|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأربعاء  30 / 7 / 2014                                  مسلم السرداح                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



ما قالته العصفورة للصياد

 مسلم يعقوب السرداح

هذه الحكاية من تراث العرب . تقول : يُروى أن أحد الصيادين اعتاد على جني رزقه مما يصطاده في الغابة . وفي ذات يوم نصب فخا و نثر فوقه الحب . فلما حط عليه عصفور ، أطبق الشباك عليه . . .

فرح الصياد بهذه الغنيمة ، و اتجه نحو العصفور و حمله و هو يمني نفسه و يفكر : " يا ترى هل آخذه إلى البيت لنأكله ؟ لا ، لا ، لا ، إنه صغير لا يشبع و لا يغني من جوع ، مهلا لماذا لا أبيعه في السوق لمن يريد أن يزين بيته بألوان هذا العصفور الجميل و يستمتع بشدوه العذب ؟ نعم ، فكرة . أو لما لا . . . "

قاطع العصفور حبل أفكاره و خاطبه :
- أيها الصياد ، أرجوك أنا عصفور صغير ، أبحث عن قوت صغاري مثلما أنت تفعل ، فأطلق سراحي أرجوك . . .
- لا ، لا ، لا ، و أدعك تضيع مني ، مستحيل .
- اسمعني ، فلنعقد صفقة ، سأعطيك ثلاث حكم مقابل إطلاق سراحي . . .
- حسنا ، تفضل . . .
- سأعطيك الأولى و أنا في الشباك ، و الثانية عندما أكون بين يديك ، و الثالثة عندما أكون فوق الشجرة . . .
- حسنا ، أنا موافق . أعطني الحكمة الأولى .
- لا تصدق المستحيل .
- حسنا ، حكمة جميلة ، ( يخرجه من الشباك ) ها أنت ذا بين يدي الآن أعطني الحكمة الثانية .
- لا تندم على ما فاتك .
- رائع ، و الحكمة الثالثة ؟
- حتى أكون فوق الشجرة . . .
- لك ذلك . ها قد أطلقت سراحك و الآن أعطني الحكمة الثالثة .
- قبل هذا ، و جب أن أخبرك شيئا .
- حقا ما هو ؟
- إن في بطني ما يعادل صاعين ذهبا خالصا .
- رباه ، يا حسرتي على ما فرطت . . . ليتني لم أطلق سراحك ، الآن و قد فات الأوان هات الحكمة الأخيرة .

و هنا قال العصفور متعجبا :
- طلبت منك ألا تصدق المستحيل ، فصدقت أن في بطني صاعين من الذهب ، مع انك لو وضعتني في الميزان انا والذي في بطني لما صار الوزن نصف ربع الصاع . و نصحتك ألا تندم على ما فاتك ، فندمت على إطلاق سراحي لظنك أن في بطني حقا صاعين ذهبا . . . لم تأخذ بالأولى و لا بالثانية ، فكيف أعطيك الثالثة ؟

ثم ولى يحلق حرا طليقا في الفضاء الواسع .

ربّاط الحكاية :
قيل عن البرلمان السابق منتهي الصلاحية ، انه برلمان يسير ضد مصالح الشعب العراقي حتى ان صحيفة الديلي ميل الواسعة الانتشار كانت قد وصفته بانه افسد برلمان في التاريخ . ووصفت الحكومة السابقة بالوصف نفسه . حتى ان العراقيين قد اطلقوا عليه مجلس النهاب . والناهب بدلا من النائب للسيد عضو البرلمان .

اما البرلمان الحالي فلقد تأمل الناس فيه الخير لسببين : الاول انه جاء بعد تعهد الكتل التي ينتمون اليها بتجاوز اخطاء البرلمان السابق في موضوعة الفساد والاستحواذ على المنافع والقرارات الشخصية وترك ما يخص رفع مستوى معيشة الشعب معلقا بظهر الغيب (على قول الراحلة ام كلثوم) .

والسبب الثاني يخص اولئك النواب عن التحالف المدني الديمقراطي الذين تأملنا فيهم الخير والشرف كله ، والذين لم يقولوا ومنذ اللحظة الاولى كلمة حق للشعب والتاريخ ، ولم يستنكروا ما يجري ، حتى ، مع ملاحظة انهم خارج لعبة الكتل الاسلامية التي شبعنا يأسا منها .

منذ اليوم الاول لانعقاد البرلمان الجديد الذي تأمل الناس فيه الخير في تجاوز فساد البرلمان والحكومة السابقة كانت اولى انجازاته هي عيدية اعضاء البرلمان البالغة 25 مليون دينار بالتمام والكمال ( اي اكثر من شدّتين اثنتين ، بحسب لغة المشتغلين بسوق الدولارات ) .

اذن الى كل من يأمل الخير في مثل هذا البرلمان اقول له ما قالته العصفورة للصياد: " لا تصدق المستحيل " والمستحيل هنا ان برلماننا بني على دستور خاطئ ، بني على الطائفية والمحاصصة لا يمكن ان يكون الا برلمانا فاسدا . والحكومة التي ستأتي في اثره ليست اقل فسادا .

واقول لمن انتخب هؤلاء البرلمانيين الحكمة الثانية للعصفورة :
" لا تندموا على ما فاتكم " فكل ما سيأتي انما هو نتاج اصابعكم البنفسجية !!!!!!!!!!!!!
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter