انه انهى السنة الثانية من ثانوية تلكيف ثم انتقل عام 1955 الى بغداد فأكمل الثانوية فيها. بقي فيها خمسة سنوات ولكن مثل آخرين من الكلدان اراد ان يعيش حياة اخرى في بلد جديد فيمم شطر ديترويت بعد ان حصل على فيزا دراسية من دائرة الهجرة في ديترويت عام 1961، ليعيش مع عمه وعمته، ولم يكن في جيبه آنذاك سوى 35 دولاراً فقط. وفق المؤرخة سنكستوك فان 95% من الكلدان في ديترويت تعود جذورهم الى بلدة تلكيف التي ترعرع فيها شمعون.

في ديترويت التحق شمعون بمدرسة "وولفيرن" لتصليح السيارات "داومت هناك لمدة ستة أشهر وتعلمت القواعد الأولية لتصليح السيارة ثم ذهبت الى كلية في ديربورن لمدة سنة" ويقول "ولكن لم انهيها لاني كنت فقيراً في اللغة وليس لي المال لدفع رسوماتها. وكان عليّ ان اعمل لمساعدة الوالدين في بلدي القديم، لذلك تركت الدراسة" .

لان العمل في البيع كانت غالبة في وسط الكلدان - الميراث الذي يعود الى ازمنة قديمة - لم تكن مفاجأة ان تكون اعداد كبيرة من اسواق ديترويت يمتلكها الكلدان. لتكن صعبة على شمعون ليعمل بائع (كاشير) وعامل في احد المخازن، كان يعمل 40 ساعة في الاسبوع مقابل 25 دولار فقط الحد الادنى للعامل في ذلك الزمن.

"بعد شهر اعطاني صاحب المحل شقة في طابق فوق المخزن، حتى ارقب المخزن ورأى انني عامل نشط ومخلص قال شمعون" ثم قال "تستطيع ان تعيش في الطابق العلوي وتراقب المخزن في الليل اذا حاول البعض كسره" قلت له اجل (اوكي) وهكذا عشت هناك بدون دفع ايجار واشتغلت هناك اكثر من سنة، ثم عثرت على شغل في مخزن اخر يدفع لي 55 دولار بالاسبوع.

الارتقاء:
بعد عدة سنوات، تحول شمعون  من العمل في المخازن (الستورات) الى مزيد من الكسب ليشتري سيارة وملابس جديدة.
وحلت احسن فرصة سريعاً، عندما اشترى مخزن صغير في ديترويت - سوق النقطة الحامية (ذي هوت سبوت ماركت) بعد اخذ قرض من مسؤوله السابق ثم عمله في تجهيز المحلات التجارية. قال شمعون "انه استطاع توفير مبلغ 16 الف دولار من عمله" استثمرها وشغلها لتزيد اعماله الى 50 الف دولا في نهاية السنة الاولى.

مصالح شمعون وفرت له الفرصة لجلب عدد من افراد عائلته الى الولايات المتحدة من العراق - اولاً والدته ووالده، ثم ستة من إخوانه واخواته، ثم اولاد العم - والمجموع حوالي 70 من اقربائه من جانبي العائلة. كان في طريقة واحد من رجال الوسطاء في الهجرة. اشترى بيت من طابقين وخمسة غرف في ديترويت لاسكان من جاءوا الى هنا "كل عائلة عاشت لمدة شهر في ذلك البيت، شهرين، ثلاثة أشهر وبعضهم حتى ستة اشهر ، الى ان استقروا، ارسلو اطفالهم الى المدارس والاب ذهب للعمل" قال شمعون. ثم كانوا يغادرون وغيرهم يحلوا محلهم.

يقول شمعون "ان دائرة الهجرة اوقفت كل ذلك" استلمت رسالة من الهجرة... قالوا "السيد شمعون، انت جيد جدا وكريم، وانت اعطيت افادة لدعم عدد من الناس، ولكن ليتوقف ذلك. لا تستطيع دعم اناس اخرين. هذا اخر تصريح يمكن ان نقبله" وهكذا توقفت بعد جلب اكثر من 70 شخصاً.


ثلاثة اجيال من الذكور في اوبي كويك ستاب في اوشن بيج
روبرت شمعون (في الخلف) دراكي شمعون (شيرت ازرق وشورت ابيض) ، دومنيك شمعون (شيرت ازرق وشورت رصاصي)
صبري شمعون، وديلون شمعون (شيرت احمر وشورت اسود) .

الاستقرار في سان دييغو:

مسيرات الاحتجاج في ديترويت عام 1967 أنهت حلم وامال شمعون هناك
رغم عدم احتراق مخزنه - كان محمياً من افراد المنطقة وكانوا يعيشون فوق المخزن - لكنه سُرق ولاحظ ان من الصعوبة الاستمرار. جاء الى سان دييغو في اجازة في وقت سابق وصمم على السكن فيه "شاهدت سان دييغو، جو لطيف، الحرية، وقلت: هذه هي، انا ذاهب اليها". اثارت انتباهي، احداث ديترويت شجعت الكثير من مالكي المخازن الى الانتقال الى سان دييغو، كثير من مالكي المخازن تركوا المنطقة وزادوا من فرص الكلدان لفتح او امتلاك مخازن اكثر.

في 1968, شمعون تزوج من ميري، التي هي من كركوك ، وبعد اربع سنوات استقر في سان دييغو بعد ان باع بيته ومخزنه. قال انه كان يملك مدخرات قدرت بـ 500,000 دولار في ذلك الوقت, والتي كانت تكفي لشراء كل العقارات التي يملكها الان.

اول استملاك هنا كان (دَي آند نايت ماركيت في اوشن بيج) اشتراه شمعون وشقيق زوجته. اشتغلوا فيه لمدة خمس سنوات ثم اشترى اسواق اخرى حتى تعب من تعدد المصالح في حياته العائلية (كان له زوجة وثلاثة اطفال) . ذلك ما جعله يبدأ في الاستثمار في مجال العقارات.

الحيازات العقارية:
عقارات شمعون اليوم تحتوي عدة عمارات تجارية والتي تؤجر الى مصالح صغيرة مثل مطاعم، غسل وتجفيف الملابس، صالونات الشعر، - ومجموعها 15 عمارة. "انا حصلت على تعليمي من الندوات العقارية، والندوات المالية، والادارية، والصحف المحلية - لم اتخلف عن واحدة منها. حصلت على كل خبراتي من تلك الندوات الخمسة" على حد قوله.

شمعون فخور اكثر في حقيقة ان نجاحه ساهم في دعم الكثير من اقاربه في الامور المالية ومساعدة اخرين من ابناء الجالية. وضع ابنته، رينا عربو 45 سنة، وولده رونسون 38 سنة في الكليات، دافعاً كل مصاريفهم ورسومهم، في جامعة سان دييغو، والتي منها تخرجوا، رينا رئيسة دائرة في آر جي اس قانون وهي ايضاً رئيسة قسم في غرفة تجارة قطاع شرق سان دييغو، روبرت شمعون 43 عاما هو مالك (كويك ستوب ماركت) في شاطئ المحيط، هدية من والده.

"ليست لدينا اية ديون من الكلية" تقول رينا "لقد دخلنا في الكلية انا وروني وكان داعما ومشجعا لابنتي لاريسا التي للتو تخرجت من جامعة سان دييغو - كل ذلك بفضل هذا الرجل" لاريسا الان تعمل في مؤسسة آر جي إس كموظفة للحسابات.

يقول شمعون بان احفاده السبعة : سيكونون ايضا رجال اعمال. "كل ما يريدونه احققه لهم، الجد سيهتم بكم، فقط كونوا جيدين واذهبوا الى المدارس" .
"لدي اربع اخوات وإثنان من الاخوة" يقول شمعون "كلهم ساعدتهم في المدارس والزواج والاعمال بقدر ما استطعت".


صبري شمعون مع ابنته رينا عربو، وولده رونسوم شمعون

ما قدمه الى الجالية :
والأبعد من ذلك دور شمعون الكبير في بناء كنيسة القديس بطرس الأسقفية الكاثوليكية، وكذلك مركزها الثقافي على خمس فدانات ارض في الكاهون - تلك طريقته في خدمة الجالية.

اكمل المؤسسة الكنسية من خلال منظمة فرسان كولومبوس، شمعون وثلاثة من الكلدان الامريكيين (وبجانبهم السناتور وديع ددة) اسسوا المركز الثقافي، الذي انشأ لاحقاً قد بني بتكلفة 1 مليون دولار. وفيه ما بين 600 و800 طالب واستاذ في تعلم الديانة الكاثوليكية. المبالغ ليس فقط دفعت للبناء، بل تكاليف جلب اثنين من الكهنة وبناء بيت لهم. الكنيسة تطورت الى عشرة كهنة لخدمة الجالية، ومعهم شمعون نفسه الذي خدم كنيسة مار بطرس على مدى 30 عاماً.

شمعون له تفسير بسيط لسخائه "انا كلداني كاثوليكي، ومسيحي. انا كاثوليكي جيد. انا اؤمن بالرب".

كلمات حكيمة من صبري شمعون

نصائح الى الجيل الصاعد:
انا لا انصح بشراء سيارة جديدة من بعد حصولك على اجازة السوق، اشتري سيارة تكون قديمة من سنتين الى ثلاث سنوات وتدفع نصف ثمنها.

قسطك وتأمينك سيكون اقل، اكثر السيارات الجديدة فيها ضمان (ورانتي) خمس سنوات او 100 الف ميل سير، استعملها لمدة سنتين او ثلاث سنوات ثم بعها وانت تحصل على كمية جيدة من الفلوس بذلك.

انصح المقترنين لشراء بيت صغير (كاندو) اذا استطاعوا عندما يتزوجون، واذكرهم بان بدل الايجار يعني رمي فلوسهم في المزبلة، مبلغ القرض يدفع للكاندو هو بمثابة توفير، اذا الاثنين اشتغلوا او حصلوا على 80 الف دولار في السنة ستكون الضريبة 25% من دخلهم، تقريباً 20 الف دولار، ايجار القرض للكاندو يكون نحو 1500 دولار كل شهر زائداً 2000 دولار كل سنة لضريبة الملك والتأمين.

لذلك وبدلاً من دفعك للحكومة ستدفع لممول القرض وتخصمه من الضرائب، قرض الايجار لا خصم له الايجار.

نصائح للجيل الاكبر:
1- دائما اوجد ثقة لممتلكاتك من اجل حمايتها من الوصاية الحكومية.
2- حافظ دائما على علاقة جيدة مع الاولاد، عاملهم سواسية بنين وبنات.
3- انصح اولادك ليوفروا لليوم الممطر (اليوم الاسود) .
4- تمتع بعطلة صغيرة مع اولادك واصدقائهم، ما استطعت.
5- اعطي واحد او اثنين من املاكك الى كل واحد من اولادك عندما يتجاوزون متوسط العمر، بعد التأكد من انهم سينعمون بحياة افضل ويضعوا اطفالهم في المدارس ويساعدوهم كي يتزوجوا.


صبري وابنه روبرت شمعون خلف الطاولة في اوبي كويك ستاب

نصائح لمن يدخل قطاع الاستثمار لاول مرة:
1- حاول ان تشتري ملك او عقار باسرع وقت ممكن، في سان دييغو لان له استثمار جيد، ولان القيمة سترتفع بسبب محدودية الارض والزيادة المستمرة في السكان.
2- حاول ان لا تبيع، حتى لو اصبح السعر مضاعف.
3- بعد ثلاث سنوات، اعد جدولة العقارات اذا احتجت الى مبالغ لشراء اخرى، واصل شراء العقارات في كل وقت، وفر قيمة عقارية او مبالغ اكثر للاستثمار.
4- الموقع له اهمية قصوى، دائماً اشتري العقار في منطقة جيدة.
5- وفر مبلغ اضافي لستة اشهر لدفع اقساط في الايام الممطرة (السوداء) بعض الاحيان يمكن ان يكون لك شاغر وتحتاج دفع القسط بدون ان تضطر لجمع الايجارات.
6- لا تقلق من دفع فائدة القرض، فهي تطرح من الضرائب (تاكسات).
7- كن دائما متواضعاً، لا تعش حياتك متباهياً، دائما انظر الى الذي تحتك وليس الذي فوقك، ذلك يساعدك ان تكون سعيدا بما تملكه وليس بما لا تملكه.

زوجتي ماري:
لم اكن لأنجح في حياتي دون زوجتي الحبيبة، متزوجون من 47 سنة، ساعدتني عبر سنين طويلة في اعمالي، جعلتني اكثر تنظيماً ودقيقاً في مواعيدي، وكل مقابلات عملي. لم اخسر او افقد حتى واحدة منها ابداً.

هي معتمد عليها وناشطة جيدة، وهي دائماً الام الرائعة والاخت والمعلمة والمساعدة على نطاق الجالية الكلدانية. وتسعى دائماً ليبق البيت نظيفاً وتتأكد من ان الاولاد انجزوا واجباتهم المدرسية في كل يوم، هي صديقة مع عوائلنا في كل من سان دييغو ومشيكان. وهي محل احترام وتقدير من الجالية الكلدانية.
اناقتها وتألقها يشعان عندما تدخل الغرفة!


صبري شمعون في مكتبه


صبري شمعون (الخط الامامي الثاني من اليمين) جالسا في مجلس خورنة كنيسة القديس بطرس الكاثوليكية عام

 


 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter