|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 السبت  9 / 11 / 2013                                  مسلم السرداح                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

سيناريوهات الخدمة الجهادية
(2)

 مسلم يعقوب السرداح

( الى السيد حسين الشهرستاني وباقي افراد لجنة كتابة قانون التقاعد )

الحلقة الثانية

صدام حسن يستدعي شيوخ عشائر البصرة الى احد قصوره الرئاسية في اواخر العام 1991 و ذلك بعد الانقضاض على انتفاضة العراق التي ابتدات من محافظة البصرة ، مدينة ثورات الله الرائعة ، في ذلك العام لينتهي كل شيء .

شيوخ العشائر يتجمعون في احد البساتين المحيطة بأحد القصور الرئاسية الفخمة للرئيس صدام حسين .
شيوخ العشائر وعددهم يتجاوز المائتين ينتشرون في حدائق القصر بانتظار السماح لهم بمقابلة السيد الرئيس حسب سيناريو الدعوة الموجهة لهم وبانتظار مقابلته .

كانوا يؤملون انفسهم بالمن والسلوى .
لمدة ثلاثة ايام وهم تائهون في حدائق القصر اشبه بضياع اليهود في شبه جزيرة سيناء .
كانوا يمنون انفسهم بالمن والسلوى في بداية الامر . لكنهم بعد ذلك بدأوا يتضورون جوعا .
في بداية الامر كانوا يتباهون بانهم سيقابلون السيد الرئيس . ولكنهم ومع الوقت راحوا يتمنون ولو اللقاء مع عزة الدوري او من ثم ولو كسرة خبز يتقوتون بها قبل ان يقتلهم الجوع والعطش .

ثلاثة ايام بلياليها وهم بلا اكل ولا ماء حتى راحوا يمنون انفسهم في الهروب من هذا الواقع الذي وضعوا فيه قسرا ولكن دون جدوى  .

ضاعوا تحت مرأى ومسمع كاميرات التصوير ليضحك من منظرهم الرئيس نفسه وحاشيته من الشامتين .
بعد 72 ساعة من الحالة اليائسة ، تأتيهم البشارة ان سيادة الرئيس بانتظارهم اليوم على الغداء .
لقد فرجت اذن وسيطعمهم الرئيس وسيكرمهم وسوف يتمتعون برؤية صورته وطوله .

قبل الدخول الى القصر الكافكوي ورؤية الرئيس ومقابلته من ثم ، كان عليهم الذهاب للحمامات والاغتسال . تم لهذا الغرض توزيع الملابس العربية على كل واحد منهم . وتم تفتيشهم جيدا وتم تغطيس اياديهم وفركها بمادة مطهرة من الجراثيم والاوساخ ، او من السموم التي قد تنقلها اياديهم الى يد السيد الرئيس ، وادخلوا من ثم في ايوان طويل صفت فيه موائد طويلة من الطعام الشهي الرئاسي ما يكفي لألف من الرجال الجائعين ، وهم الذين اطلقت عليهم تسمية شيوخ التسعينات ، البعثيين .

اجلسوهم على الكراسي المخصصة مع توصية حذار من الاكل قبل ان يأتي الرئيس ويسلموا عليه واوصوهم بما هو مسموح لهم :
- - عدم تقبيل خد الرئيس لان ذلك غير مسموح به .
- - تقبيل يديه والتمسح باكتافه مسموح .
- - عدم مد اياديهم الى الطعام الا حين يأذن الرئيس لهم . وحين يسحب يديه من الاكل ويقول الحمد لله تنسحب كل الايادي . وحذار من مخالفة الاتيكيت او سرقة الملاعق الثمينة ، فالكاميرات مفتوحة .
- كل ذلك هين ولكن متى سيأتي السيد الرئيس ؟ لقد تمنى كل واحد منهم امنية ان تبتدئ القيامة او يحدث مكروه لهم او للرئيس فتنتهي مأساتهم  .
- واخيرا وبعد ساعة تساوي قرنا من الزمان يأتي الرئيس
- وبعد السلام والتحية . وحياكم الله وحيا البصرة وعشائر البصرة
- قال الرئيس " يلّا شباب ، بسم الله " ومد يده لتمتد الايدي ولكن بعد لقمتين صغيرتين ، يسحب الرئيس يده ويقول " الحمد لله " فتنسحب الايادي الجائعة على مضض وكانوا يتمنون الموت ولا هذه اللحظة فأكل السيد الرئيس شهي وجوع ثلاثة ايام بلياليها لا تكفيه ساعتان من الاكل وهم لم يأكلوا سوى لثواني .
- نهض السيد الرئيس ليغسل يديه وقاموا هم كذلك . غسلوا ايديهم ومن ثم اُجلسوا قبالة الطعام ليشربوا الشاي .
- يشربوا الشاي على ماذا وهم مقتولون جوعا والطعام الرئاسي قبالتهم ؟ ولكن هكذا شاءت الاقدار .
- وفي هذه الاثناء ادخلت الكلاب البوليسية ، لا لتأكلهم ولكن لتأكل طعام الرئيس .
- - ولقد تمنينا ان نكون نحن الكلاب في تلك اللحظة . هكذا حدثني الراوي
- حين شبعت الكلاب اخرجت من الباب الذي دخلت منه . ونحن ننظر ونتضور جوعا ويأسا
- اثناء اكل الكلاب كنا ننظر للطعام وكان الرئيس يتفرس في وجوهنا ويبتسم منتشيا بانتصاره وهزيمتنا امام الطعام والكلاب
- بعد ان ذهبت الكلاب وبقايا الطعام لا تزال امامنا راح الرئيس يتكلم :.
- قال لنا كلمات لا اتذكرها جيدا كلها بفعل الجوع . ولكني اتذكر انه سبنا وسب البصرة واهاليها وعشائرها ، وشيوخها وقال :
- - ارايتم تلك الكلاب انها اشرف منكم ومن ابائكم واجدادكم ايها الانذال . ثم اضاف :
- - والله لو تثور في البصرة طلقة وحدة بعد اليوم انعل والديكم ووالدين البصرة واهلهه وعشايركم . يلا ولوّ هسه وخليّ حاضركم يخبر غايبكم .





 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter