|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت 18/2/ 2012                                                          مسلم السرداح                                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

بمناسبة يوم الشهيد الشيوعي
يوسف سلمان يوسف

مسلم السرداح
Moslemsirdah4@gmail.com


الشهيد فهد في الثلاثينات

( حين يموت الفهد تأتي بعده الفهود ...... نقلت لي ذلك امي )

شهيد الشعب
في مثل هذا اليوم المصادف 15 – شباط من عام 1949 م ، ارتكب النظام الملكي الرجعي عدو الشعب العراقي مجزرته في اعدام الرفاق فهد وحازم وصارم .
يوسف سلمان يوسف كما يعرف غالباً باسمه الحركي فهد، هو أكبر و أول الناشطين السياسيين الثوريين في العراق كما يعتبر المؤسس الاول والاهم للحزب الشيوعي العراقي . أصبح بإعدامه أول سياسي يعدم في العراق ، ووصمة عار في جبين النظام الملكي النوري سعيدي التابع للامبراطورية البريطانية الحاكم في العراق الذي يدّعي زورا وبهتانا الديمقراطية.

حياته
ولــد في بغداد من أسـرة موصلية بتاريخ (8 تموز من عام 1901) ، عاش في البصرة وعمل فيها وتخرج من مدرسة السريان الابتدائية ومدرسة الرجاء العالي الأمريكية في البصرة حيث أتقن فيها اللغة الانكليزية ، وعين بعدها مترجما وفي مطلع العشرينات من القرن الماضي انتقلت أسرته إلى مدينة الناصرية فعمل في دار سينما ثم في معمل لصناعة الثلج يعود لأخيه ، وفتح مكتبة في الناصرية لبيع الكتب والصحف . وفي هذه الفترة انتمى إلى الحزب الوطني بزعامة جعفر أبو التمن سنة 1923 . كما عقد صداقة مع كامل الجادرجي مؤسس الحزب الوطني الديمقراطي فيما بعد (1946) وقد اتجه نحو الصحافة ، ومن الصحف التي كتب فيها جريدة البلاد (البغدادية) لصاحبها الصحفي الموصلي روفائيل بطي .

عمل كاتبا في دائرة توزيع الكهرباء في البصرة ، حيث اطّلع على احوال العمال عن كثب . وعاصر نضال عمال الميناء والسفن واضراباتهم .

نضاله
- مطلع العشرينات انتمى فهد الى اول حزب وطني شعبي تأسس في العراق ( الحزب الوطني العراقي ) برئاسة المناضل محمد جعفر ابو التمن . واصبح مساعد رئيس فرع هذا الحزب في الناصريه . فكان فهد ، وهو يمزج النضال الوطني بالنضال الطبقي يحس بعدم فاعلية اساليب النضال السائده آنذاك فأنكب على مطالعة الكتب الماركسية – اللينينية ، المتوفرة آنذاك ، مثل ( البيان الشيوعي , ما العمل , الدولة والثورة ) ومراسلة الصحف البغدادية مثل الشباب ، والبلاد ، والاهالي ، حتى اهتدى الى الماركسية , وكان يجيد اللغات العربية والكلدانية والأنكليزية والروسية , ومعرفته لهذه اللغات مكنته من تتبع الأحداث الدولية عبر الصحافة الأجنبية .

- آمن فهد بالنظرية الماركسيه فوجد فيها السلاح لمقاومة الظلم والاستغلال وتحقيق العدالة الاجتماعية .

- في غمرة كفاحه الوطني التقى بامثاله من رواد الحركة الشيوعية في العراق وأسس اولى الخلايا الشيوعية في البصرة والناصرية عام 1929 بين صفوف العمال والفلاحين وكانت اولى الخلايا الماركسيه التي تربط النظرية بالعمل وتساند الحزب الذي كان يترأسه محمد جعفر ابو التمن وهو الحزب الوطني ، وتجد فيه المجال العلني لنشاطها .

- قام بجولة في عدة اقطار عربية ( الكويت . سوريا ولبنان , فلسطين وشرق الأردن ) عام 1930 ونشر مقالاته عنها في جريدة ـ البلاد ـ وكان وقتها يرغب بالسفر الى الاتحاد السوفيتي حيث حاول الاتصال بالحزب الشيوعي الفلسطيني خلال زيارته لفلسطين لكنه لم ينجح . وكان قبلها قد حاول السفر الى الاتحاد السوفيتي في عام 1929 حيث سافر الى ايران واتصل بالقنصلية السوفيتية في شيراز من اجل السماح له بالسفر لكنه لم يتمكن لعدم حصوله على تزكية .

- حين ابرمت المعاهدة العراقية ـ البريطانية الرابعة والتي تم توقيعها في 30 حزيران 1930 وعرفت بمعاهدة 1930 , تزايدت النشاطات الجماهيرية المناهضة للمعاهدة , والمطالبة بالأستقلال , مما دعى فهد للعودة الى العراق ليكون في قلب الأحداث , حيث شارك في المؤتمر الوطني الذي تم عقده في 5 كانون الثاني 1931 , حسب ما ذكره شقيقه داود لعزيز سباهي , حيث سعى لعقده حزبا " الأخاء الوطني " و "الحزب الوطني العراقي" وقد شارك في هذا المؤتمر ممثلون عن العشائر وعدد من الشخصيات البارزة , إضافة الى ممثلي الحزبين وشخصيات غير حزبية , واسفر عن توقيع مذكرة تطالب بتعديل المعاهدة واسقاط الوزارة وحل المجلس النيابي .

- قاد فهد الاضراب العام في الناصرية عام 1931 والذي قتل فيه ( حسن عياش ) صديق ورفيق فهد . في مساء 13 كانون الأول عام 1932 اصدر فهد اول بيان يحمل شعار المطرقة والمنجل , ويا عمال العالم اتحدوا, ويعيش اتحاد جمهوريات عمال وفلاحي البلاد العربية , ووقعها بأسم " عامل شيوعي " وتم تعليق البيان في 18 مكانا في الناصرية .
عندها ضجت الدوائر الحكومية من نشاطه فأشتكوه الى زعيم الحزب الوطني " ابو التمن " بأن مساعد رئيس فرع الحزب في الناصريه رجل هدام فأجابهم ابو التمن :
(بل انه رجل بناء يحاول ان يبني مع الفلاحين والضعفاء حياة سعيدة للناس وانني اعضده بكل ما املك من جهد وطاقة) .

- كان اول عراقي يدافع عن الشيوعية ويعترف بأنه شيوعي امام المحاكم حيث اعلن شيوعيته بكل ثقة وثبات .

- في 20 شباط 1933 تم اعتقال فهد في الناصرية ، واطلق سراحه بتدخل من ابو التمن .

- كان الرفيق فهد دائم الاتصال بمنظمي الحلقات الماركسية في بغداد والمدن الاخرى .ونشط كثيرا في تعريف شيوعيي بغداد وتوثيق روابطهم بشيوعيي الناصرية والبصرة والديوانية والعمارة والنجف.

- تم تأسيس الحزب الشيوعي العراقي باسم ( لجنة مكافحة الاستعمار والاستغلال ) بتوحيد جميع الحلقات الشيوعية في تنظيم مركزي في 31 – آ ذار - 1934 وتم انتخابه عضوا في اللجنه المركزية للحزب.

- في كانون الأول 1934 ارسله الحزب الى موسكو للدراسة وهناك التقى برفيقة حياته وتزوج واثمر هذا الزواج عن بنت اسمها " سوزان " . زوجته واسمها (أرينا جيورجيفنا) كانت شيوعية وظلت حتى آخر حياتها تنتخب عضوة في المجلس الشعبي لمنطقتها . وابنته سوزان زارت العراق " الناصريه " مرة واحدة في السبعينات .

- شارك فهد في المؤتمر السابع للكومنترن " الاحزاب الشيوعية " الذي انعقد بين تموز وآب 1935 بصفة مراقب.

- شارك ايضا في مؤتمر الأتحاد العالمي للنقابات العمالية الذي انعقد في موسكو عام 1935 .

- انهى دراسته في مدرسة " كادحي الشرق " بتفوق حيث انهاها بسنتين بدلا من ثلاث سنوات . وسافر بعدها الى فرنسا وبلجيكا للتدريب على النضال الثوري الشيوعي بين صفوف عمال المناجم , وكان يدعى هناك بأسم "فردريك" . وعند نشوب الحرب الأهلية الأسبانية ابدى رغبته في التطوع في الفيلق الأممي لأسناد الجمهورية الأسبانية لكن طلبه رفض للحاجة له في مهمة إعادة بناء الحزب في العراق .

- في 30 كانون الثاني 1938 عاد فهد الى العراق ,بعد غياب ثلاث سنوات بين الدراسة في موسكو ومن جولته في بعض المدن الأوربية , فوجد الحزب قد تعرض لضربة قوية من قبل السلطات الحكومية , حيث نجحت السلطات في إعتقال قادة الحزب ومعظم كوادره , وانسحاب البعض من الحزب وظن اعداء الشيوعية , انه تم القضاء على الشيوعية في العراق , وان الحزب لن تقوم له قائمة بعد الان .

دور الرفيق فهد :

1- تعرف فهد على الأفكار الشيوعية خلال فترة عمله في الناصرية، حيث عمل مع رفاقه الأوائل في تشكيل أولى الحلقات الشيوعية في الناصرية وغيرها من مدن العراق، وكان لفهد الدور البارز في لمّ شمل هذه الحلقات المنتشرة في بغداد والبصره وغيرها من المدن وتأسيس الحزب الشيوعي العراقي الخالد في 31 آذار 1934.
2- شارك فهد في قيادة الحزب الشيوعي العراقي وفي عام 1938
3 - ذهب إلى الإتحاد السوفيتي للدراسة في معهد كادحي الشرق وبعد إكمال دراسته عاد إلى العراق وتسلم قيادة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي وكان له الدور الرئيسي في الإعداد للمؤتمر الوطني الأول للحزب الشيوعي العراقي والذي تم فيه إعداد النظام الداخلي والبرنامج الخاص بالحزب.

إعدامه
تم اعتقال فهد ورفيقيه المناضلين الكبيرين : زكي بسيم -"حازم" وحسين الشبيبي -"صارم" عام 1948 بسبب الانتماء للحركة الشيوعية والترويج لها، وتم الحكم عليهم بالاعدام . قاد فهد وحازم وصارم ومن المعتقل الانتفاضة الجماهيرية التي عمت مدن العراق في عام 1948 والتي سميت بوثبة كانون العظيمة وهي أنتفاضة قام بها الحزب الشيوعي العراقي عن طريق كوادره الطلابية والشبيبية والعمالية ضد النظام الملكي .

وبسبب حملات الاحتجاج العالمية اضطرت حكومة صالح جبر ابدال حكم الاعدام بالسجن المؤبد في 13تموز1947 وفي اليوم التالي تم نقله الى سجن بغداد المركزي , وفي ليلة 14-15 آب 1947 تم نقله الى سجن الكوت , وهناك حوّل فهد السجن الى مدرسة و معهدا ثوريا وكان يقود الحزب وهو في السجن من خلال الرسائل التي كانت تكتب بماء البصل, والرز . وبعد وثبة كانون1948. وتصاعد التوتر العالمي وفي 6-1-1949اصبح نوري السعيد الرجعي المعروف بعدائه للشيوعية رئيسا للوزراء واعلنت حالة الطوارئ والاحكام العرفية تحت ذريعة حماية مؤخرة الجيش في فلسطين واعلن نوري السعيد في البرلمان ان هدف حكومته ( ان تصفي الحساب مع الشيوعيين وتكافح الشيوعية حتى نفسها الأخير في البلاد ) .واعادت حكومة نوري السعيد محاكمة الرفيق فهد ورفاقه , وحكمت عليه المحكمة بالأعدام وتم تنفيذ حكم الأعدام قبل اعلانه وذلك يوم 14 شباط 1949 حوالي الساعة الرابعة والنصف من فجر ذلك اليوم .

ولقد اشرف السفير البريطاني بنفسه على المحاكمة وعلى تنفيذ الحكم وقال : (سوف لا تقوم قائمة للشيوعيين في العراق لعشر سنوات قادمة )  .

وقد كان إعدام فهد ورفاقه "عملا ظالما خارجا عن القانون العراقي الذي كان ساري المفعول آنذاك جملة وتفصيلا" كما جاء في مقال للدكتور وليد عبدالخالق ابراهيم في جريدة المؤتمر ليوم 14 أيلول 2001 , مفندا التهم التي بموجبها صدر حكم الأعدام , " فتهمة الأتصال بالأجنبي التي وجهت الى فهد ورفاقه كان يمكن ان توجه الى كافة اعضاء النظام الملكي آنذاك " وكذلك تهمة " التحريض على قلب الحكومة كان يمكن ان توجه الى كافة سياسيي النظام الملكي , حيث كان يحوك كل منهم الدسائس والمؤامرات للأخر " أما تهمة التظاهر واعمال الشغب والأضطرابات والتمردات فكان يمكن ان " توجه الى اعضاء حزب الأستقلال وبقية احزاب المعارضة وكافة شيوخ العشائر " .

ولقد كانت الحكومة الملكية الرجعية واهمة بأنها عندما قامت بإعدام سكرتير الحزب وعضوي مكتبه السياسي , وإعتقال كوادره , ومصادرة اجهزته الطباعية , وانهيار من كان يتولى المسؤولية الأولى الميدانية في الحزب وتحوله الى دليل للشرطة الجنائية , وتوجيهها بذلك ضربة شديدة وقاسية للحزب وتنظيماته , فأن الحزب سوف لن تقوم له قائمة , وان الشيوعية قد ماتت, وعاد الحزب لنشاطه بعد اقل من سنة .

فهد اول عراقي حكم بالأعدام لأنه شيوعي . وعند نقله من سجن الكوت الى بغداد قبل اعدامه قال لرفاقه :
ايها الرفاق : ( قد لا نلتقي بعد , انتم مسؤولون عن التنظيم وصيانة جوهركم الثوري.)

وعندما فتح باب الزنزانة واقتيد لتنفيذ الحكم قال لرفاقه :
( وداعا ايها الرفاق . صونوا حزبكم ). ( وداعا يا رفاقي وداعا ) وكررها ثلاث مرات .

وعندما سأله الجلادون من تريد رؤيته قبل الموت ؟ طلب رفيقيه زكي بسيم وحسين محمد الشبيبي وأخيه المعتقل داود وإحدى قريباته , وارسل الى امه رسالة شفوية مع أخيه قائلا : (انك ستذهب اليها , فبلغها : ان يوسف قد عذبك كثيرا واتعبك , الا انه لم يكن ثمة طريق آخر سوى هذا الطريق , طريق النضال الوطني في سبيل التحرر من الأستعمار ) .
وقبل اعتلائه المشنقة قال قولته الشهيرة : الشيوعية اقوى من الموت واعلى من اعواد المشانق

وبعد ثورة 14 تموز المجيدة تم رد الاعتبار لفهد ورفاقه . ففي 24/2/1959 اصدرت حكومة الثورة الخالدة قرارا بأعتبار الاعمال التي حُكموا بسببها هي من اعمال الكفاح الوطني التي تستاهل التقدير واعتبارهم " شهداء الشعب "

مؤلفاته
الف قرابة (10) عشرة كتب هي على التوالي : ((حزب شيوعي لا اشتراكية ديمقراطية )) ، ((قضيتنا الوطنية)) ، ((البطالة : أسبابها وعلاجها)) ، ((كفاحنا الوطني)) ، ((نضالنا الوطني الديمقراطي)) ، ((الوحدة العربية والاتحاد العربي)) ، ((سياستنا الأممية))



المصادر
مجموعة من الادبيات القديمة مع ويكيبيديا الانترنيت

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter